لا أعلم لماذا هذا التنافس الشرس على رئاسة الوزراء واستلام الحكم لفترة لن تجاوز شهرين، أحدهما شهر الكسل والامتناع عن العمل الذى هو “رمضان”! ولا افهم الوهم الذى سيطر على المترشحين حين قدم كل منهم برنامجا يحتاج شهرين لقراءته وعشرات السنين لتطبيقه!
ولا أفهم لماذا يرتكب اعضاء الإسلام السياسي كل حماقة ممكنة لمحاولة الاستحواذ على السلطة واستمرار حالة الضياع والتفكك التي تمر بها الدولة، ويتخذون مواقفا عنترية لمحاربة الجميع، ويُظهرون لنظرائهم كراهية غير مسبوقة، ويشجعون الكتائب التكفيرية القاتلة ويقدمون لها الدعم والغطاء الشرعي، ويمتنعون عن اتخاذ قرار سياسي يتيح للجيش الهجوم على مقراتهم وكسر شوكتهم! بل، ويشجبون قرار الحكومة باعتبارهم تشكيلا مارقا عن سلطة الدولة، وحجتهم عدم سفك الدماء، مع أن الدماء تسفك كل يوم، لكنها دماء أعدائهم “الكفار الليبيين” أعداء الاسلام، وليست دماء انصارهم أو جماعتهم القادمين من شتى بقاع الارض!
لا يرغب هؤلاء فى أن تقوم الدولة. لأن الدولة تعني انتخابات حرة يدركون أنهم سيخسرونها. لذلك، فإن انفرادهم بالحكم فى الفترة الدقيقة القادمة يعني انهم قد يستطيعون بوسائل خفية إفساد انتخابات مجلس النواب التي يعلمون يقينا أنهم لن يكسبوها. فسيحاولون وضع عقبات كثيرة أمام كتابة الدستور والاستفتاء حوله، كما أنهم قد يكلفون ميليشياتهم بمهاجمة الصناديق ونشر الرعب بين الناخبين وافشال العملية الانتخابية كما فعلوا فى “درنة”. فقد علمتهم التجارب الجزائرية والمصرية والتونسية أن الديمقراطية لعبة خاسرة، لذلك يطعنون فيها ويعتبرونها خيانة للتراث ومروقا من الدين.
والوقت المتبقي أمامهم قليل جدا.
وبعد انتهاء فترة الوهم والحلم سيعودون إلى حيث كانوا، ويواجهون الضياع والتشرد. فأي مستقبل ينتظر من كان ضائعا بالخارج، او كان سمساراً للغنم او خرّيج سجون يعد أن يفقد النعيم المقيم الذى يرفل الان فيه؟ يكفي أن نعرف أن نصيب المؤتمر فى ميزانية 2014 التي مضى الان نصفها يبلغ 245 مليون دينار ليبي، ولا يقل الدخل الصافي لأي عضو فى المؤتمر عن 30 الف دينار شهرياً. أي أن ما يحصل عليه الاعضاء مجتمعين فى بند المرتبات والمكافآت يصل ستة ملايين دينار شهريا، أي 72 مليون دينار سنويا. اضف إليها مصاريف الضيافة والاقامة والسفر والحرس الخاص والسيارات المصفحة وطاقم الادارة تجد أن الرقم يقارب الواقع ولا مبالغة فيه.
فمن حقهم والحال كذلك أن يكافحوا فى سبيل بقائهم بكل سبيل. وسيكون جميلا لو اكتسى هذا الكفاح رداء الدين وتحولوا إلى “مجاهدين في سبيل الله” و”إعلاء راية الاسلام”! لكنهم يدركون يقينا أن الهزيمة قاب قوسين أو أدنى، وأن النتيجة محتومة. وما نشهده من تخبط وتضارب فى التصرفات والاهواء الا دليل على ما أصابهم من يأس بعد أن ظنوا أن” نصر الله قريب”، لكن القريب فى عالم البشر بعيد!
ويفترض فى الاعضاء الحاليين أنهم ممنوعون من الترشح للمجلس الجديد لأنهم لا يزالون فى السلطة ويقضي العرف الديمقراطي فى الانتخابات النيابية فى العالم الحر حلّ المجلس الحالي قبل الدعوة لانتخاب مجلس جديد. وهم لن يحترموا عرفا ولا قانونا يقف ضد مصالحهم. إنما ما يطمئنك أنهم لو تقدموا لاختبار الصندوق فسيجدون ما يتوقعونه من هزيمة منكرة. وفى جميع الاحوال، انتهى الحلم الجميل الذى بدأ ما يقارب مئة عام بعد سقوط السلطان عبد الحميد، أخر الخلفاء!
