يمعن الحزب إياه في استغباء اللبنانيين. يطلق كذبة ، ومن دون أن يمهلنا “لابتلاعها”، يبني عليها مشهدا يناسبه:يستولي على السلطة برهبة “القمصان السود” ويعد بحكم حكيم وبأن يعلّم خصومه بحرمانهم من أغلبيتهم الديموقراطية، ويمننهم بأنه عرض عليهم المشاركة في الحكومة بشروطه، عاتبا لأنهم أبوا الخضوع لسطوة سلاحه.
وبعد سنتين من الفشل، جرّمهم خلالها بأنهم “يريدون الإستيلاء على السلطة”، كأنهم يسعون إليها بقوة السلاح لا بالديموقراطية، راح يدعي أنهم يريدون “الاستئثار” بالحكم، لكأنه أعطاهم في حكومته الميقاتية الثلث المعطل، وتبنى شعارهم “العبور إلى الدولة” وسلم، سلاحه إلى الجيش.
أقل وصف لهذا، أنه من الدجل السياسي المفضوح، وقمته كانت القول، أنه ذهب إلى القصير ليمنع الفتنة، كأنه خرق السيادتين اللبنانية والسورية كمجموعة من الصليب الأحمر اللبناني لتضميد جراح المظلومين السوريين على يد نظام حليفه بشار. لكنها قمة تضاهي أخرى، كقوله، قبل انكشاف تورطه، إنه لا يفعل سوى حماية لبنانيين شيعة، مقيمين في الأراضي السورية، ثم المقامات الدينية، أو كقوله أنه يحمي سعد الحريري من الجهاديين، وهو الذي تفنن في العداء للإعتدال الذي يمثله رئيس الحكومة السابق.
إن لم يكن هذا الوصف صائبا، قل لي، يا قارئي، كيف يقنعك متباك على الجيش، وهو نفسه أول من “مرّن” اللبنانيين على قبول الاستهانة به، و”دشن” ذلك بشهادة النقيب الطيار وسام حنا في ”سُجُد”.
وكيف تقتنع بدموع التماسيح على مقام رئاسة الجمهورية، اذ انتقد النائب كبارة تغاضيها عن مأساة طرابلس، فيما “التمساح” نفسه، و”بلاعيطه”، وقعوا بيان بعبدا بيدهم اليمنى ومزقوه باليسرى.
وكيف تطمئن الى سياسة هذا المتباكي، واهدافه، وهو لا ينفك ينفث سموم المذهبية والطائفية مع كل شهيق وزفير، فيلغي من بين ثنايا خطابه، كل ملمح للهوية الوطنية، ويواري ضغينته المستخرجة من بطون التاريخ، برفع الصوت باتهام الآخر بالطائفية والمذهبية وتدمير الدولة.
وكيف يا قارئي، يمكنك ان تقتنع ان هذا المدعي، يخوض “معركة وقائية” ضد “التكفيريين”، وهو الاسم الحركي عنده، للشعب السوري المظلوم، فيما يراهن على نسيانك جذور ولادته على جثث مهدي عامل وكريم مروة وسهيل طويلة وخليل نعوس، والباحث الفرنسي ميشال سورا، وغيرهم، يوم كان يتوارى خلف تسميات تمليها مخابرات فارس؟
وكيف تصدق ايقاعات خطبه في الوطنية حينا، والاسلام احيانا، والمقاومة اغلب الاحيان، بينما لا يمارس بين جمهوره سوى نهج التفتيت للوطن، وشق الاسلام، وتحويل المقاومة الى أسطر في كتب التاريخ؟
مصرع الشاب هاشم سليمان على يد سرايا الحزب أمام سفارة طهران هو المشهد الملخِص لدوره قدام ايران. دور لم يعد سرا، ولم تعد تستره ورقة المقاومة.
Rached.fayed@annahar.com.lb
* بيروت
لم يعد سرا
كلنا هاشم سلمان.