علي العاملي
تسود حالة من الغضب والاستهجان في أروقة المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى بسبب ما أقدمت عليه إدارة “هيئة التبليغ” منفردة ودون استشارة رئاسة المجلس التي يتولاها نيابة الشيخ عبد الأمير قبلان. الهيئة التي أصدرت أول من أمس بيانا يتوعّد محطة الـLBC ومقدمة البرنامج ديما صادق بسبب عبارة قالها ضيف البرنامج سالم زهران ينفي بها “إسلام أبي طالب والد الإمام علي وعم النبي” ويهدّدهما البيان بالشكوى إلى “النيابة العامة” مع العلم أنّ مسألة إسلام أبي طالب أو عدمه هي مسألة لا تمسّ صلب المذهب الشيعي الجعفري باعتراف جميع الفقهاء.
وإذ يسعى الشيخ قبلان إلى لفلفة ما صدر عن هذا البيان “الأرعن” والتأكيد أن لا شكوى ولا متابعة لهذه القضية سوف تتم، فإنه بالمقابل أكّدت السيدة ديما صادق مقدّمة برنامج “نهاركم سعيد” على LBC لـ”جنوبية”، أنها ليست بصدد الاعتذار مطلقاً وأن ما صدر منها ومن ضيفها عادي يحصل في أي نقاش أو حوار سياسي يتطرق إلى مسألة دينيّة، مع استنكارها وغضبها من تهديدها بهذا البيان العدائي الذي صدر عن هيئة التبليغ.
وكذلك فإنّ سالم زهران صرّح للصحافة شاكرا هيئة التبليغ “لأنها بيّنت وجهة نظري الشرعية كمسلم سنّي أشعري لا يرى أن أبا طالب مات مسلماً رغم تأييدي للمقاومة وخطّها العسكري والسياسي”، على حدّ قوله.
وتطرح هذه الحادثة مسألة مهمّة تجول في بال الكثيرين ممن يتساءلون عن حالة الترهّل الإداري التي يعاني منها المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، بحيث أن إدارة غير مستقلة عنه وهي هيئة التبليغ التي يرأسها القاضي الشيخ عبد الحليم شرارة، تتصرف كما لو أنها إدارة مستقلة، فتصدر بياناً دون علم أحد، لا الإدارة العامّة، ولا مدير عام المجلس، ولا حتى الشيخ قبلان نائب رئيس المجلس أعلى سلطة فيه.
ويبدو أنّ الإصلاحات الأخيرة التي عمد القيّمون على المجلس الإسلامي الشيعي إلى إجرائها من إعادة هيكلة وتنظيم للأوقاف، ولشؤون الحج وإنشاء هيئة للتبليغ تعنى بأوضاع رجال الدين لدى الطائفة، كلها إصلاحات ربما تحتاج إلى إصلاحات أيضاً كي تتعزّز المركزيّة في صفوف الإدارة، بدل حالة التضعضع التي تعاني منها حالياً.
فما إصدار البيان المذكور سوى نتيجة للترهّل سببها هذه الحالة من التفكك، بحيث تشعر كل إدارة أنها باتت مستقلة عن رئاسة المجلس تستطيع أن تصدر المواقف والبيانات، دون حسيب ولا رقيب لمجرّد أن مديرها يحظى بثقة المرجعيّة السياسي العليا لدى الطائفة الشيعيّة لا المرجعيّة الدينية ولا رئاسة المجلس الأعلى.
المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى هو أحد المرافق والمؤسسات اللبنانية التي تحتاج إلى إصلاح سريع، فهو المفترض أن يكون واجهة الطائفة الشيعية، الدينية وحتى السياسية. هكذا كان أيام الإمامين موسى الصدر ومحمد مهدي شمس الدين، والطريق شاقة وطويلة أمام الإمام الشيخ قبلان إذا ما قرّر وعزم: فهل يستجيب؟ بل هل هو قادر ويستطيع؟