إذا صدقت رواية الجنرال ، يكون مجد الاغتيال أعطي له، ولو متأخرا سنوات عن أنداده في “14 آذار”، ويكون أسكت أسئلة “الخبثاء” وتساؤلاتهم “الوقحة” عن سبب خلو لائحة المرشحين للموت من أي اسم من قيادات 8″ آذار”، برغم عداء هؤلاء المُجهر لـ”الدولة الصهيونية المحتلة المسخ”(الخ)، التي تريد بالاغتيالات إشعال الفتنة في وطن الأرز، وللولايات المتحدة الأميركية المسؤولة عن كل سيئات الكرة الأرضية، وكل تآمر على “الممانعة والمقاومة” ومن يلف لفهما.
إذا صدقت رواية الجنرال، تكون الأقدار منحته أفضل حجة ترويجية لتبرير تنطحه لزعامة المسيحيين التي يزعم تفرده بها، فكيف وهي ترافقت مع استيلاد “قوات الحنون اللبنانية”، وتهجمه الدائم على خصمه القوي سمير جعجع، وسعيه الأبدي إلى استنباش صفحات الحرب السوداء، من مقبرة حالات الوهمية إلى قذائف عيون أرغش المهترئة، وهو القائل إنه لا يبني مواقفه على أحاديث الزواريب، ويرفق كل ذلك بتجاهل أياديه البيض من حرب التحرير إلى حرب الإلغاء، وما بينهما من حسابات ضيقة تنحصر ، كما اليوم، بين جنبات قصر بعبدا، حيث ترك جنوده وضباطه وعائلته، والتجأ إلى السفارة الفرنسية للنجاة بشخصه الكريم.
ليس الجنرال كالآخرين، فيبحث عن مكان آمن كمعراب التي لجأ إليها النائب انطوان زهرا، بل هو يتصدى “للأشرار”، كسوبرمان الأميركي الشهير،لأنه يرى “المعركة للأقوياء فقط” وهو منهم و”عكس السير”، على مستوى المنطقة، و”عصي على مجتمع فاسد ومافياوي”، على المستوى المحلي، لذا يريدون اغتياله.
الرصاصة الوهمية على الموكب الوهمي ليست أولى المحاولات، هي الرابعة، على ذمته. هناك ثلاث سبقت لم يعلن عنها الجنرال إلا أمس. ربما طفح الكيل عنده ولم يعد يتحمل إصرار الأعداء على اغتياله، وهم متعددون من واشنطن إلى كل ماروني يشكك في زعامته. ولا داعي لتساؤل الخصوم عن سر تكتمه على نجاته ثلاث مرات قبل ذلك، فهو أطلق المعركة الإنتخابية اليوم، وهي المناسبة الأنسب لشد العصب الأهلي حول فرادة الشخص و”طهارته” من الفساد، وحرصه على الإصلاح، فتأتي نجاته من الاغتيال تأكيدا لخروجه على المألوف السياسي،إلا إذا كانت المحاولات، التي قصدها، من دفاتر الأيام العتيقة، ومنها ما كان على يد بعض حلفاء اليوم الذين التحق بممانعتهم ومقاومتهم.
المصادفات،والمصادفات وحدها، تمنح الجنرال عطفا خاصا من الجماهير، أو هذا ما أريد. فالمحاولة الوهمية وقعت في صيدا، وقرب مسجد بهاء الدين الحريري، وفي المكان الذي كان الشيخ أحمد الأسير أقام فيه اعتصامه: هل هناك أفضل من هذه التلميحات الخصبة بالمعاني السياسية، ما يشد الاستنفار العصبوي، ويجعل من المستهدف شهيدا مؤجلا، يستحق سدة القيادة وبيعة الزعامة؟
يمكن الجنرال ،غدا، أن يخوض الانتخابات تحت شعار الإصلاح والتغيير… والنجاة من الإغتيال.
rached.fayed@annahar.com.lb
* كاتب لبناني – بيروت
مجد الإغتيال أعطي لهمقارنة بين محاولتي إغتيال: في محاولة إغتيال جعجع، صوّب المجرمون من أصدقاء العماد (أو الأعمدة…) صوّبوا رصاصهم نحو رأس جعجع و هو الأخطر فيه، و الحمدلله أنهم لم ينالوا. في المحاولة (المزعومة حتى إشعار آخر) التي حدثت مع عون، لم يجد مطلق النار رأسًا كي يصوّب نحوه، فإذ به يصوب رصاصته نحو المؤخرة (أو من الزنار و نازل) كما تظهر الصورة الموزعة للسيارة المستهدفة، و مؤخرة عون كما يعلم الجميع هي المنطقة الأخطر عنده، حيث يستمد منها معظم قوته ، أكان في حروب الإلغاء الأولى (14 شباط 1989) و التحرير و الإلغاء الثانية، أو في تطاوله اليومي… قراءة المزيد ..