يعرف اللبنانيون أن التمديد من عدمه لم يحسم، يوما، بقرار داخلي، كذلك وصول أي شخصية إلى الرئاسة. فإذا كادت الدول الكبرى أن تجمع على متابعة ما يجري في لبنان، وتأثيرات الجوار عليه، فإنها بالتأكيد تهتم بمن سيرأس دولته في المرحلة المقبلة، إلى حد تسميته.
وإذا كانت أمور المنطقة في حال تجاذب، في الملف النووي الايراني، والأزمة السورية، وتوترات “الربيع العربي”، فإن المفاضلة بين المرشحين، قد تغدو بلا جدوى فجأة، ولو أن محبذي هذا أو ذاك من “المصطفين” يستطيعون الاستعانة بحجج ومعطيات كثيرة لتأكيد صواب خياراتهم.
نقطة الانطلاق لغربلة الأسماء هي توازن القوى الدولية والإقليمية المؤثرة على الوضع اللبناني،في مرحلة انتخاب الرئيس، أو التمديد والتجديد(لم يقع مرة).
تاريخيا، توالى على الرئاسة، منذ الاستقلال،12 رئيساً، 8 في ظل صيغة جمهورية 1943 (عاشت 46 سنة)، اغتيل واحد منهم (بشير الجميل) وحاول اثنان تمديد ولايتيهما (بشارة الخوري وكميل شمعون)، وغادر الآخرون في المواعيد الدستورية. وفي 24 سنة من عمر “جمهورية الطائف”، أي أقل من نصف عمر الصيغة الأولى، حكم 4 رؤساء، اغتيل اولهم (رينيه معوض لعدم انسجامه مع نظام الوصاية الأسدي)، ومدد لإثنين، (الياس الهرواي واميل لحود)، والرابع الحالي، ميشال سليمان، يبدو، من التمديد، قريباً على بعد، بعيداً على قرب.
تكشف الوقائع، ان ما يحسم الأمور، هو توافق دولي – اقليمي ثم داخلي. بدليل فشله مرتين في صيغة الاستقلال الأولى، وعبوره بلا إشكالات مع الهراوي، بسبب القبضة الحديدية للوصاية، وبارباكات مع لحود، في ظل القرار الدولي 1559، واغتيال الشهيد رفيق الحريري، وانتفاضة الاستقلال.
ويشي الراهن بأن شرط هذا التوافق غير مستعجل دوليا وإقليميا، وغير متوافر داخليا، بل ازداد بعداً منذ تورط “حزب الله” في الحرب السورية، وإلا لتوافق الفرقاء على صيغة حكومة جديدة.
يترجم ذلك باستمرار السؤال عن انتخاب رئيس جديد بلا إجابة، حتى الموعد الدستوري أيار 2014، على ما جرت العادة. وفي الانتظار، يحق للرئيس سليمان أن يؤكد عدم رغبته في التمديد أو التجديد: فهو يعرف أن القرار ليس في يد من يمدد له، أو يجدد، بل رهن تقاطعات اللحظة الدولية والعربية. لذا، له أن يتعفف عن الولاية، ممددة أو مجددة،كما يفعل، فتأتيه من كِبَر، إن أتت، على أن يطلبها، ولا يُولّى، فتسجل عليه وليس له.
إلى ذلك اليوم من أيار، يكون السؤال الأصوب: من سيتولى إخراج طبق الرئاسة من “فرن” الخلافات الدولية-العربية إلى “المأدبة” المحلية، بوجه جديد، أو مجدد أو ممدد له؟
في الإنتظار، يلفت الانتباه فتح خطوط قطر، مجددا، إقليميا ولبنانيا.قد يكون عندها الخبر اليقين. وقد يبتدئ بالحكومة العتيدة، على نار باردة.
rached.fayed@annahar.com.lb