يحق لأي لبناني أن يشتري أرضاً من أي لبناني آخر، بغض النظر عن “طائفة” الشاري والبائع، وعن المنطقة التي يقع فيها “العقار”!
لكن: حينما تُستَخدم أموال “مشبوهة” من فنزويلا وكولومبيا وغيرها من بلاد “الكارتلات”، ومعها “سطوة” السلاح الإيراني” ووزارات ومؤسسات الدولة اللبنانية، لـ”إقناع” أصحاب عقارات مسيحيين ببيع أراضيهم وبيوتهم و”مغادرة” مناطقهم، فإن ذلك يشبه مخطّط “إستيطان” على الطريقة الصهيونية، ويرقى إلى مشروع “تقسيمي” يدمّر “الوحدة الوطنية التاريخية” التي بناها اللبنانيون، بمختلف طوائفهم على مدى قرون طويلة!
هل تسعى “الثنائية الشيعية” إلى تقسيم لبنان؟ وهل يدرك “أقطابها” أن “الشيعة” ضد أي مشروع “تقسيمي” للبلد؟ أم أن الطمع بالمال، وجشع السلطة، قد أعموا بصائرهم؟
“الشفاف”
*
البقاع – الشفاف
يواصل “الثنائي الشيعي” قضم اراض المسيحيين في قضائي “البقاع الغربي” و”جزين”. ورغم عدم وجود تنسيق حزبي بينهما على هذا الصعيد، فإن “راحة ضمير” تسود أوساط القيادتين حول “انجازات” متموّلي الثنائية، سواء حديثي النعمة “التشافيزية” – نسبة الى الرئيس الفنزويلي – أو اثرياء حزب الله الذين تنامت ثروتهم بفضل أموال الكسّارات أو تبييض الاموال، أو تهريب وبيع الاسلحة الحربية، أو الإتجار بالمخدرات والادوية وو…الخ.
بعض التفاصيل العامة يتناقلها الاهالي عن أحد المقربين من رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ويدعى (م – ش) من بلدة مشغرة، اذ ابتاع الاخير مئات الدونمات من مسيحيي بلدته “مشغره“، ومثلها – وهي الاهم جيوسياسيا لوقوعها في منطقة فاصلة بين محافظتي البقاع والجنوب – في خراج بلدتي “القطراني” و”الصريرة“.
ويلفت مصدر متابع ومطلع في أحد مكاتب الدائرة العقارية في البقاع الى ان “ش” سجل بإسمه العقارات التي تتراوح مساحتها بين الفين وخمسة آلاف متر، وعمد الى تسجيل العقارات التي تتراوح مساحتها بين عشرين ومائة الف متر بإسم والده أو شقيقه.
ويشير الى أن ثروة “ش” جاءت من تجارات متنوعة بين كولومبيا وفنزويلا خلال العقد الماضي، حيث رجع الى لبنان محملا بأرقام خيالية من الدولارات جعلته، بين ليلة وضحاها، قطباً و”مرجعا” صاحب كلمة في الديمغرافيا الشيعية، عزز من فعاليتها دعمٌ مطلق من الرئيس بري، واحتضان كامل من رئيس مجلس الجنوب “قبلان قبلان”، ما مكّنه من لعب دور فاعل على مستوى “لَملَمة” التشظّي الحركي، وتضييق فتحة تسرُّب بعض كادراتها وعناصرها، وحتى عائلاتها، باتجاه حزب الله أو “تيار” المرجع العلامة الراحل السيد محمد حسين فضل الله الذي يتمتع باحترام شريحة واسعة من اهالي المنطقة. لكن لا حَول لأنصار فضل الله ولا قوة امام سلطتي المال والسلاح غير الشرعي!
“الإنتربول” يتابع تحرّكاته!
