في 19 آب/أغسطس، قدم الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد قائمة مرشحيه للمناصب الوزارية في حكومته إلى “مجلس الشورى الإسلامي” (البرلمان الإيراني). إن اختيار الرئيس لأفراد معينين [ليكونوا أعضاء في حكومته] يبين بوضوح تفضيله الولاء على الكفاءة، حيث قام بفصل كل وزير كان قد عارضه في الآونة الأخيرة في قراره المثير للجدل حول تعيين أحد أقرباء الأسرة كنائب أول للرئيس، بالرغم من أن هؤلاء الوزراء كانوا يدعمون أحمدي نجاد بقوة في معظم القضايا. إن حملة أحمدي نجاد لتنصيب الموالين له [لمراكز وزارية] تشمل تعيين أفراد من الجيش والاستخبارات في مجلس الوزراء، وفي غيره من المراكز الحكومية المهمة الأخرى. ولكن، على الرغم من التعيينات التي يقوم بها الرئيس، لا يزال المرشد الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي، يسيطر بصورة حازمة على الوزارات الحيوية في البلاد.
الموافقة على أعضاء مجلس الوزراء
[من المقرر أن يصوت] “مجلس الشورى الإسلامي” [“المجلس”] على تعيينات الرئيس الوزارية في 23 آب/أغسطس، إما بالموافقة عليها أو بالرفض. ويتمتع أحمدي نجاد بيد حرة نسبياً لاختيار غالبية مقاعد مجلس الوزراء، ولكن من جميع النواحي العملية، إن [التعيينات في] الوزارات الرئيسية في البلاد – الاستخبارات، والشؤون الخارجية، والداخلية، والدفاع، والثقافة والإرشاد الإسلامي — قد تمت الموافقة عليها مسبقاً من قبل خامنئي قبل قيام الرئيس بتقديم أسماء المرشحين. وعلى هذا النحو، من المؤكد أن يوافق “المجلس” على تعيين المرشحين لهذه المناصب بصفة خاصة. ويتمتع الرئيس أيضاً بسلطة مباشرة لتعيين سكرتير “المجلس الأعلى للأمن القومي” — الشخص المسؤول عن الملف النووي الإيراني والمفاوضات — ولكن بسبب الأهمية الخاصة لهذا المنصب بالنسبة لخامنئي، يجب أيضاً أن تتم الموافقة عليه مسبقاً.
الشؤون الاقتصادية والخارجية
تشير ترشيحات أحمدي نجاد بأنه غير منزعج من الانتقادات المستمرة لسياسته الخارجية وجدول أعماله المتعلق بالشؤون الإقتصادية، لأن وزراء الشؤون الخارجية، والصناعات والمناجم، والشؤون الاقتصادية، والتعاونيات، والطرق والنقل سوف يبقون في مناصبهم. وقد قام الرئيس باختيار مسعود مير كاظمي، الذي سبق أن شغل منصب وزير النفط، ليصبح وزيراً للتجارة. ومن المتوقع أيضاً أن يعيد أحمدي نجاد تعيين سعيد جليلي أميناً لـ”المجلس الأعلى للأمن القومي” — وهو تطور يبدو أنه سيضعف الأمل في حدوث تغيير في استراتيجية إيران النووية.
