وردنا المقال التالي من الأستاذ زهير سالم، وهو أحد أبرز قياديي “الإخوان المسلمين” السوريين. ويمثّل المقال ردّاً ضمنياً على ما كان “الشفّاف” قد نشره مستهجناً الإنقلاب الحاصل في مواقف “الإخوان المسلمين” السوريين من النظام السوري بالتزامن مع أحداث غزّة (راجع مقالات جورج كتن، وقبله مقال عبد الرزاق عيد).
ينشر “الشفّاف” مقال الأستاذ زهير سالم إنطلاقاً من مبدأ حق الردّ، ولتوسيع النقاش. ولكن، رغم اللهجة “الصوفية” للمقال، فلا مفرّ من أن نتساءل كيف يمكن “صرف” هذا المقال في “سوق” الأجهزة الأمنية السورية المعنية بمتابعة “الإخوان”.. واضطهادهم! بكلام آخر، ماذا يعني هذا الكلام سياسياً، وماذا يعني: “إسقاط جميع الثنائيات على المستوى الإسلامي والعربي والوطني. والتوقف عن افتعال أسباب الصراع وخنادقه وأطره.”
أو:
“ليس من حق أي فريق في سياق ما بعد غزة أن يدعي أنه امتلك قبلها الحقيقة المطلقة والصواب المحض، وأن على الذين يحبون الله والإسلام والعروبة والوطن أن يصطفوا خلفه، وأن يصفقوا له. ففي سياق ما بعد غزة.. لا يجوز أن ننشغل بأن يظهر أحدنا للآخر (الجذع) أو (القذاة) التي في عينيه”؟
أو:
احتكار الصواب، والأنانية، والادعاء، والاستلحاق، والاستلاب، والاستبداد (والفرد يستبد كما يستبد صاحب السلطان):!
حقاً أن “الفرد يستبد كما يستبدّ صاحب السلطان”، ولكنه يمارس إستبداده على زوجته وأولاده، وليس على 20 مليون سوري، ومنذ 39 عاماً!! وفي أي حال، ففي سجن “صيدنايا”، الذي يستمر تمرّد سجنائه (وبينهم “إخوان”) منذ 7 أشهر، فمن الصعب “مساواة” إستبداد السجّان بـ”إستبداد” السحين!
وأخيراً، فالأستاذ البيانوني كان أعلن، قبل سنتين، بوضوح أن “الإخوان” يعطون الأفضلية لاسترجاع الجولان المحتل بالمفاوضات السلمية مع إسرائيل. هل هذا تراجع عن مواقف الأستاذ البيانوني السابقة؟ وهل قرّر الإخوان السوريون العودة إلى منطق ما قبل إتفاقات أوسلو؟ أي إلى منطق ما قبل “مبادرة السلام العربية”؟
سياسياً، أوساط سورية تتحدّث عند دور زعيم الإخوان المصريين، الأستاذ مهدي عاكف (بعضهم يتحدث عن صلات زعيم الإخوان المصريين بإيران..) في دفع الإخوان السوريين بهذا الإتجاه الجديد. وتتحدث أوساط أخرى عن دور أساسي لـ”الإخوان الأردنيين” في ترتيب تقارب بين “الإخوان السوريين” والنظام السوري. وفي جميع الأحوال، لا ينبغي تقليل أهمية الشيخ القرضاوي، الذي تربطه علاقات جيدة بالرئيس السوري، وبالرئيس الجزائري، وبالعقيد القذافي!
من حق “الإخوان” أن يغيّروا مواقفهم، ولكن هل يعني الموقف الجديد أنهم قطعوا صلتهم بالسيد عبد الحليم خدام؟ وماذا يقول “الإخوان” لأعضاء “إعلان دمشق” الذين يقبعون في سجون الطاغية، وعلى رأسهم العزيز رياض سيف؟
“الشفاف”
*
*
كلام في الأفق الوطني
ما بعد غزة لن يكون استمراراً لما قبلها
زهير سالم
مايزال حديث عيني الطفل الفلسطيني المنطفئتين بالسلاح الفسفوري تروي لنا، بالسند العالي كما يقال، حديث الغد الذي يمكن أن يكون.
حديث تينك العينين لا يكذب، وهو ليس (تخاريف) كما يقول الإخوة الفلسطينيون. وهو ليس حديث خرافة كما تقول العرب. من حديث أكثر من أخ فلسطيني أنهم كانوا عندما يسمعون عن المشروع الصهيوني قبل الثامنة والأربعين يقول أحدهم للآخر (لا تصدق ما لا يمكن أن يكون، أن يكون) ولكن هذا الذي تصورناه، ولا أقول تصوروه، لا يمكن أن يكون قد كان، وضاعت فلسطين، وأخرج أهلها منها، وقامت دولة إسرائيل، وها هي الأسلحة المحرمة دولياً تطفئ أعين أطفالنا هناك.
وحديث العينين المطفئتين في غزة يقول: ترقبوا غداً، فربما تطفئ أعين كثيرة في كل مدينة وقرية من مدنكم وقراكم في دمشق وحلب في السويداء وطرطوس وسلمية والقامشلي وعين العرب وعفرين ومرمريتا..
أما أنا كاتب هذا المقال، فأصدق حديث تينك العينين وأعتبر نداءهما نداء النذير العريان، فليس عبثاً امتلكت دولة العدوان المستودعات العامرة بالأسلحة النووية والبيولوجية والكيميائية. وعيون الأطفال المطفئة في غزة تقول إنه يمكن في أي لحظة، ولأتفه سبب، أن تنطفئ ملايين العيون في مدننا وقرانا، وسيجد المجرمون والقتلة دائماً في هذا العالم من يصفق لهم في نادٍ مثل نادي دافوس، ومن يعتذر لهم بأنهم كانوا إنما يدافعون عن أنفسهم كما دافعت الولايات المتحدة عن نفسها في أفغانستان والعراق أو في هيروشيما وناغازاكي من قبل.
