خاص بـ”الشفاف”
ترجمة وتحرير : مصطفى إسماعيل
مع شنِّ الشرطة التركية حملة ضد تنظيم القاعدة, ومداهمة بعض مكاتب جمعية المساعدات الإنسانية IHH, فقد برز مجدداً سؤالُ : هل تدعم تركيا تنظيم القاعدة؟.
وإذا ما سأل المهتمون بالسياسة الخارجية التركية والمجريات في سوريا: هل تدعم تركيا تنظيم القاعدة، فإن الجواب هو : نعم, إنها تدعمهم..
وقد بدأت الكتابات المؤيدة للقاعدة بالظهور على جدران مدينة استانبول، والتقطتُ في إحدى المحطات الأكثر ازدحاماً في استانبول صورة لكتابة “السلام لجبهة النصرة، ومواصلة مقاومة الكافر الأسد”.
لكن السؤال هو: كيف تساعد تركيا تنظيم القاعدة؟
بطبيعة الحال، عن طريق جهاز الاستخبارات. ففي واقعة ضبط الشاحنة المليئة بالهاونات في “أضنة”، والمرسلة إلى تنظيم القاعدة، وإلقاء القبض على ثلاثة أشخاص (حرفيا خراطة, وسائق الشاحنة التي تقلهم)، اعترف المقبوض عليهم بأسماء المتهمين كافة. على إثر الاعترافات ألقي القبض على عنصر الاستخبارات “هيثم توبلاجا”, وكانوا قد أعترفوا أنه صاحب الهاونات, لكن لم يتم توقيفه, ويحتمل إنقاذه من قبل الاستخبارات التركية MIT.
لاحقاً تم استبعاد رجال الشرطة الذين ضبطوا الشاحنة والحافلات من مهامهم، ولم يقرب أحد من حملة السلاح. فضيحة كهذه من شأنها إسقاط حكومة في بلد طبيعي، لكن المسؤولين في بلادنا يقولون بوقاحة “هذه مهمتنا” وهم ينقلون السلاح إلى دولة أخرى”.
جهاز الاستخبارات لدينا يستخدم “المنظمات الإنسانية” في عمليات نقل الأسلحة. على سبيل المثال تم ضبط جهازنا الاستخباراتي في 2004 وهو ينقل رشاشات الكلاشينكوف في قافلة للهلال الأحمر إلى التركمان في العراق.
يوجد وضع مشابه في سوريا. فمرة أخرى، وفقاً للمزاعم، تُستخدم المنظمات الإنسانية كغطاء لتقديم المساعدات، وهذه المرة إلى تنظيم القاعدة.
وفاقاً لتلكم المزاعم, فإن الأسم الذي يصادفنا أكثر هو هيئة المساعدات الإنسانية IHH, ورغم النفي القاطع وتكذيب هذه الإدعاءات من قبل الهيئة, إلا أن هنالك الكثير من المعطيات بحاجة إلى تفسير. ففي الأسبوع الماضي نظمت الهيئة حفلاً قالت أنه بمناسبة إرسال حمولة خمس شاحنات إلى سوريا. لكن ثلاث شاحنات فقط كانت موجودة في مكان الاحتفال وفي اليوم نفسه الذي كان مقرراً فيه توجه تلك الشاحنات إلى سوريا أوقفت قوى الجندرمة شاحنة في هاتاي لكن جهاز الاستخبارات MIT لم يسمح للمدعي العام بتفتيش الشاحنة, تشير المعلومات الأولية إلى أن الشاحنة تلك مرتبطة بهيئة الإغاثة الإنسانية وأنها قد تم تأجيرها من قبل أحد موظفي الهيئة.
نفت هيئة الإغاثة هذه الإدعاءات. ولكن أن تعلن عن إرسال خمس شاحنات مساعدات من أنقرة, وترسل لاحقاً ثلاث فقط، فإن السؤال عن الشاحنتين الأخريين يضخم الشكوك. أحد متطوعي الهيئة قال أن الشاحنتين الأخريين قد تم تحميلهما بالطحين في “أضنة” لأنه أرخص سعراً هناك, لكن إحدى الشاحنات المنطلقة من أنقرة كانت محملة بالطخين أيضاً, وما دام الطحين في “أضنة” أرخص, لمَ لم تُحمَّل الشاحنات الثلاث معاً في أضنة؟
أدعى رئيس الحكومة أردوغان أن تلك الشاحنة محملة بالمساعدات للتركمان في منطقة “باير بوجاك”. إذا كان ذلك صحيحاً فإن تركمان باير بوجاك يعيشون في مقابل منطقة “يايلا داغ”، وبإمكان الحكومة تقديم المعونات لهم من خلال معبر يايلا داغ وليس من معبر جيلفه غوزو الحدودي, والمسافة بين المعبرين هي 100 كم. ثم أن الشاحنة كانت متوجهة إلى معبر جيلفه غوزو وهذا المعبر تحت إدارة تنظيم القاعدة، إذن لا تسخروا من عقولنا!
الأجوبة المتناقضة التي أدلى بها المسؤولون رداً على الأسئلة المحرجة، فقط من أجل إنقاذ يومهم الحالي، قوَّت أكثر مزاعم دعم تركيا لتنظيم القاعدة.
صحيفة نيويورك تايمز تحدثت عن العلاقة بين هيئة الإغاثة الإنسانية IHH والدولة التركية كالتالي: المنظمة غير الحكومية، ولكن في نفس الوقت الرسمية التابعة للدولة, والتي لها علاقات مكثفة مع النخبة السياسية التركية.
متعلقاً بهذا الموضوع سمعت في أنقرة بعض المزاعم الخطيرة وطرحتها بدوري كأسئلة.
بحسب المزاعم، فإن هيئة الإغاثة الإنسانية تحمل الإعانات إلى المنطقة من خزائن الدولة. هل هذا صحيح؟ هل هنالك مؤسسة في الدولة تشرف على تقديم هذه الإعانات من خزينة الدولة؟.
الآن ومهما نفى جهاز الاستخبارات MIT, ولكن هل صحيحة المزاعم القائلة بأن الاستخبارات قدمت لمدة طويلة العناصر والأسلحة والأموال الطائلة إلى جبهة النصرة عن طريق هيئة الإغاثة الإنسانية بدعوى أنهم في الاستخبارات يقاتلون حزب الاتحاد الديمقراطي، “ب ي د”، عن طريق وكيلهم “جبهة النصرة”؟.
اعتراضات هيئة الإغاثة الإنسانية على هذه المزاعم والإدعاءات كانت ضعيفة، ولكن مسؤولي الدولة لم يدلوا بأي تصريح.
داهمت الشرطة في إطار حملتها ضد تنظيم القاعدة بعض مكاتب هيئة الإغاثة الإنسانية. وحين تسأل أي شخص عن ذلك لا يبدي استغرابه. لا يمكنكم إخفاء الحقيقة لمدة طويلة.
• المقال من صحيفة طرف TARAF التركية.