الحرس الثوري مسؤولاً عن الشؤون الداخلية
قال مؤخراً القائد العام [للباسدران أو] “فيلق حرس الثورة الإسلامية” [“الحرس الثوري”]، محمد علي جعفري، “كان هناك تصور بأن مواجهة التهديدات الصعبة كانت أولوية قصوى، ولكن بعد دراسة متأنية، وصلنا إلى استنتاج مفاده بأن من واجب “فيلق حرس الثورة الإسلامية” مواجهة تهديدات النظام اللينة، بما في ذلك الثقافية، والاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية”. وقد تميزت فترة رئاسة أحمدي نجاد الأولى بـ’صعود’ “الحرس الثوري” [واندماجه في] النظام السياسي الإيراني. وإذا ما أخذنا بعين الإعتبار تركيبة المرشحين للمناصب [المختلفة] في حكومة أحمدي نجاد الجديدة، سوف يستمر هذا الاتجاه — مدعوماً باقتراح جعفري بأنه ينبغي أن يتولى “الحرس الثوري” مناصب حكومية رفيعة في المجال السياسي والثقافي — خلال ولاية أحمدي نجاد الثانية:
“وزير الداخلية”. صادق محصولي، وزير الداخلية التي انتهت ولايته، لم يجر ترشيحه من جديد. لقد كان محصولي المعروف باسم ” الملياردير – جنرال ‘الحرس الثوري’ “، المسؤول الإيراني الرئيسي عن الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل [التي جرت] في حزيران/يونيو المنصرم. إن قيام أحمدي نجاد بالاستعاضة عنه، [يشير] بأن الرئيس قد يحاول منع قيام “المجلس” [بإجراء] المزيد من المناقشات حول الانتخابات، حيث سيكون هناك نقاش كبير حول سجل الوزير. ومن المحتمل أيضاً بأن الرئيس لم يكن راضياً عن إدارة محصولي للإنتخابات [والإشراف عليها]، مع وجود مزاعم واسعة النطاق عن قيام أعمال غش ومظاهرات شعبية في الشوارع. وقد تم ترشيح مصطفى محمد نجار — وهو رجل مهني محترف في “الحرس الثوري” – لخلافته، بعد أن كان وزيراً للدفاع – لمدة أربع سنوات – في حكومة أحمدي نجاد [المنتهية ولايتها]، وله علاقة وثيقة مع خامنئي.
“وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي”. تم اختيار محمد حسيني، الذي يأتي من وسط الاستخبارات، لهذا المنصب. وإذا ما وافق “المجلس” على تعيينه، يمكن الإعتماد عليه بأن يتبع [سياسة] سلفه، محمد حسين صفار هرندي، في وضع قيود على دور النشر، والصحافة، وصناعة السينما، والفنون بصورة عامة.
“وزير النفط”. مسعود مير كاظمي، الذي شغل لسنوات عديدة منصب رئيس “مركز الدراسات الإستراتيجية التابع للحرس الثوري”، تم اختياره وزيراً للنفط.
“وزير الدفاع”. تم اختيار الجنرال أحمد وحيدي، الذي له اتصالات مع “فيلق القدس الإيراني” [التابع للحرس الثوري]، وزيراً للدفاع. وهو مطلوب من قبل الانتربول، مع محسن رضائي، القائد العام السابق لـ “الحرس الثوري”، وعلي فلاحيان وزير الاستخبارات السابق، بتهمة التورط في التفجير الذي استهدف مركزاً يهودياً في الأرجنتين عام 1994.
“وزير الإستخبارات”. حيدر مصلحي هو رجل دين، كان ممثل خامنئي في “الحرس الثوري” وميليشيا “الباسيج”، ورئيساً لـ”منظمة الأوقاف والشؤون الخيرية”. وقد تلقى تدريبه في “معهد الإمام الخميني للتعليم والبحوث”، الذي يديره محمد تقي مصباح يزدي – وهو رجل دين متشدد في مدينة قم. وفي خطاب ألقاه مؤخراً لأعضاء “الباسيج”، قال مصباح يزدي، المعروف بتأييده لأحمدي نجاد، بأن “الطاعة للرئيس هي طاعة لأمر الله والإمام الغائب”. وعلى الرغم من قلة خبرة مصلحي في مجال المخابرات، ليس من المرجح أن يقوم “المجلس” بمناقشة قرار أحمدي نجاد والتشكك فيه، لأنه يُفترض بأن خامنئي كان قد وافق مسبقاً على قرار اختيار مصلحي.
