تسببت إنتفاضة الشعب السوري على النظام والرئيس بشار الاسد بتجميد السياسة في لبنان، بالتزامن مع ترقب العديد من الافرقاء السياسيين لمآل الاوضاع في سوريا ليبنوا على نهايتها مقتضيات مواقفهم السياسية المقبلة.
اول المترقبين المتحفزين من الساسة اللبنانيين رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط، الذي اتصل عقب إنتهاء الجمعية العمومية للحزب التقدمي الاشتراكي يوم الاحد الفائت برئيس الحكومة سعد الحريري، بعد ان كان وجّه اليه إنتقادات لاذعة في مرحلة سابقة ليست ببعيدة، طالبا منه العودة الى طاولة الحوار، وأشارت المعلومات الى أن الرئيس الحريري بادر محدثه بالقول: “لست ان من نسف طاولة الحوار لكي اعود اليها، والامر ليس عندي وعليك ان تبحث عنه عند الطرف الذي أفرغ طاولة الحوار الوطني من مضمونها وحولها الى ملهاة”.
الرئيس الحريري، بدوره، عدّل برنامج تحركه السياسي حيث جمد حتى إشعار آخر جولاته المناطقية التي كان بدأها من عاصمة الشمال طرابلس. وعزت مصادر الرئيس الحريري موقفه الى ضرورة عدم إستغلال أي طرف لما سيصدر عنه من مواقف داخلية تتصل بشعار قوى 14 آذار الداعي الى إسقاط سلاح حزب الله، خصوصا من الفئة المتضررة من هذا الشعار وتسعى الى تحويله تحريضا مذهبيا، وإستنهاضا للشارع السني. وتاليا فإن هذا الاستنهاض قد يتم إستغلاله في الاحداث الجارية في سوريا، الامر الذي يرفضه الرئيس الحريري وتيار المستقبل وقوى 14 آذار، إنسجاما مع موقف هذه القوى الرافض للتدخل في الشؤون الداخلية السورية، رفضا لتدخل سوريا في الشؤون الداخلية اللبنانية.
حزب الله يفرض شروطه على ميقاتي
وفي سياق متصل، الرئيس المكلف نجيب ميقاتي يبدو انه أيضا سعى الى الاستفادة من المتغيرات الاقليمية التي تحصل في المنطقة، فسعى الى إمرار حكومة أمر واقع لا ترضي الاغلبية المحدثة. إلا أن محاولته إصطدمت برفض حزب الله الحاكم في لبنان لحكومة امر الواقع الميقاتية، وإصرار الحزب على إلزام الرئيس ميقاتي بتنفيذ أجندة رئيس التيار العوني من جهة، وتوزير فيصل عمر كرامي من جهة ثانية، وكلا الامرين يمثل بالنسبة للرئيس المكلف ميقاتي إنتحارا سياسيا.
وأشارت أوساط ميقاتي أنه لا يقبل تحت أي ظرف إعطاء الثلث المعطل في الحكومة للعماد عون، كما انه لا يريد بأي شكل من الاشكال توزير فيصل كرامي خصم حليفه النائب احمد كرامي، الذي غامر بمستقبله السياسي لينضم الى حلف الميقاتي – الصفدي في الخروج من الاغلبية النيابية السابقة والانضمام الى الجديدة.
وأضافت أوساط ميقاتي ان الشروط الحزب الهية القديمة – الجديدة تعني ان الظروف الاقليمية لم تنضج بعد لإخراج التشكيلة الحكومية.
الى ذلك اشارت مصادر في قوى 14 آذار ان الرئيس المكلف نجيب ميقاتي ليس قادرا على تشكيل حكومة، كما انه لا يريد الاعتذار عن التأليف، ما يضع البلاد امام أزمة حكم، وفراغ سياسي ينعكس سلبا على الوضعين الاقتصادي والسياسي في البلاد، فامام المتغيرات التي تعصف بالمنطقة، ترى قوى 14 آذار ان البلاد لا يمكن ان تدار في ظل حكومة تصريف أعمال ورئيس مكلف يستفيد من الوقت الضائع ليكرس عجزه عن التأليف، كما ان الازمات التي تعصف بالمنطقة كان يفترض أن تجعل من لبنان ملاذا آمنا للرساميل العربية نظرا للبنية المصرفية الصلبة التي يتمتع بها ، إلا أن الازمة السياسية التي افتعلها حزب الله ودمشق وقوى 8 آذار حالت دون إشاعة جو الاستقرار في البلاد، ما حرم لبنان من الاستفادة من هذه الفرصة حتى إشعار آخر.