يتردد في الأخبار كلام عن حملة عسكرية إسرائيلية جديدة على غزة. ولا تستهدف هذه المقالة تحليل احتمالات أن تقع الحملة أو لا تقع. وبالقدر نفسه، لا تستهدف تحليل الدوافع الإسرائيلية. نُشر العشرات، وربما المئات من التحليلات “الطازجة” في الأسبوعين الماضيين، إضافة إلى ما تبثه الفضائيات من مقابلات وتصريحات. وكلها تغني وتزيد.
كل ما في الأمر أن ثمة ما يشبه النص الغائب، والمسكوت عنه، في الكلام عن غزة.
يحضر الغائب والمسكوت عنه إذا طرحنا سؤالا من نوع:
هل كان ما حدث في غزة، ولغزة، بعد الانسحاب الإسرائيلي، وتفكيك المستوطنات قبل خمس سنوات، قدرا لا فكاك منه، أم نجم عن عمى البصر والبصيرة؟
ما حدث في غزة، ولغزة، منذ ذلك التاريخ نجم عن عمى بصر الفلسطينيين وبصيرتهم. فقد كان الخيار الأمثل في اليوم التالي للانسحاب تجريد الميليشيات من السلاح، مع الحفاظ على سلاح الشرطة فقط، والانخراط في مشروع للبناء والتعمير لترميم حيوات خرّبتها سنوات الاحتلال الطويلة، وتقديم نموذج للعالم مفاده أن لدى الفلسطينيين القدرة على ترميم حياتهم، والاستثمار في التعليم والصحة والبنية التحتية، وحكم أنفسهم بأنفسهم، حتى لو خرج الاحتلال من غزة وحاصر مخارجها ومداخلها.
لو حدث ذلك لما احتاج الفلسطينيون في غزة للأنفاق، ولفقد الإسرائيليون ذرائع حقيقية لتضييق الخناق عليها. وفوق هذا وذاك، لو حدث ذلك لما وقع الاحتراب الأهلي والانقلاب.
ولو حدث ذلك، وقال الفلسطينيون في اليوم التالي للانسحاب الإسرائيلي: فزنا في غزة بالنقاط (وقد كان تفكيك المستوطنات وإخراج المستوطنين لحظة فارقة في تاريخ الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي) وعلينا الآن نقل الحرب إلى الضفة الغربية، لكان ذلك القول مقبولا ومفهوما، ولكانت حرب الضفة أكثر كفاءة.
لكن ذلك كله لم يحدث، وبدلا منه انطلقت الصواريخ (بصرف النظر عن فاعليتها وجدواها) في اتجاه البلدات الإسرائيلية المحاذية للقطاع، دون أن يتوقف أحد لبرهة من الوقت للإجابة على أسئلة من نوع:
ما هي القيمة الإستراتيجية لصواريخ غزة في السياق العام للمجابهة الفلسطينية ـ الإسرائيلية، وكيف تخدم مشروع دحر الاحتلال في الضفة الغربية، وبماذا تعود على غزة؟
بمعنى آخر: هل تحصل غزة مقابل ما تدفع من دمها ودموعها على ما يبرر الثمن؟
لكل هذه الأسئلة إجابات بلاغية جاهزة تبدأ من: “تلقين العدو درسا لن ينساه” لتصل إلى تحرير فلسطين من النهر إلى البحر. والمأساوي في الأمر، أننا أضعنا الدرس الحقيقي الوحيد الذي نجحنا في تلقينه للعدو، عندما أرغمناه على تفكيك المستوطنات وإخراج المستوطنين، وأننا أضعنا فرصة تمكين غزة من ترميم حياتها.
ستجد، طبعا، ما لا يحصى من الردود، التي يستهدف أصحابها (على اختلاف مبرراتهم الدينية والقومية) تعليمك حقيقة أن فلسطين تستحق أكثر. والمفارقة أن أحدا لن يتوقف أمام حقائق “قليلة الشأن” من نوع:
أننا نخوض قتالا تراجعيا منذ ستة عقود، وأن كل عام يأتي يكون أسوأ مما سبقه، وأننا كلما نجحنا في تحقيق إنجاز ولو كان متواضعا ننجح أكثر في عدم الاستفادة منه والبناء عليه، وأن فلسطين التي تستحق أكثر لا تُقاس بالبلاغة والبيانات، ولا بالتضحية والتضحيات، بل بكل متر مرّبع نتمكن من تثبيت وجودنا عليه.
ولكن، وما قيمة هذا الكلام بأثر رجعي، طالما أن كل ما لا ينبغي أن يقع وقع؟
ولا قيمة حقيقية لهذا الكلام، إلا بقدر ما تكون للفكر النقدي قيمة في زمان ومكان محددين. ولا قيمة في الوقت الحاضر للفكر النقدي في فلسطين والعالم العربي، إذا كان المقصود قدرته على تغيير الواقع، أو التأثير فيه وعليه بطريقة ملموسة. ثمة محاولات نقدية قليلة العدد ومبعثرة هنا وهناك، لكن الأغلبية في واد والأقلية في واد آخر.
