أعيب على الرأي العام اللبناني عدم تقديمه التهنئة الى نائب “حزب الله” حسن فضل الله على فضحه الفساد المالي في مرافق الدولة. كان كلامه على هذا الشأن في جلسة مجلس النواب العامة، الأخيرة، درة الخطاب السياسي الاصلاحي، لكن نقيصته انه جاء من جهة تعرف، ان إس الفساد هوفي مصادرة هيبة الدولة، وقضم دورها، وترسيم حدود سلطتها، سواء بما يسمى الغطاء السياسي، أو بسطوة السلاح والأمر الواقع.
أهم ما ركّز عليه النائب 8 نقاط هي العجز الذي يضاهي الـ7 آلاف مليار ليرة، والحاجة إلى 25 الف فرصة عمل، مقابل “جيش من المياومين والموظفين يتقاضون الاجور ولا عمل لهم”. يضاف إلى ذلك إيجارات مهولة لمبان حكومية، وتخصيص الحكومة جمعيات “لا تتوخى الربح” بـ327 مليار ليرة سنويا. وبعدما أشار إلى ربح استثنائي جنته المصارف يفوق الـ5 مليارات دولار”، الى فروقات تحويل المليارات”، وصف الدولة بأنها “منهوبة، يدخل الوزير فقيراً، ويخرج مليارديرا”، وحض على “مكافحة التهريب في المرافئ والذي يتراوح بين 500 و 700 مليون دولار سنوياً”، وقال إن لا محاسبة لان كل وزير وموظف محمي بحزبه او طائفته.
من يقرأ كلام النائب، يخيل اليه انه يطلع على بعض من تقرير أعدته بعثة خبراء دوليين مهمتهم كشف مكامن الخلل المالي العام. فالنائب، نفسه يعرف ان الفساد ليس نتاج اليوم، وان حشو الموظفين في الادارة العامة هو صناعة الميليشيا السياسية الحاكمة، وهو ليس أول من أثار الموضوع، ولن يكون الأخير. وكما لم يكن من متابعة سابقا، فلا يتوقع غير ذلك اليوم، سيما أن “لمسة” حزب النائب نفسه لا تبدو بعيدة عن هذا التسيب المالي، تحديدا منذ تحول من تحرير الجنوب سنة 2000، إلى “تقريش” هالة قدسية أقنع بها اللبنانيين، وغيرهم، إلى حد إدعاء تنازله عن حق مزعوم بتولي السلطة، مكافأة على انهاء الإحتلال الإسرائيلي.
لكن المقاهي والشوارع الخلفية، تضج بخبريات عن تشريع انتاج المخدرات، وتسويقها لدى “الأعداء”، إلى تقاضي رسوم جمركية نيابة عن الدولة، وزرع السماسرة والوسطاء في الدوائر الرسمية. والمصادفة اللافتة أن كلام النائب لم يصدر إلا بعدما تم الإستغناء عن مرفأ بيروت، واستعيض عنه بمرفأ طرطوس، ويتولى رجال أعمال الحزب، حسب الزاعمين، تأمين وصول البضائع إلى البقاع، ومنه إلى كل لبنان. وليس “موسم” انتشار السيراميك فجأة، وفتح سلسلة مؤسسات تجارية، إلا نتاج خط التهريب الجديد.
لا يعني هذا الكلام براءة الآخرين، لكن الحزب يتقدم غيره بأشواط كثيرة، لأن مصادر التمويل الإيراني جفت، وصار مضطرا إلى إيجاد بدائل، فيما العقوبات الأميركية مصلتة عليها ولن تجدي مطالعات الوفد اللبناني، ومعه رياض سلامة، في تغيير ما رسمه دونالد ترامب.
rached.fayed@annahar.com.lb