وما يصدق على هؤلاء يصدق على الميليشيات المسلحة التي تحولت من الكفاح فى سبيل الله الى قطع الطريق والاختطاف وطلب الفدية وسرقة المال. ولا فرق الآن بين خريجي السجون الهاربين و”أنصار الشريعة” والمقاتلين. وحادثة مطار “سرت” ليست بعيدة. ربما لجأوا لذلك لان منابع التمويل جفّت، او لو صدقت الحكومة فربما اوقفت صرف مستحقاتهم.
ومهما قيل عن فشل الثورات الثلاثة ومهما كثرت أخطاؤها، فقد حققت اعظم انجاز تاريخي لم يفطن له الكثيرون، وهو تبدّد الحلم فى “الخلافة الخامسة” أو “السادسة” وانهيار الامل فى نطام سلفي يحكم المسلمين تحت راية الفتح والجهاد ويعيدهم إلى أيام الصحابة أو التابعين!
ومما سهل الامر أنهم انتشوا بأول رشفة من كأس السلطة، فتخلوا عن حذرهم القديم حين كانت تنظيماتهم تتكون من قسم علني وقسم باطن ولهم مرشد معلن ومرشد حقيقي خفي لا يعرفه أحد. فإذا هُزموا فى معركة دفع العاملون فى الخفاء بجيلٍ جديد. فلما وصلوا إلى السلطة تخلوا عن حذرهم القديم وظهروا جميعا إلى العلن طمعاً فى السلطة والمناصب فسهل بالتالي محاصرتهم والقضاء عليهم. وهو نفس الخطأ الذى وقعت فيه الجماعات الاسلامية فى ليبيا، حين تخلوا عن السرية وخرجوا إلى العلن وتولى القيادة من كان مختفيا فى كهوف “درنة” لمدة تزيد عن عشر سنوات!
وطريقة القضاء عليهم تمت بنفس أدوات الثورة فى أيامها الاولى. فسقطوا فى تونس بالضغط الشعبي، وسقطوا فى مصر بتدبير استخباراتي محكَم دفع بهم إلى الحكم ثم ورّطهم فيه فسهل تصيّدهم والقضاء عليهم. ويبدو أن ذلك سينطبق على الليبيين الذين انتزعوا النصر بالسلاح ويتنادون الان للقضاء على “الاخوان المسلمين” ومن والاهم. وخسارتهم محتومة، ونهايتهم مؤكدة! كل ما يستطيعون أن يفعلوه هو أن يختاروا.
فإن شاءوا ودّعونا بقبلة، وإن شاءوا ودّعناهم بطلقة!
عندما يعمل مربّو الاغنام على نقل القطيع من حظيرة إلى حظيرة، يفتحون لها بابا فتندفع من خلاله فى اتجاه ما، ثم يفتحون بابا أخر فتدخل فى اتجاه آخر محدد مسبقا، وتعتقد الخراف أنها تعبر الابواب بإرادتها! وهذه الجماعات تفعل ذلك. فتجتمع فى ليبيا بإرادتها، تستعد لمعركة مفروضة عليها بإرادتها، ثم سرعان ما يكتشفون أنهم لا يستطيعون أن يكسبوها ولا يقدرون أن يتركوها، لان الامر كان محسوما منذ البداية.
والنهاية قريبة وما تسمعونه الان من ضجيج أو تشهدونه من غبار إنما لأنهم يحفرون فى الصحراء قبورهم بأيديهم!
magedswehli@gmail.com
كلام غير واقعي وإنشائي
كلام إنشائي اعتدنا عليه من كل من غصت حلوقهم بالثورة المباركة التي أزاحت سيدهم ، لا يفيد الاتهام والكلام غير المقبول والإنشائي فكلنا في ليبيا يعرف من وراء القتل والاغتيالات الممنهجة ألا وهم عبيد المقبور الذين لا هم لهم سوى تشويه صورة الليبيين أمام العالم وذلك انتقاما لمقتل سيدهم ، فلا والله لن يفلحوا مهما فعلوا ، وستسير ليبيا غصبا عنهم إلى التقدم والرقي وتحكيم دين الله في الأرض ومحاربة كل موال للكفر وأهله . فموتوا بغيظكم فلن يفلح مسعاكم