الجديد الواقع بعد غزة..
أولاًـ رواية العيون المطفئة تلك بدلالاتها وأبعادها.
ثانياًـ إمكانية المواجهة بالصبر الإيجابي المقاوم. الدرس المستفاد من تجربة حزب الله في لبنان، وتجربة المقاومة في فلسطين.
ثالثاًـ والحقيقة الثالثة تؤكد أن المواجهة المفروضة علينا، بيقين وبلا شك، إن كانت ستكلفنا اليوم مليون شهيد أو مليون طفل أو مليون عين.. فإنها ستكلفنا غداً عشرة ملايين.. فهذا الزمن ليس لصالحنا، وليس من العدالة ولا المروءة أن نترك كل هذا التهديد وهذا الخوف لجيل يلينا.
أما ما يقتضيه سياق غزة، فهو..
إسقاط جميع الثنائيات على المستوى الإسلامي والعربي والوطني. والتوقف عن افتعال أسباب الصراع وخنادقه وأطره.
وليس من حق فريق في سياق الموقف هذا أن يتتبع نوايا الآخرين وأن يفسر مواقفهم بأبجديات ما قبل غزة ونحوه وصرفه واشتقاقاته.
ليس من حق أي فريق في سياق ما بعد غزة أن يدعي أنه امتلك قبلها الحقيقة المطلقة والصواب المحض، وأن على الذين يحبون الله والإسلام والعروبة والوطن أن يصطفوا خلفه، وأن يصفقوا له. ففي سياق ما بعد غزة.. لم تعد لغة التصفيق مقبولة. وفي سياق ما بعد غزة لا يجوز أن ننشغل بأن يظهر أحدنا للآخر (الجذع) أو (القذاة) التي في عينيه.
سياق ما بعد غزة يقتضي تغييراً في عالم النفس.. يخرجها من إحن التاريخ وإن كانت مؤلمة، وإن كان خطبها فادحاً. فالقادم الذي تنذر به أعين الأطفال المطفأة في غزة سيكون أعظم من كل الذي كان.
ويقتضي تغييراً في قوانين العقل، فعقلنا بعد غزة يجب أن يكون غيره قبلها. أن نغير قواعد التفكير القائم على الضمائر المنفصلة. وأن يبعث فينا الشعور بالخطر القلق الباعث على العزيمة الذي يجعل يومنا أفضل من أمسنا وغدنا أفضل من يومنا.
ويقتضي تلاحماً يبادر إليه الأقدر عليه، ويسعى إليه ،بطمأنينة، القادرون على الرؤية الاستراتيجية المستقبلية ليبنوا مشروعهم الإصلاحي عليه.
يقتضي سياق ما بعد غزة، الخروج من شرانق الذات الضيقة بأقانيمها وتعلاتها إلى فضاء الذات الجامعة وبذل الجهد على محورين: حماية الذات، فالخطر داهم. وتحقيقها، فالتخلف قد نخر كل شيء.
ما بعد غزة يقتضي وقفة من الفرد والجماعة والمجتمع وصاحب السلطان؛ وقفة يتساءل صاحبها كيف يمكن أن أؤدي الأمانة في واقع أنا القائم على الثغرة فيه. ويا ضيعة من يضيع ثغرته، وثكلته أمته من لم يتبينها.
احتكار الصواب، والأنانية، والادعاء، والاستلحاق، والاستلاب، والاستبداد (والفرد يستبد كما يستبد صاحب السلطان) والفساد.. كل تلك معالم ما قبل غزة.. التي ذوبتها حرارة الجهاد.
كاتب عربي سوري
zms2006us@yahoo.com
ما بعد غزة لن يكون استمراراً لما قبلها
لنكن موضوعيين ولو لمره واحده، ننظر لوضعنا المخزي ومسببه ديننا الإسلامي بكافة فروعه؛ السني يخاف الإمتداد الشيعي الفارسي، والشيعي يريد القصاص لمقتل علي والحسين و… والكل يعلم من المقصود، السني يشكي ظلم العلوي، والعلوي يخاف خطاب السني ونسبة السنه السكانيه، المسيحي (وبحق)يرى ويشمئز من الوضع، حتى ثوره الأرز نراها ملونة بألوان طائفيه. ما هذه الهمجيه أليس من عاقل؟ تعالو نتفق ونلغي الأديان إلاّ على النطاق الشخصي لنستعيد إنسانيتنا المفقوده منذ عام الهجره.
ما بعد غزة لن يكون استمراراً لما قبلهاالسيد زهير يخلط الحابل بالنابل والمصب أو بالأحرى المطب هو أن الإسلام والإخوان بشكل خاص هم خلاص الوطن، يلوم محتكري الحقيقه في حين يحتكرها هو بفكر إسلامي قرن أوسطي دون أي حرج. السيد زهير سالم يقول ” وأن على الذين يحبون الله والإسلام والعروبة والوطن ” الوطن بالمرتبة الرابعه وينسى أو يتجاهل بأن شركاءه في الوطن السوري إثنيات غير عربيه وأديان غير إسلاميه وطوائف غير سنيه وجماعات إلحاديه؟؟ يا أستاذ زهير إن أردت التواصل مع ضمير المواطن السوري فلا بدَّ لك وقبل كل شيئ أن تلغي فكرك الإسلامي كأيديولوجيّه سياسيه، وأن تنادي بقواسم… قراءة المزيد ..