قد تليق بـ”الحزب الحاكم” كل التهم، إلا شبهة الوقوف وراء متفجرات بئر العبد والرويس وطرابلس. وقد تليق بحليفه الجنرال أي براءة إلا البراءة من “8 آذار”.
تستند تبرئة الحزب إلى استهواله خطورة الفتنة، التي بمقدار ما حذر منها، كانت ترسخها خطب أمينه العام، وتعمق القسمة السنية-الشيعية. ويستند استحقاق “الجنرال الرئاسي” تنزهته عن الإلتصاق بحليفه، إلى كونه لم يعد، أصلا، من مقره الباريسي، إلا بوعد من النظام في سوريا بأن يخلف أميل لحود، شرط أن يلتصق بهذا الحليف، ويواجه 14 آذار، ومشروعها.
ورواية المساومة وأثمانها صارت متداولة ومعروفة، ولا يجهلها إلا حديثو الولادة، وفاقدو الأهلية.
وإذا كانت الحكمة تقتضي عدم استباق العملية القضائية في أمر التفجيرات، فإن تاريخ النظام الأسدي يأبى أن يبرّأ منها، ولو شملت جمهور من يقاتل الشعب السوري إلى جانبه وأغلب الأحيان نيابة عنه. والعجب أنه لم تمض 48 ساعة على آخر إثنتين منها، ولم ينته أهل من عرف من ضحاياهما ال56 من تقبل التعزية بهم، حتى أعلنت عائلة الجنرال ميشال عون ترشحه لرئاسة الجمهورية، لدافعين برأيها: أولهما إسقاط التمديد للرئيس ميشال سليمان، وثانيهما رفض الاصطفافات، أي رفض 8 و14 آذار معا.
قبل ذلك، دفع التبسيط بالبعض إلى الحض على تشكيل حكومة بأي ثمن. وهو كلام يكون مقنعا لو أن الطرفين المتقابلين يتبادلان الشروط، بينما الواقع أن 8 آذار تتمسك بالقتال في سوريا وبالثلث المعطل وبالثلاثية الشهيرة وبالأوزان النيابية التي “لمعت” أخيرا في فكرها السياسي، فيما تقترح 14 آذار حكومة كفوئين، من غير الحزبيين، تؤمن للبلاد مواجهة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تنذر بالإنفجار، أي عمليا إبقاء المواجهة السياسية خارج الحكومة من أجل سلامة البلاد، واستقرارها،بعدما أدت دعوة الأمين العام الأشهر إلى التقاتل في سوريا إلى نقل تداعياتها إلى لبنان.
التبسيط نفسه، وافتراض السذاجة عند المواطن، تجعل من تبكير الجنرال في فتح معركة الرئاسة عملية اصطياد للحظة آنية من القلق الوطني لتمرير صورة متخيلة لحل غير واقعي، كأنما يكفي الزعم أن المرشح خارج المختلفين ليكون ناقل لبنان إلى حياة سندريلا و بلانش نيج، فيما هو لن يبعد عن 8 ولن يقترب من 14 إلا لفظيا، لأن الصفقة لن تسقط إلا مع نظام الأسد، ويومذاك للبنانيين حديث آخر.
أما التخويف من التمديد، فامر قبل أوانه ورهن التطورات الإقليمية، من جهة، فيما الرئيس سليمان أكد تكرارا رفضه، من جهة أخرى.
نتيجة مباشرة وحيدة حققها ترشح عون، هي أن الرأي العام سيلوك الموضوع لأيام، ليكتشف بسرعة أن الأزمة أعمق بكثير من منطق منتصف الطريق، فكيف إذا كان مفخخا بالأنا المضخمة.
rached.fayed@annahar.com.lb
بيروت