اتساع الفجوة بين رجال الدين وأحمدي نجاد
يعتبر أحمدي نجاد نفسه بأنه الممثل الحقيقي للفكر الإسلامي النقي، كشخص لا يحتاج إلى توجيهات رجال الدين في القضايا السياسية. وعلى هذا النحو، ساءت العلاقة بين أحمدي نجاد والمؤسسة الدينية في إيران على مر السنين — وإن لم يكن ذلك مع خامنئي، الذي هو رجل سياسي أكثر من أن يكون رجل دين.
إن ترشيح أحمدي نجاد لثلاث نساء في حكومته – في وزارات الصحة، والتعليم، والرعاية الاجتماعية والضمان الاجتماعي — يمكن أن يؤدي إلى تفاقم هذه التوترات. فالكثير من أعضاء “المجلس” يعتبرون هؤلاء المرشحات غير مؤهلات، بينما يرى العديد من رجال الدين المحافظين في قم، مثل آية الله لطف الله صافي، بأن هذه الخطوة تمثل انتهاكاً للشريعة الإسلامية.
إن الحدث الرئيسي الذي كشف عن عمق الانقسام بين أحمدي نجاد ورجال الدين، هو دعم الرئيس غير المشروط لرحيم ماشائي، الذي يرتبط بقرابة عائلية مع أحمدي نجاد [إبن ماشائي متزوج من إبنة أحمدي نجاد]. وقد أثار ماشائي غضب المحافظين عندما قال أن إيران ليست على خلاف مع شعب إسرائيل، على الرغم من أنها قد تكن الضغينة لدولة إسرائيل. وفي الأسابيع الأخيرة من ولايته الأولى عين أحمدي نجاد، رحيم ماشائي، الذي كان في ذلك الوقت مدير “منظمة التراث الثقافي”، كنائب أول للرئيس. ولكنه، عندما واجه ضغطاً لم يسبق له مثيل من قبل رجال الدين والمحافظين — ومعارضة العديد من أعضاء الحكومة السابقة – لم يغير أحمدي نجاد من قراره إلى أن تدخل خامنئي وأجبره على القيام بذلك. ثم قام الرئيس بعد ذلك بتعيين ماشائي رئيساً لطاقم موظفيه، أي مدير مكتب الرئيس. وبالإضافة إلى تصريحاته حول إسرائيل، تكن المؤسسة الدينية الضغينة لماشائي، لأنه وأحمدي نجاد، يؤمنان بعودة وشيكة للإمام المهدي (الإمام الثاني عشر) — وهو حدث من شأنه أن يجعل [مناصب] رجال الدين غير ضرورية.
الخاتمة
تكشف قائمة مرشحي أحمدي نجاد لمجلس الوزراء عن ثقته بنفسه واستعداده للوقوف أمام تحدي “المجلس” الذي يغلب عليه الطابع المحافظ. وقد أعرب زعماء “المجلس” بالفعل عن قلقهم من المرشحين المحتملين لأحمدي نجاد، ولكن الرئيس تجاهل اعتراضاتهم. ويقال، بما أنه يعتقد بأنه قد حصل على أصوات [في الأنتخابات الأخيرة] أكثر مما حصل عليه جميع أعضاء “المجلس” مجتمعين، فلا يتعين عليه التوصل إلى حل وسط معهم. وقد جاء [اختيار] مرشحي أحمدي نجاد للحكومة الجديدة أيضاً نتيجة تنسيق غير رسمي مع خامنئي. وعلى الرغم من أنه من المرجح بأن يختلف “المجلس” مع أحمدي نجاد حول بعض اختياراته، فإن السياسات التي اتبعها الرئيس خلال فترة ولايته الأولى سوف تستمر خلال فترة ولايته الثانية، كما يتضح ذلك من خلال [ترشيح] نفس الأشخاص للوزارات الرئيسية — بموافقة خامنئي – والعدد المتزايد من أعضاء “الحرس الثوري” ورجال المخابرات الذين يشغلون مناصب قيادية حكومية.
مهدي خلجي
مهدي خلجي هو زميل أقدم في معهد واشنطن، يركز على السياسة الإيرانية وسياسة الجماعات الشيعية في الشرق الأوسط.