وليس بعيدا من توصيف المصدر المتابع، يلفت قطب متقاعد من حركة أمل الى ان “ش” قد يكون أحد مرشّحي الرئيس بري عن المقعد الشيعي في دائرة البقاع الغربي في حال استمرّ مفعول “تضحية” حزب الله بحصّته في هذه المنطقة لقاء تخلي الرئيس بري عن حصته في دائرة أخرى. ويشير القطب الحَرَكي الى جولات مشتركة يقوم بها “الحاج قبلان” برفقة “شرف” في البقاع الغربي وراشيا عارضين خدمات انمائية ومادية على رؤساء البلديات والفاعليات وغيرهم من الفاعلين عائليا هنا وهناك. بعض الخدمات عن طريق “مجلس الجنوب” والوزارات “الحَرَكية”، والبعض الاخر عبر “ش”، ما يؤشّر الى الثقل المادي للأخير ومدى الإحتضان الذي يحظى به من الرئيس بري وان كانت فرضية ترشح “قبلان” عن المقعد عينه واردة جداً في حال فشلت محاولات تسويق “شرف” لاسباب تتعلق بثرائه السريع، ومتابعة “الانتربول” لتحركاته!
“قُدّاس” يغطي صفقة شراء أراضي!
ويتابع القطب الحركي ان الاساليب التي اتبعها “ش” في ابتياع مساحات من ممتلكات المسيحيين اتخذت صيغ متنوعة: بعضها مادي، والبعض الاخر استند الى اللعب على وتَر القوة العسكرية لحزب الله واستحالة تعايشهم مع هذه الحالة! واسهمت ممارسات “حزب الله” في تعاطيه الميداني في تلك المنطقة الممتدة من “عين التينة” مرورا بمرتفعات تومات نيحا” وصولا الى “القطراني”، واستطرادا “عرمتى” وخراج مدينة “جزين”، في ارهاب العائلات المسيحية، حيث يمنعُ “الحزب” أياً كان من الاقتراب من بعض المناطق بحجة انها مواقع “للمقاومة”. ومنها ما ترجع ملكيته لعائلات مسيحية آثرَت ترك المنطقة الى بيروت او المهجر. واوضح دليل على ذلك، يتابع القطب، خلو “القطراني” من السكان حتى ان كنيستها وبعض المزارات الدينية فيها لم تعرف زائرا منذ عقود ثلاثة! فقط شهدت قداسا “استعراضيا” يتيما منذ اشهر صيغ بـ”أنامل” التيار الوطني الحر وجاء توقيته مريباً! اذ اسهمت “اقامة القداس”، سواء بمعرفة قيادة التيار او من دونها، في تغطية صفقة كبيرة كانت تعقد في نفس الوقت ثم بموجبها ترحيل مئات الدونمات في سفح جبل تومات نيحا من ملكيتها الاصلية المسيحية الى “ش” وبعض شركائه.
مطلّ جزّين
ويلفت القطب “الحََرَكي” الى ان القضية لا تتوقف على موضوع تهجير المسيحين من ما يعرف بـ”مطل جزين”، نسبةً الى الموقع الهام لـ”تومات نيحا” و”القطراني” و”السريرة”. بل تتجاوز ذلك الى اهميتها في حسابات “الثنائية الشيعية” لجهة تأمين تواصل جغرافي بين القرى الشيعية في البقاع الغربي ومنطقة الجنوب. وتذكّر بالتوصيف الشهير الذي اطلقه الرئيس بري منذ عقد ونيف عن المنطقة اذ اعتبر سكانها “شيعة نصف الدنيا”، بما معناه انها منطقة معزولة عن التواصل مع ديمغرافيا مماثلة جنوبا وشرقا، اذ يتوسط المسافة بينها وبين القرى الجنوبية مدينة جزين وقراها، وشرقاً شريطٌ مسيحي يمتد من “عيتنيت” مرورا بـ”صغبين“، وصولاً الى “خربة قنافار” وغيرها.
