إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
نام نجيب ميقاتي على ان يكلف من جديد بتشكيل حكومة العهد الاولى، واستفاق على التصويت للقاضي نواف سلام! حتى الذين تعهدوا بالتصويت له، انقلبوا عليه، وليحافظوا على صورتهم امام ميقاتي تحاشوا الظهور امام شاشاة التلفزيون عند الادلاء بتصاريح كتلهم عن تصويتهم للقاضي سلام.
ما الذي حصل وكيف انقلبَ سحرُ ميقاتي عليه؟
انتظر النواب “كلمة سر” من المملكة العربية السعودية تؤشر الى إسم رئيس الحكومة المقبل، هذه الكلمة لم تصل، وآثرت المملكة الابتعاد عن تزكية مرشح سُنُي على حساب آخر. فرشحت قوى المعارضة النائب “فؤاد مخزومي”، في حين رشّحت قوى التغيير النائب “ابراهيم منيمنة”، وبينما بقي موقف “الحزب الاشتراكي” ملتبسا.
تَشَتُّت اصوات نواب المعارضة حتى يوم الاحد عشية الاستشارات النيابية، كان سيفضي الى فوز ميقاتي بالتصويت، اذ انه ينطلق من اكثر من خمسة واربعين صوتا على الاقل، هم نواب “الثنائي الشيعي” والحلفاء، فضلا عن نواب الشمال من الطائفة السنية والنائبين العلويين، وبعض النواب المستقلين، في حين كانت اصوات المعارضة ستضيع بين “مخزومي” و”منيمنة”. كما ان ميقاتي يجذب نواب اللقاء الديمقراطي، اكثر من “مخزومي” الذي اعلن ترشيحه من “معراب“، وكذلك “منيمنة” الذي لا يملك ادنى فرصة للوصول الى موقع رئاسة الحكومة، والذي كان ترشيحه مجرد تسجيل موقف مبدئي للنواب التغييريين.
عشية الاستشارات تحرك النواب مارك ضو وميشال دويهي ووضاح الصادق، على أكثر من خط.
الاول في اتجاه حزب “القوات اللبنانية” للطلب الى “القوات” التوحد على اسم غير مخزومي يشكّل نقطة التقاء اكثر من جهة نيابية وصولا الى هزيمة ميقاتي بالتصويت، علما ان مخزومي لم يكن لينال اكثر من 31 صوتا كحد اقصى. وهنا طرح النواب الثلاثة اسم القاضي نواف سلام، فوافقت “القوات” بعد ان تم الاتصال بسلام في لاهاي وابدى استعداده لتولي منصب رئيس الحكومة في حال فوزه باصوات النواب، وعلى الاثر تعهد النواب الثلاثة بالتحدث مع النائب مخزومي لسحب ترشيحه، كي لا يتم سحب الترشيح بطريقة لا تحفظ كرامة مخزومي، التقى النواب الثلاثة المرشح “فؤاد مخزومي”، وناقشوه في احتمال فوزه بالتصويت، الذي يبدو مستحيلا في ظل توحُّد قوى الثنائي والحلفاء في وجهه، وتشتت اصوات قوى المعارضة. وعلى الاثر قرر النائب مخزومي سحب ترشيحه صباح الاثنين يوم بدء الاستشارات، فتحررت اصوات المعارضة، من جهة واعلن المعارضون توافقهم على التصويت لصالح القاضي سلام، مضافا اليهم نواب التغيير ، البالغ عددهم 12 نائبا، بعد ان سحب النائب” ابراهيم منيمنه” ترشيحه لتصبح المواجهة صباح الاثنين بين سلام وميقاتي.
ومن اجل حشد المزيد من التأييد لسلام كان الاتصال بكل من اللقاء الديمقراطي بقيادة تيمور جنبلاط، والتيار العوني برئاسة جبران باسيل من جهة ثانية، حيث ابدى اللقاء والتيار استعدادهما للتصويت لسلام كل لحسابات تتعلق به، فاللقاء الديمقراطي كان رشح سلام سابقا، وهو وجد في ترشيحه مخرجا لتلافي الاحراج من التصويت لميقاتي بوصفه امتدادا للطبقة السياسية السابقة، ولا ينسجم وجوده على رأس الحكومة مع روحية خطاب القسم،
في حين، اراد باسيل ان يرد الصاع للثنائي الشيعي، الذي تخلى عنه في مواجهة التصويت للرئيس جوزف عون. جيث كان باسيل اتفق مع وفيق صفا على حرق اسم قائد الجيش في الدورة الانتخابية الاولى، على ان يتم التصويت للواء الياس البيسري في الدورة الثانية، وفي حال عدم حصوله على 65 صوتا يتم التصويت لـ”طوني قهوجي” في الدورة الثالثة، على ان يختتم التصويت لـ”زياد بارود” في الدورة الرابعة. علما ان حظوظ بارود كانت افضل من سواه اذ انه يستقطب عددا من النواب المستقلين.
لكن ما حصل هو أن الثنائي الشيعي رضخ للضغوط السعودية الاميركية وصوّتَ لقائد الجيش في الدورة الثانية، من دون التنسيق مع باسيل.
وهكذا تم الاتفاق على مفاجأة الثنائي وميقاتي بكثافة التصويت للقاضي سلام.
رئيس مجلس النواب استشعر ان هناك “انقلابا” واتحادا لقوى المعارضة لإسقاط مرشحه، فطلب تأجيل موعده في القصر الجمهوري من اول موعد في الثامنة صباحا الى بعد الظهر. ومع ظهور كثافة التصويت لصالح القاضي سلام، ابلغت كتلة نواب حزب الله دوائر القصر انها تريد تأجيل موعدها للاستشارات الى يوم الثلاثاء، فرفض الرئيس عون. في حين ابلغ الثنائي دوائر القصر ان النواب الشيعة وهم جميعهم من الموالين لحزب وحركة امل لن يشاركوا في الاستشارات مثيرين ازمة ميثاقية الاستشارات كونها حصلت بغياب ممثلي الطائفة الشيعية. إلا أن هذا الامر مردود بوجود 18 طائفة معترف بها رسميا في لبنان، فالميثاقية، حسب الدستور، هي بين المسلمين والمسيحيين وليست بين المذاهب. وقد شارك في الاستشارات اكثر من مئة نائب من كل الطوائف، وغياب نواب الشيعة لا يلغي الميثاقية. فسارع نواب الثنائي الى القصر الجمهوري، ولم يصوتوا لاي من المرشحين، حتى لمرشحهم نجيب ميقاتي.
النواب المستقلون، وبعد ان بلغهم اتفاق المعارضة على التصويت لسلام وان الاخير، لديه تصويت اكثر من 65 نائبا، سارعوا الى تغيير بوصلة تصويتهم لارضاء العهد والرئيس المكلف,
وهكذا نال سلام اكثر من 84 صوتا واصبح رئيسا مكلفا للحكومة.