ولا علاقة لنتيجة كهذه بالتفاؤل أو التشاؤم، بل بالقراءة الموضوعية للواقع، التي ينبغي ألا تكون مشروطة بما تسفر عنه من نتائج مفرحة أو مخيّبة للآمال، وإلا أصبحت نوعا من التفكير الرغبي. كل ما في الأمر أن للمراحل التاريخية منطقها، وأن حرق المراحل غير ممكن.
وطالما أن لا قيمة حقيقية للكلام بأثر رجعي، فما ضرورة استرجاعه؟
وعلى سبيل الجواب ربما نفكر في أشياء من نوع:
أن ثمة، دائما، أكثر من خيار أمام بني البشر، وأن تعددية الخيارات مصدر الحكم لهم أو عليهم، وأن المسؤولية الأخلاقية تنجم عن تعددية الخيارات، وأن الحكمة السياسية هي الاسم البديل لمهارة الموازنة بين الخيارات، وأن الاقتصاد في الدم والبلاغة خيار، أيضا.
فأين نحن من هذا كله؟
مجرّد سؤال في مشهد يُطل على كارثة.
Khaderhas1@hotmail.com
كاتب فلسطيني يقيم في برلين
جريدة الأيام
مجرد سؤال في مشهد يطل على كارثة..!! – اذا لم يعمل رابط (وكيليكس) في التعليق , فهنا (مرآة) للنص الاصلي , فتقنية المرآيا تختلف باختلاف تقنية(الرقابة والتعتيم)التي تنتهجها كل (سلطة) VZCZCXRO4174 OO RUEHROV DE RUEHTV #1732/01 1641603 ZNY SSSSS ZZH O 131603Z JUN 07 FM AMEMBASSY TEL AVIV TO RUEHC/SECSTATE WASHDC IMMEDIATE 1626 INFO RUEHXK/ARAB ISRAELI COLLECTIVE PRIORITY RUEKJCS/SECDEF WASHDC PRIORITY RHEHNSC/NSC WASHDC PRIORITY RHMFISS/HQ USEUCOM VAIHINGEN GE PRIORITYS E C R E T SECTION 01 OF 03 TEL AVIV 001732 SIPDIS SIPDIS E.O. 12958: DECL: 06/13/2017 TAGS: PREL PTER PHUM MARR MASS KPAL KWBG EG IS SUBJECT: ISA CHIEF… قراءة المزيد ..
مجرد سؤال في مشهد يطل على كارثة..!! (SOCRATES “before 403 B.C.” : you must think me happy indeed if you think I know whether VIRTUE can be taught or how it comes to be, I am far from knowing whether virtue can be taught or not that I do not even have any knowledge of what virtue itself is , I my self , am as poor as my fellow citizens in this matter, and blame myself for my complete ignorance about virtue. If I do not know what something is, how could I know what qualities it possesses? Or… قراءة المزيد ..
مجرد سؤال في مشهد يطل على كارثة..!! خالد الخطيب — haledkhateeb@ymail.com ما احوجنا الى من يقولون لنا الحقيقة دون لف او مواربة. ما احوجنا الى زعماء واقعيين يرغبون في خدمة شعبهم ووطنهم، لا التسلط وتكديس الاموال على حساب اراملنا وايتامنا وآبائنا وامهاتنا الذين ثكلوا ابناءهم في اعقاب مغامرات ومقامرات زعمائنا. ما احوجنا الى من يقومون بالبناء ويمنحون جهودهم للشعب والوطن من دون ان يطالبوا بالبدل او بالتعويض. شكرا يا استاذ حسن على قولك الحق دون وجل وعلى فتح عيوننا على الواقع لاننا لن نتمكن من اقامة دولتنا العتيدة الا على اسس الاخوة والحق والتفكير البنّاء. كثيرون هنا في القدس العربية… قراءة المزيد ..
مجرد سؤال في مشهد يطل على كارثة..!!
rn — stern_43@yahoo.de
يا ايها الكاتب المحترم . 1-هذة الارض بالاساس ليست للعرب 2-لقد تم بيع فلسطين من قبل الحكام العرب 3-الفلسطينين لا يستحقون فلسطين 4-الاردن هو الوطن البديل كما يعرف الجميع وحتى الرؤساء 5-60 سنة ونفس الموال والقصة ,لو بدها ترجع لرجعت . 6-من سيقاتل اسرائيل ؟ العرب الغير متفقين مع بعضهم ام من ؟ 7-الحكام العرب يعملون لدى اسرائيل ولهذا اقول لك انسى الموضوع بلا فلسطين بلا قرف.