هل كان هنالك تسرّع من “الأمن العام” باعتقال “مشبوه” لا يتمتّع بأهمية خاصة، خصوصاً أنه كانت هنالك معلومات (نشرناها يوم الخميس) بأن طاغية دمشق يطالب بـ”فتح جبهة طرابلس” اللبنانية؟ ألم يتوقّع “الأمن العام” ردود فعل عنيفة في مدينة لا تنسى أن وزير داخلية سوريا الحالي تولّى، هو شخصياً، في العام ١٩٨٦، قيادة عملية إغتيال لـ٧٠٠ شاب طرابلسي حينما كان “مسؤولاً عن أمن الشمال” في قوات الإحتلال الأسدي للبنان؟
“الشفاف”
*
فتح المعتصمون في ساحة عبد الحميد كرامي الطرقات التي كانوا قد قطعوها احتجاجا على توقيف “شادي المولوي” وللمطالبة بحل قضية الموقوفين الاسلاميين، وذلك بعد الاتصالات والاجتماعات التي عقدت بين فاعليات مدينة طرابلس ووزرائها ونوابها،
كما قام المعتصون بازالة الخِيَم التي نصبوها في الساحة، معلنين بأنهم تلقوا وعدا من المسؤولين بحل قضية المولوي والموقوفين الاسلاميين في اقرب وقت.
وفي الوقت نفسه، أكّد شقيق الموقوف “شادي المولوي” أن “الإنسحاب من الساحة الليلة هو تلبية لدعوات التهدئة وبناء على وعودهم بالبتّ سريعا في قضية شادي، اما في حال لم يتم الإفراج عنه غدا عند العصر كما وعدونا، فسنصعّد أكثر مما يتوقعون ولن نتوانى عن اغلاق طريق بيروت الى جانب طرق طرابلس”!
تزامنا، خفّت حدة الاشتباكات بين منطقتي باب التبانة وجبل محسن، وتراجعت وتيرة اطلاق الرصاص بشكل واضح، ليتحول الى إطلاق نار متقطع من اسلحة خفيفة من دون تسجيل سقوط قذائف مدفعية او صاروخية على التبانة او بعل محسن.
وكانت مدينة طرابلس شهدت زعزعة للإستقرار على محورين. الاول بدأ مع إختطاف “شادي المولوي” على أيدي عناصر من “ألأمن العام”، بعد أن إستدرجوه بطريقة غير مألوفة الى مكتب خدماتي تابع للوزير محمد الصفدي، حيث أبلغوه في إتصال هاتفي، عن مساعدة مَرضية تم صرفها له، فتوجه الى مكتب الصفدي، حيث تم إبلاغه أن أسمه ليس مدرجا على لائحة الذين سيستفيدون من المساعدات، وان احدا لم يتصل به، وعندما غادر المكتب، كان عناصر من الامن العام في إنتظاره فاعتقلوه، واقتادوه الى احد مراكزهم.
شادي المولوي وهو “سلفي”، لا صفة قيادية له، احتشد له رفاقه، واعتصموا في ساحة عبد الحميد كرامي، مطالبين باطلاق سراحه، وهدد شقيقه بتصعيد التحرك، ما لم يتم الافراج عن شقيقه بحلول عصر الغد.
إغتيال الشيخ عيسى العلي
تزامنا مع إعتقال المولوي، وفي محلة البقار في القبة في طرابلس أيضا، أطلقت النيران من جهة مجهولة على الشيخ عيسى العلي فقتل على الفور، وعلى الاثر، تجمع عدد من أبناء المحلة وردوا على مصدر إطلاق النار، وإشتعلت النيران لتمتد من البقار في القبة الى المحور المزمن بين بعل محسن وباب التبانة، حيث تشهد الجبهة حاليا هدوءا حذرا تتخلله رشقات نارية من أسلحة خفيفة.
أهالي منطقة البقار قالوا إن مصدر إطلاق النار على الشيخ العلي، جاء من مكان قريب جدا من أحد مواقع الجيش اللبناني في المنطقة، محملين الجيش مسؤولية مقتل الشيخ، بتغطية المسلحين الذين كمنوا للعلي قرب مركزهم او بتأمين الحماية لهم، ما دفع أهالي لامنطقة للرد على مصدر إطلاق النار ما تتسبب بمقتل جندي.
إقرأ أيضاً:
“لطف الله ٢” باخرة “مقاومِة”؟: الأسد طلب فتح “جبهة طرابلس”
وزير داخلية سوريا الجديد: مآثره اغتيال خليل عكّاوي و”مجزرة باب التبّانة” في 1986