ويتابع : اذا ما امعنا النظر في ما سبق، فاننا نلمس مباركة غير معلنة من الرئيس بري واقطاب حركيين وموافقة حزب الهية على قاعدة “مّرِّقلي بمَرِّقلك”!
“مشاعات” الدولة وأملاك “مشغرة” من حصة حزب الله
وفي هذا الاطار، تلفت مصادر دوائر المكاتب العقارية في قضائي جزين والبقاع الغربي الى ابتياع اشخاص متمولين من حزب الله لمساحات شاسعة من اراض المسيحيين في المنطقة. انما الميزة التي انتزعها حزب الله عن سيناريو “الحركة” كانت سياسة وضع اليد على اراض واسعة مصنّفة “مشاع للدولة اللبنانية”، واخرى تعود ملكيتها لآل “طرابلسي” و”كرم” – من مسيحيي “مشغرة” – وآل “فارس” من “القرعون” – وهي مساحات ثبت بالملموس “اغتصابها” اذا صح التعبير، وانشئت فوقها وحدات سكنية كثيرة بعضها يُستثمر من قبل اهالي بلدات “سحمر” و”يحمر“، والبعض الاخر اقيمت عليه منشآت سكنية وسياحية لحزب الله في منطقة “النبي نون” – مشغرة – او بلدتي ميدون” و”لوسي””.
وصولاً إلى “الباروك” و.. “المختارة”!
وليس بعيد عن سياسة “تنظيف” الديمغرافيا الشيعية من مالكي الاراضي المسيحيين في تلك المنطقة، فإن سياسة تمدد الثنائي الشيعي لم تتوقف هنا بل تجاوزتها الى ابتياع عشرات الدونمات في قرى مسيحية تقع الى الشرق من القرى الشيعية اهمها في “عيتنيت” و”صغبين”. وفي المقلب الآخر، سُجِّل شراء اراض من مسيحي الجوار الجزيني، اي المنطقة التي تؤمن تواصل الفاعلية العسكرية الحزب إلهية الجنوبية مع مثيلتها في البقاع الغربي واستطراداً، محيط بلدة “باتر” وبعض قرى الجبل التي تصل الى تخوم “المختارة” من جهة “باتر جزين”، ومرتفعات جبل تومات نيحا فوق منطقة مشغرة وامتداداته الى “جبل الباروك”، ما يعيد الى الاذهان سيناريو تطويق المختارة الذي نفذه جزب الله في احداث السابع من ايار عام 2008 , عندما ادخل فصائل مقاتلة، وآليات عسكرية، من معسكراته في “ميدون” و”مشغرة” و”وادي السريرة” الى “ارز الباروك” عبر مرتفعات “نيحا” و”تلة الرادار” في جبل الباروك المشرفة على “المختارة” جنوبا والبقاع الغربي شرقا!
وفي الاطار عينه , يعتمد حزب الله على “سماسرة” من حلفائه في الطوائف الاخرى لابتياع اراضٍ في البقاع الغربي بأسماء من غير الطائفة الشيعية، ومن ثم يجري نقلها لاحقا الى ملكية المتمولين الممسوكين من الحزب.
مال “تشافيزي” و”كولومبي” لمخطط تهجير مسيحيي جزين والبقاع الغربي!
تسليماً جدلاً بأن التهمة صحيحة، فهل شيعة لبنان مرتزقة خونة لوطنهم بحيث لا يدينون بالولاء إلا إلى البطن الإيراني-الصهيوني ويحذون حذوه في سرقة أراضي وأوطان الغير؟
مال “تشافيزي” و”كولومبي” لمخطط تهجير مسيحيي جزين والبقاع الغربي!
سلمنا جدلا أنّ التهمة صحيحة, فهل مسيحيّو لبنان بلا ضمير وطني كي يبيعوا أراضيهم للشيعة بهذه السهولة؟ أم أنهم هم من يأس من العيش في وطنهم لبنان لأن أمّ بعضهم فرنسا!