أعلنت “جبهة الخلاص” السورية (عبد الحليم خدّام، الإخوان المسلمون..) عن إنشاء فضائية جديدة للمعارضة السورية. ما يلي وجهة نظر حول الفضائية الجديدة ودورها. باب النقاش مفتوح، وكالعادة فالآراء ملزمة لأصحابها.
*
أكتب هذه الكلمات والخوف يحيط عقلي من كل جانب، والكلمات ندرت بين أناملي. إنها سورية لا شيء قبلها ولا شيء بعدها، إنها سورية حسيبة عبد الرحمن وفداء حوراني وهبة الدباغ، سورية منهل السراج وسمر يزبك، سورية عارف دليلة وكمال اللبواني وأنور البني وفائق المير، سورية التي قدمت عشرات الآلاف من الأسماء النبيلة إلى السجون، سورية شهداء النيروز. سورية الطين الذي غمس به أنامله الراحل سعدالله ونوس. سورية قبل وبعد ولا حد غيرهما. لا مال ولا سلطة بدونها. سورية التي تأكل اليوم لحم أبناءها. سورية التي تحتاج إلى عقل “فعلجي” على حد تعبير صديقي ياسين الحاج صالح بالاختلاف لا بالاتفاق. يؤمن أن الفعل وحده في العقل السياسي السوري، يحتاج إلى معايير من نوع مختلف، معايير سياسية. خلال احتكاكي بالسوريين من أجل هذه الفضائية التي أطل خبرها من أحد منابر جبهة الخلاص الوطني خطأ، جعلت الناس ترتجف وهم محقين في ذلك، لم يتعود السوريون على منبر لهم، يبثون ثقافتهم وعلمهم وحقوقهم المسلوبة منذ أكثر من أربعة عقود ونيف. كعادتي التي لازلت أشعر أنني أسير من خلالها و بها في حقل ألغام بين دهاليز السلطة وأروقة المعارضة! بين استقلالية المرء كشبه مثقف معارض، وبين متطلبات الحياة وأجندات اللعبة السياسية- حيث لا سياسة- أنها علاقات القوة العارية بمعنييها الرمزي والمادي. إنك في خضم هذا الخوف تنسى المهنية وتنسى الجدة في الطرح والموقف، تنسى شكل الصورة التي ستخرج عليها هذه الفضائية الموعودة.
فعلت أغلب ما بوسعي من أجل أن أوضح موقفا بسيطا جدا: أن هذه الفضائية ليست ملكا لأحد حتى لو أدعى هو ذلك، فإرث سورية عموما والمعارضة السورية خصوصا، هو من كان وراء هذه الفضائية. ليس من واجبنا شكر جبهة الخلاص عموما أو السيد عبد الحليم خدام خصوصا. لأن الشكر يعني اعترافا بالملكية لهذه الفضائية وأنا لن أعترف بمنتهى الوضوح والصراحة. ولكن نقولها بالفم الملآن ولا أعرف أهو قول مدعاة للحزن أم غيره: لولا وجود السيد خدام ما كان لهذا الأمر أن يتم. هذه حقيقة. ولكنني في سياق تعلمي الدائم ومن خلال انغماسي المطلق في العمل السياسي، وجدت من المناسب القول: سأبذل محاولة تنجح أم تفشل هذه متروكة للمستقبل: تتلخص في أن نجعل منها منبرا لآلام السوريين جميعا. منبرا للغة تسامحية تصالحية، وليست ماركة مسجلة باسم طرف واحد، وهذا ما لمسته من خلال حواري واحتكاكي مع السيد خدام. ربما يناور علي كعادة أي رجل سياسة! لا أعرف، ولا علم لي بالنوايا. ربما بدأ اليأس يتسرب إلي، وربما بدأت سكاكين بعض المعارضين تسن قبل حتى أن يرى هذا العمل النور. سكاكين جاهزة لإفراغ أي اجتهاد من محتواه قبل حتى أن يطرح. مزيج من الخوف- الخوف من المخابرات، ومن سكاكين المعارضة-والتردد والقلق على استقلاليتي، كصاحب رأي، وأنا أرى بعض من يراها مصدر رزق يتفنن في تحويلها إلى مصدر رزق، وهؤلاء موجودون في أي عمل!
ولا أكتب ما أكتبه للمعارضين أو للسلطة بل لقارئ سوري لم يأت بعد. قارئ أحلم بوجوده وأسعى إليه. هو القارئ الذي يعرف أين تبدأ حقوقه وأين تنتهي واجباته. إنه المواطن السوري المبعد عن مصيره، يجب أن يكون لأبنائه أرشيفا حقيقيا عما يدور في زمننا العاقر هذا. عندما يقرأ الأحفاد تاريخ أجدادهم. وفق هذا المنظور النسبي طلبت وأطلب عون المعارضين والسوريين جميعا من أجل أن يكون هذا المشروع صوتنا جميعا. وأعتقد بأننا قادرون على أجبار من يريدها قناة شخصانية أو لطرف واحد بألا تكون كذلك. لهذا قلت في مقالتي الأولى عن هذا المشروع بأنه يجب أن يكون منبرا أيضا لرجالات السلطة ممن يملك الجرأة على الظهور على شاشته. وكما قال لي أحد الأصدقاء المعارضين: يجب ألا يترك هذا المشروع لطرف واحد! فقلت له لماذا لا تعمل أنت أيضا فكان جوابه: إن وضعي وقناعتي لا تسمح، لكوني لازلت لا أؤمن بمعارضة السيد خدام. الخوف من التجربة، التي يجب الذهاب إليها وإذا فشلت لا يعني أبدا نهاية العالم. يجب أن تكون هذه القناة صورة عما نريد أن تكونه سورية في المستقبل: أن يظهر عليها الدكتور عماد فوزي شعيبي ممثلا للسلطة محاورا السيد زهير سالم نائب المراقب العام للإخوان المسلمين أو وزير الإعلام الحالي محاورا رياض الترك المعارض الأبرز.هذه تصوري الذي أحاول العمل عليه. رغم أنني اكتشفت أنني ربما وأقولها عريضة أيضا كمن ينقش وحيدا على حجر بازلت. ولازلت قلقا ومترددا. قلق ربما يشكل حافزا لحوار يساعدنا على التخلص منه. الأمر بحاجة إلى جهد وعمل الجميع، ومن لا يؤمن بذلك ستكون أبواب السلطات مشرعة له. لأننا لا نريد استبدال شخصنة بأخرى بل نريد التأسيس لما يؤسس لمستقبل أطفال سورية.
هل يمكن أن تتوفر استقلالية في ظل تعارض مصالح؟
ghassanmussa@gmail.com
* كاتب سوري
احلامك صغيرة يا استاذ حسان معقول ..! كل هذا الضجيج لانه لديك مخاوف .. ولان المعارضة ماشاء الله تبارك الله صار عندها فضائية وصوت … ولانك تخاف خدام .. او لا ترتاح لزهير سالم ..اتخيلك وانت تهرول الى سلة الفواكه الهدية .. وتباعد يديك وتصرخ .. توقفوا .. توقفوا .. لاتاكلوا .. هذه لنا جميعا .. هذه لنا جميعا .!. اهكذا تكون المعارضة .. وبهذه السطحية ..ماذا لو كان للمعارضة دولة .؟ عندها هل سترتفع الخناجر بدلا من الحناجر ؟…ما اكثر الفضائيات .. وما اسهل ان تكتب بالشبكة العنكبوتية وكما تكتب الان ..اتمنى ان ترتفعوا عن تلكم الصغائر …ان كنتم… قراءة المزيد ..