ينهي الملك محمّد السادس في الغابون جولة افريقية جديدة له جاءت بعد أشهر قليلة من جولة سابقة استهدفت تعزيز خط الاعتدال والتقدّم في القارة السمراء. شملت الجولة التي بدأت بمالي كلا من كوت ديفوار وغينيا- كوناكري أيضا. لم يكتف محمد السادس لدى زيارته مالي مرّة أولى قبل بضعة أسابيع، في مناسبة تنصب رئيسها الجديد المنتخب ديموقراطيا، ابراهيم ابوبكر كيتا بالمظاهر الاحتفالية. عاد اليها كي يتأكد من أن المغرب يتابع عن كثب تنفيذ المشاريع التي يضع الملك حجر الاساس لها.
ترك محمد السادس في مالي خلفه ورشة عمل تهتم بكلّ ما من شأنه توفير مستقبل أفضل للماليين. عاد الى باماكو ليتأكد من أن الامور تسير في الاتجاه الصحيح. عاد ليؤكد أنّه ليس من النوع الذي يؤسس لمشروع في المغرب وخارجه من أجل الاكتفاء بصورة تذكارية تظهره يضع حجر الاساس. هناك متابعة يومية لأيّ مشروع الى حين اتمامه وبدء تشغيله بالطريقة التي تخدم المجتمع والهدف المطلوب منه.
كانت ورشة العمل المغربية في مالي متكاملة نظرا الى أنها شملت تحسين الخدمات الطبية في البلد والاستثمار في مشاريع تخلق فرص عمل للمواطن العادي، مع العمل على تأمين المصالحة الوطنية بين كلّ المكوّنات المالية، أي بين الافارقة والعرب والطوارق. وقد استقبل محمّد السادس أخيرا في مراكش بلال آغ الشريف الأمين العام للحركة الوطنية لتحرير أزواد من أجل هذا الغرض. وهذا ما يؤكّد أن المغرب صار مرجعية لكلّ من يسعى بالفعل الى السلام والاستقرار في مالي والدول القريبة منها على طول الشريط الصحراوي.
فوق ذلك كلّه، باشر المغرب تكوين خمسمئة إمام مالي من أجل نشر تعاليم الاسلام الصحيح الذي ينبذ العنف بكلّ اشكاله وذلك استنادا الى تعاليم المذهب المالكي. هذا المذهب الذي يدعو الى الاعتدال والتسامح والاعتراف بالاخر والتعايش بين الاديان السماوية. ويبدو أن تجربة مالي في مجال تكوين ائمة في المغرب ستنسحب على بلدان أخرى من بينها كوت ديفوار.
للمغرب دور طليعي في دعم افريقيا على كلّ الصعد، نظرا الى أنه جزء لا يتجزّأ منها، كما أن القيادة فيه تعرف تماما أهمية أن تكون المملكة بوابة أوروبا الى القارة السمراء. ليس سرّ أيضا أن الجامعات المغربية تستقبل اثنتي عشر ألف طالب افريقي يتلقون علومهم العليا فيها في أجواء تشجّع على اكتساب المعرفة وتهيئة الشاب لخدمة المجتمع الذي ولد فيه بدل سلوك طريق التطرّف بأي شكل من أشكاله.
في كلّ الاحوال، كان ردّ الفعل المغربي على كلّ من ينتقد توجهاته الافريقية في محلّه. كشف أن القافلة المغربية تسير الى أمام في اتجاه تحقيق الاهداف المرجوّة وأنّ ولا شيء يمكن ان يوقفها.
فالعاهل المغربي وهو يتابع جولته الافريقية، شدّد في ابيدجان في افتتاح “المنتدى الاقتصادي المغربي- الايفواري” على أهمية تخلّص افريقيا من رواسب الماضي وأن تستعيد القارة السمراء ثقتها بامكاناتها ومواردها وبما تذخر به من كفاءات بشرية متوثّبة. بالنسبة الى محمّد السادس، لم تعد افريقيا قارة مستعمرة، بل صارت قارة “حيّة”. نعم، افريقيا قارة حيّة ليست في حاجة الى مساعدات انسانية بمقدار حاجتها الى شراكات ذات نفع متبادل ومشاريع التنمية البشرية والاجتماعية. هذا ما يؤمن به المغرب الذي يسعى الى جعل افريقيا تتخلص من أي عقد تحكّمت بدولها في القرن الماضي. ما يسعى اليه المغرب يتمثّل في تحقيق نقلة نوعية على الصعيد الافريقي تفضي الى الاستفادة من قدرات القارة ومن التعاون بين الجنوب والجنوب.
