بيع جوازات السفر لأجانب يبحثون عن جنسية: هذا هو الحلّ الذي عثرت عليه سلطات دولة “جزر القمر” لملء خزائن الدولة الفارغة.
تضيف جريدة “لوموند” التي نشرت هذا التقرير(بتوقيع “جان-بيار توكوا”) أن “هذه الوصفة تبدو مغرية، خصوصاً أنها تلتقي مع رغبة دول الخليج النفطية في إيجاد بلد مضيف- على المستوى الإداري- لعشرات الألوف من “البدون”، وهم من جماعات البدو الذين يُعتبرون مواطني “درجة ثانية” في وطنهم، أو الذين حُرموا من أوراق الهوية الشخصية.
وبناءً عليه، أقنع رئيس إتحاد جزر القمر، أحمد عبدالله سامبي، في أواخر العام 2008، البرلمان بالتصديق على قانون يفتح المجال لمنح “جنسية إقتصادية” يمكن أن يستفيد منها “البدون”.
ويقول الوزير المعني، السيد حمادي، أن شروط منح الجنسية ستكون محسوبة بدقة، مع أنه يقرّ بأن بعض الذين سيحصلون على الجنسية القمرية يمكن أن لا يطأوا أرض البلاد على الإطلاق. ويضيف: “ينبغي على الدول المستفيدة أن تقدّم برنامج إستثمار لجزر القمر. وعلاوة على ذلك، ينبغي على كل مرشّح للحصول على جواز سفر أن يدفع ما يعادل 2000 أورو وأن يتعهّد بالإنخراط في تنمية الإقتصاد المحلي”. كما يضيف أن المرشّحين المشكوك في أمرهم سوف يُستبعدون: “ينبغي ألا يكون للمرشحين سوابق جنائية، سواءً في مجال الإرهاب او في مجال تبييض الأموال”.
وقد تمّ بالفعل عقد أول إتفاق بين جزر القمر ودولة الإمارات التي وعدت، حسب أقوال الوزير، بدفع مبلغ 200 مليون دولار، أي ما يعادل 40 بالمئة من الناتج الوطني القائم لجزر القمر. ويؤكّد الوزير أن الكويت تنوي عقد إتفاق مماثل قريباً.
تمويل الحملة الإنتخابية للرئيس
في هذه الأثناء، فإن عدد المستفيدين من جوازات السفر الإقتصادية يظل سرّاً. وتؤكد المعارضة أن 4000 أسرة ستكون من الكويت وحدها. ولكن الوزير يردّ بأن “مواطن أي بلد يمكن أن يستفيد من الجنسية الإقتصادية. ولا يوجد أي تقدير للأعداد حتى الآن”.
علاوة على ذلك، فإن ظروف التصديق على القانون كانت ملتبسة. فخصوم الرئيس سامبي يقولون أنهم لم يتم التصديق على القانون في الواقع. ويقول “الحاج حسن علي”، وهو مدير جريدة “لا تريبيون”، التي تُعتبر أول جريدة للمعارضة أن “رئيس الدولة نشر القانون تحت رقم مزوّر، هو رقم قانون المالية العامة المصحّح للعام 2008”.
وقد رفعت المعارضة القضية إلى المحكمة الدستورية. ويقول محامي الحكومة القمرية أن “المعارضة لم تنجح في تقديم أي إثبات على عدم دستورية هذا القانون”.
إن ما يزيد الصورة تشويشاً هو أنه، في حين ستتدفّق أموال خليجية على جزر القمر (التي تُعتبر واحدة من أفقر بلدان العالم)، فقد تمّ تأسيس بنك يدعى “البنك الإتحادي للتجارة” في “موروني” من جانب مجموعة غير معروفة هي “هولدينغ جزر القمر والخليج” Comoro Gulf Holding. وتم تدشين مكاتب البنك الجديد، في وسط العاصمة “موروني”، في مطلع السنة بحضور رئيس الدولة، ولكن بدون مشاركة ممثّلي البنك المركزي (الذي تملك فرنسا مقعداً في مجلس إدارته، باعتبار أن جزر القمر تنتمي إلى “منطقة الفرنك الفرنسي”). فقد رفض البنك المركزي إعطاء ترخيص للبنك الجديد لأنه لم يتمكّن من معرفة أصول الأموال المستثمرة في البنك.
ويقول أحد المصرفيين المحليين، الذي طلب عدم كشف إسمه أنه “خلف هولدينغ جزر القمر والخليج، هنالك أموال إسلامية”. وتشتبه المعارضة بأن أموال البنك الجديد ستصبّ بالدرجة الأولى في تمويل الحملة الإنتخابية للرئيس سامبي الذي يأمل في تجديد ولايته التي تنتهي، مبدئياً، في العام 2010.