قبل خمسين عاما اجريت مقابلة مع المرحوم عبداللطيف ثنيان الغانم احد اهم قادة العمل الديمقراطي الوطني ورئيس المجلس التأسيسي الذي وضع واقر دستور دولة الكويت . سالته عن اهم ما كان يشغل بال الأمير المؤسس عبدالله السالم رحمه في ذلك الوقت. فكان ردّه انه كان معنيا بثلاث قضايا… الحريات العامة.. الانتماء العربي للكويت .. وتنسيق ولاية العهد. ( “المقابلة موجودة على “تويتر”، اكتب “عبد اللطيف ثنيان الغانم” تطلع”).
وهكذا كان.. اكدت المادة الاولى في الدستور عروبة الكويت. وحرًّمت المادة 175 اي تنقيح لمبادئ الحرية والمساواة ما لم يكن التنقيح لمزيد منها. في حين قصرت المادة الرابعة حق تعيين وتزكية ولي العهد لأمير البلاد دون اي طرف آخر. ووفرت المادة لمجلس الامة حق الامتناع عن مبايعة خيار الامير الاول، ولكنها في نفس الوقت فرضت على مجلس الأمة “فرضا” ان يقبل في النهاية بمن يزكيه الامير. اي ان اختيار ولى العهد حق اميري خالص.. لا ينازع الامير فيه اي طرف… لا العائلة الحاكمة ولا مجلس الامة ولا حتى الناس جميعا. وهذا هو واقع الحال الان.. فإن ما لم يجر تعديل على الدستور فإن الإمارة وولاية العهد شان أميري حالص. من حق الناس ان تبدئ اراءها، بل ان توافق او تعترض، ولكن في النهاية يبقى تعيين ولي العهد شأنا أميريًا خاصا لا منازع للأمير فيه.
يحاول البعض هذه الايام ان يمنح مجلس “محمد المطير” حق اختيار امير البلاد بحجّة انه المخول الوحيد بحسم الصراعات والنزاعات على مسند الإمارة باعتباره هو الأمة مصدر السلطات. وان بالامكان تكرار ما حدث في عام 2006 حين تولى مجلس الامة تعيين امير البلاد.
مجلس الأمة لم يعين أمير البلاد عام 2006.. بل عيّنه مجلس الوزراء وفقا للمادة الرابعة من قانون توارث الامارة “إذا خلا منصب الأمير قبل تعيين ولي العهد، مارس مجلس الوزراء جميع اختصاصات رئيس الدولة”. فمجلس الوزراء “بممارسته لاختصاصات الأمير اي رئيس الدولة” هو الذي عين الشيخ صباح أميرًا، ومجلس الأمة وافق على التعيين وبايع الشيخ صباح. مجلس الأمة لم يعين الشيخ صباح.. بل عيّنه مجلس الوزراء الذي مارس وفق المادة الرابعة من قانون توارث الامارة، مارس اختصاص الأمير… اي ان الذي عين الشيخ صباح هو الأمير او من قام باختصاصاته وليس مجلس الامة. ودستور دولة الكويت اناط بمجلس الوزراء وحده وبمفرده ممارسة أختصاصات الأمير دون مجلس الامة. وهذه قضية اساسية هنا فمجلس الأمة مبعد تماما عن شؤون ترتيب بيت الحكم .. فهذا شان اميري خالص، وبغياب الامير فان مجلس الوزراء وليس مجلس الامة هو المخول دستوريا بتعيين الامير.
وشتان بين 2006 واليوم.. ففي ذلك الوقت افتقدنا الامير المرحوم الشيخ جابر في حين ان ولي العهد الشيخ سعد الله يرحمه كان غير مؤهل صحيا لتولي مسند الامارة. بل عجزَ عن اداء القسم.. هنا كان لزاما على مجلس الوزراء تفعيل المادة الرابعة وممارسة اختصاصات الامير بحكم غيابه وعدم اهلية ولي عهده. حاليا سمو ولي العهد الشيخ مشعل الاحمد مؤهل وهو الذي يمارس هذه الايام صلاحيات الامير.. لهذا فان الامر محسوم دستوريا “”إذا خلا منصب الأمير نودي بولي العهد أميرا“” المادة الرابعة من قانون توارث الامارة الدستوري. وانتقال مسند الامارة مكفول للشيخ مشعل وفقا للدستور. هكذا الامر “نودي” اي بترتيب مسبق ومحسوم وليس بحاجة الى موافقة اي جهة.. لا مجلس الامة ولا مجلس الوزراء .
ويبقى السؤال لمصلحة من يجري التشكيك الحالي في سلاسة انتقال السلطة..؟
ومن يدفع لإثارة المشاكل واختلاق المعوقات والعراقيل الوهمية لخلق فوضى يأمل ان تؤدي الى اسقاط نظام توارث الامارة الدستوري واستبداله بنظام الغوغاء والمتهافتين على السلطة .؟