في حب بطوننا

0
بعد ان طبقت الديتوكس الرقمي لمدة أشهر، عدت الى مواقع التواصل، لكن «على الخفيف». كنت قد وعدت نفسي أن ابتعد عن كل ما ينغص علي عيشتي ويوترني. ابتعدت عن المواضيع السياسية والدينية الشائكة وتجاهلت الجدال وامتنعت عن مشاهدة فيديوهات تعذيب الحيوانات وضرب الأطفال وتحقير المرأة، واتخذت قرارا بمتابعة كل ما هو لطيف خفيف يسر الخاطر. صرت لا أنشر سوى الصور الجميلة، الفيديوهات الإيجابية، الأغاني الحلوة وصور من مطبخي. وهنا كانت المفاجأة.

معظم المغردين كتبوا لي عودا حميدا، اشتقنا لمطبخ دلع وطبخاته. بداية استغربت، فحين أنشر صور طبخاتي أفعلها على سبيل الدعابة أو لنقل «شوفوني أعرف أطبخ»، ولم أكن أعلم أن صور الأطباق الشهية كانت تترك أثرا لدى المغردين وتفتح نفسهم. كل طبخة أنشرها كانت تحصد العشرات من التعليقات و«اللايكات» والاستفسار عن كيفية عمل الوصفة، ويطالبونني بكتاب طبخ، عدا عمن كان يغضب لعدم تمكنه من تذوق الطبخة عبر تويتر. فما سر الطعام وما سر حبنا للأكل؟

يقول برنارد شو «لا يوجد حب مخلص أكثر من حب الطعام»، اذ يحتل الطعام مكانة مهمة من وعينا ومن جدول حياتنا إن لم تكن الأهم. فالطعام ليس مجرد تلبية لقرصة البطن عند الشعور بالجوع، الطعام لذيذ، ملون، ملهم، مبهج، محب ومعطاء، وفي كل مرة تتذوق ابنتي أكلة تعجبها تقول هذه أكلة «حنونة»، لنكتشف أن الطعام حنون أيضا.
نحن شعوب نعشق الطعام، نتفنن في صناعته ونتفنن في أكله. ففي كل مرة ألف فيها ورق العنب أتساءل: من هو ذاك الفطحل الذي مر من تحت دالية العنب ثم قرر أن يقطف وريقاتها، يسلقها ويحشوها بالرز واللحمة ويلفها ثم يطبخها على فرشة من اللحم الدسم ثم يحممها بعصير الليمون، لينتج عنها ألذ طبخة في التاريخ؟

لماذا نحب الطعام؟
– لأن الطعام وقود أجسامنا ويمنحنا الحياة.
– لأن الطعام لذيذ ويعطينا شعورا بالسعادة.
– لأن الطعام أمر اجتماعي يجمع الأحبة والأهل والأصدقاء.
– لأن الطعام يأتي من كل صنف ولون وجنسية، فخياراتك بلا نهاية.
– لأن الطعام أفضل علاج لحالات الحزن ويعتبر مضادا للاكتئاب.
– لأن الطعام فيه عطاء وفيه تعبير عن المشاعر، وقد يكون بديلا عن كلمة «أحبك».
– والأهم أن الطعام دائما موجود لنجدتك سواء كنت في أفضل حالاتك أم أسوأها.

بقي ان أقول لكم عن صديقة اتهمت زوجها أنه يحب بطنه أكثر مما يحبها، فأجابها: الطعام يلبيني بلا اعتراض، لا ينكد علي، ولا يصرخ، ولا يشتكي، ولا يطلب، ولا يغضب ولا يزعل ويروح بيت أهله… الطعام ينبوع سعادة أما أنت… فخليها على الله.

دلع المفتي

dalaaalmoufti@
D.moufti@gmail.com

Leave a Reply

0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
Share.

Discover more from Middle East Transparent

Subscribe now to keep reading and get access to the full archive.

Continue reading