في السياسة، يقول البعض أن على الجميع رفع القبعة لبعض “رجالاتها” في لبنان، من ضمنهم النائب وليد جنبلاط، والرئيس نبيه بري.
في المبادئ، تبحث طويلاً كي ترى أحداً يستمر على نهج ورؤية واحدة، ولا يغيّر سياساته ومبادئه كما يغيّر ربطة عنقه التي تحفظ له “بريستيجه” كما تحفظ له السياسة موقعه. لا تعثر سوى على القليل القليل، وعن طريق الصدفة.
في السنوات الخمس الماضية، قيل للبنانيين أن المرحلة هي مرحلة نضال لاستعادة الحرية والسيادة والاستقلال. غالبية الشعب لم تكن تنتظر من سياسييها دلالة على هذا الواقع، أو إرشاداً إلى درب النضال هذا، في مواجهة نظام أمني، كانت معظم الطبقة السياسية مستفيدة منه بشكل أو بآخر، وبنسب متفاوتة. لم ينتظر مليون ونصف لبناني “هزة” من هنا، أو خطابا من هناك، ليبادروا لملء الساحات والعبور إلى التغيير، سلمياً.
بعد خمس سنوات، تتغير الظروف الإقليمية، أو يزعم البعض “تغيّرها”، على اعتبار أنهم يستشعرون أكثر من غيرهم. في هذا المشهد كلّه، استطاع الشعب الذي واجه وتحمّل أكثر من زعمائه، بل تقدم عليهم وقادهم هو، أن يجعل بعضهم يتحول من زعيم “طائفي” إلى “وطني”، ليخرج من سجن الطوائف إلى رحاب الوطن، وهذا الشعب نفسه جعل البعض من الزعماء يترك السياسة ويلتحق برجال الدولة.
المضحك المبكي في هذا المشهد، أن شعباً بهذا القدر من الوعي، يتحول بين ليلة وضحاها، من قائد مناضل، إلى مجرد رقم تابع لهذا أو ذاك. تصدر الأوامر من القيادة العليا، يميل مزاج القائد إلى دفة أخرى، مغايرة تماماً لما كان يتبعها في السابق، ومناقضة لأفكار جعلته زعيماً بكل ما لهذه الكلمة من معنى. تتوقف الثورة، ويعود الشعب إلى سابق عهده. يُفضل أن يكون تفصيلاً صغيراً في لعبة هو صنعها ليقطفها الكبار. يرتضي هذا الشعب لنفسه بأن يرجع إلى القاعدة، بل إلى أسفلها، وينتظر إملاءات الزعيم العائد من “ربوع الوطن” إلى حدود “الطوائف”.
تسأل هذا الشعب، لماذا؟
ببساطة يجيب، علينا انتظار المقبل من الأيام لأن “الزعيم” يرى ما لا نستطيع نحن رؤيته. غريب. هم أنفسهم الذين قادوا “انتفاضة” الاستقلال الثاني، قرروا أن يستغنوا عن كل ما تحقق، في انتظار ما سيقرره “زعيم” من هنا أو هناك، هم أنفسهم الذين وضعوا دماءهم على أكُفّهم، فضّلوا أن يعودوا إلى حقبة مضت، يتلقون الأوامر ويطيعون.
هؤلاء، أصبحوا على ثقة أن ما فعلوه في السنوات الماضية، لم يكن سوى لحظة عابرة، حققت أهدافها. وكأن الحرية تصلح في زمن من الأزمان، وتنتفي الحاجة إليها عند أي تحوّل خارجي أو داخلي. وكأن حركات التحرر في العالم تراجعت عندما تهددت بالاضطهاد. باعتقاد هؤلاء أن العبور إلى الدولة يجب أن يتوقف حين يحاول البعض الآخر قمعه.
دائماً، يعتمد القائد شعار الحفاظ على “السلم الأهلي” عندما يقرر الانكفاء. ولكن أين هو السلم الأهلي حين تكون الكلمة ممنوعة، والبنادق موجهة إلى رأس كل من تساوره نفسه الاعتراض أو مواجهة التخلّف بجميع أشكاله؟ وأي سلم أهلي هو هذا، حين تكون مؤسسات البلاد مشلولة، أو محكوم عليها بالشلل؟ وأي “سلم” يتحدثون عنه، أو أي وطن يتغنّون به، عندما نطل على مشهد فيه: “وئام وهاب” يتطاول على الرئاسة الأولى، “جميل السيّد” يقدم دروساً في العدالة، “ناصر قنديل” يتغنّى بالوصاية، “الشيخ بكري” يصنّف الناس بين صالح وغير صالح..
من سخف القدر، أن نصل إلى يوم يُطرح فيه على هذا الشعب “المنكفئ”، سؤال من قبيل: هل يعقل أن تنتظر إراقة المزيد من الدماء لتعود إلى رشدك؟!
كاتب لبناني – بيروت
ayman.sharrouf@gmail.com
في رثاء شعب!
latifa bashir — latifa bashir@hotmail.com
مقال جيد و يعبر عن شعور مجموعة كبيرة من اللبنانين الذين يتململوا من تصرفات السياسين و مواقفهم المتغيرة حسب مصالحهم الخاصة التي تخفي خوف على ضياع مصالحهم الشخصية
في رثاء شعب!
عرقوبي أصيل — sidawi.basha@gmail.com
أكثرية الزعماء في لبنان لا يتحملون مسؤولية تغيير مواقفهم حسب مصالحهم الخاصة ومصالح الخارج، بل المسؤولية تقع على الشعب الذي يسير خلفهم.. فثورة الارز قامت من دونهم وكان يجب ان تستمر من دونهم، وما كان يجب على شعب ثورة الارز ان يستسلموا لهؤلاء المتزعمين.. وبرأيي يجب على هذا الشعب ان ينبذوا هؤلاء المتزعمين.. وبالنسبة للمقال فهو رائع ويعبّر فعلاً عن واقع الحال المعاش في لبنان