ما فعلته بعض الجهات، المتضررة من تطوّر افريقيا، يطرح اسئلة كثيرة، خصوصا أنّ التعاون الذي قام بين أي جهة وبين المغرب استهدف في كلّ وقت تحقيق هدف واضح يتمثل في ضمان المصالح المشتركة من جهة ومواجهة الارهاب بكلّ اشكاله من جهة أخرى.
في كلّ الأحوال، يؤدي محمّد السادس واجبه نحو أبناء شعبه ونحو الدول الأفريقية التي على علاقات جيّدة بالمغرب. يدفع المغرب الدول الافريقية التي يزورها محمّد السادس نحو الخروج من أسر الافكار القديمة والشعارات البالية التي غالبا ما استخدمتها أنظمة مثل النظام الجزائري لعرقلة أي تقدّم لدى الشعوب الافريقية في أي مجال من المجالات.
أين المشكلة في أن يستثمر المغرب في علاقات الجنوب بالجنوب وعلاقات الجنوب بالشمال الاوروبي بمنطق القرن الواحد والعشرين بديلا من منطق الاستعمار القديم؟
أين المشكلة في أن يكون التعاون المغربي مع هذه الدولة الافريقية أو تلك في سياق مشروع يأخذ في الاعتبار كلّ ما يهمّ دول المنطقة خصوصا تلك الواقعة على طول الشريط الساحلي. هذا المشروع يركّز على شن حرب على الفقر لأنّ الفقر هو ما يتغذى منه الارهاب. هذا المشروع يركّز أيضا على استغلال الموارد الموجودة بطريقة علمية. من يحتاج الى دليل على ذلك يستطيع العودة الى الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والغابون في مجال الاسمدة وذلك لتعزيز الأمن الغذائي في افريقيا والعالم. فنسبة ثمانين في المئة من الاراضي الزراعية للقارة السمراء غير مستغلّة.
تخلق الشراكة الاستراتيجية التي ستؤدي الى انتاج ملايين الاطنان من الاسمدة، التي تصلح للارض الافريقية ولا تسيء الى البيئة، خمسة آلاف فرصة عمل في المغرب والغابون. انها ليست سوى بداية في عملية طويلة اسمها التنمية المستدامة. الاكيد أن هناك من سيسعى الى الاساءة الى المغرب لأنّ هناك من لا يريد الخير لافريقيا. ولكن مثلما ربحت دول القارة السمراء حروب الاستقلال التي خاضتها في القرن العشرين، سيكون عليها خوض معركة الحرب على الفقر والارهاب في القرن الحادي والعشرين. هناك من يساعدها في ذلك بكلّ تواضع. هناك المغرب، وهو بلد متصالح مع نفسه أوّلا يمتلك دستورا متقدّما…ولذلك يستطيع مساعدة الآخرين نظرا الى أنه ساعد نفسه أوّلا.
بشرى عظيمة يجب أن يعلم بها جلالة الملك محمد السادس المؤيد بالله. • إن جلالته لهو باب الفرج الوحيد المتبقي للبشرية جمعاء كما الجنة. • قد رفض الفقهاء و”العلماء” التذكير القرآني الثاني المخلص الذي أبلغ بقسط منه منذ أكثر من 8 سنوات والذي أخرسهم أجمعين بالتمام والكمال وعجزوا عن رد شيء منه تمام العجز كما عجز كل أهل القرآن غيرهم عموما. • ورفضوه بطبيعة الحال لأنه ينسف جل ما يبلغون به الناس مدعين أنه من عند الله وهو في الأصل من عند الشيطان يناصره مناصرة عظيمة ليس لها مثيل؛ وتباعا لأنه يهدد تجاراتهم كلها بالكساد. • فوحده جلالة الملك محمد… قراءة المزيد ..