مرشّح 14 آذار في قضاء جبيل، الدكتور فارس سعيد، ألقى الكلمة التالية في
عشاء أطباء 14 آذار:
ورد اليوم في جريدة “النهار” خبر اعتقال المسؤول الأساسي عن مقتل الجنود في بعلبك المدعو حسين جعفر في تركيا بناءً على طلب من فرع المعلومات اتابع لقوى الأمن الداخلي اللبناني.
يتابع الخبر أن الذين اعتدوا على الجيش فرّوا بتسهيلٍ حزبي إلى سوريا ومنها إلى تركيا. هكذا ورَد الخبر بحرفيتِهِ وهو يدلُّ بشكلِ قاطع أن هناك جهّات حزبية لبنانية سهّلَت عملية انتقال مجرمين من لبنان باتجاه سوريا وربما منها باتجاه تركيا.
هل هذا الخبر يشكّل حدثاً في يوميات اللبنانيين؟ طبعاً لا. إنما يشكّلُ حلقة من سلسلة أحداث تدلُّ ان في لبنان دولةٌ مستقلّة ضمن الدولة اللبنانية تتمتع بحرية التحرّك وأخذ القرارات وقد أنشأت حلقة منية خاصتها وحلقة سياسية خاصة بها وحلقة إعلامية وحلقة إقتصادية ومالية مستقلة تماماً عن سائر اللبنانيين حتى بدت الجمهورية اللبنانية وكأنّها تابعة لتلك الدولة بدل أن تكون هذه “الدولة” تخضع إلى القانون والدستور الذي ارتضاه اللبنانيون لهم.
لقد عاش جيلُنا ثلاث تجارب متتالية لحالاتٍ مماثلة أخضعت الجمهورية إلى ابتزاز أمني وسياسي وتحكّمت في مفاصل حياتنا اليومية.
في السبعينات، قالت الحركة الوطنية: إمّا دولة المقاومة المفتوحة و”فتح لاند” واستباحة البلد وأمّا لا دولة.
فكانت “اللادولة” منذ العام 1975 في العام 1991. في التسعينات، قالت سلطة الوصاية السورية إمّا بقاء الجيش السوري في لبنان أو التهديد بعودة الحروب الأهلية.
فكانت دولة معلّقة تحكّمت فيها حلقات الفساد والأمن والقمع والإحتلال والإهانة اليومية لكرامتنا الوطنية.
دامت هذه الحلقة من 14 آذار 2005 حين انتفض الشعب اللبناني بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري وأخرج الوصاية من لبنان.
واليوم يقول لنا حزب الله “إمّا دولة على صورتنا ومثالنا أو لا دولة”! فالتهديد الدائم بـ 7 أيّار جديد هو على لسان كل المسؤولين في فريق 8 آذار.
إن الأخطاء التي شابت عملية تشكيل اللوائح الانتخابية لا تحجب حقيقة أن المعركة النيابية مصيرية لأن الصراع والتنافس القائمين هما بين خطين ونهجين وثقافتين، ولا تحجب حقيقة أيضا أن تصحيح الوجهة السياسية من أجل العبور من الدولة المعلقة إلى الدولة الفعلية يتوقف على الهزيمة الانتخابية لقوى 8 آذار.
لا شك أن مرحلة ما بعد السابع من أيار وطريقة تأليف اللوائح وسوء التدبير الانتخابي وتفريغ المعركة من مضمونها السياسي وتخلي قوى 14 آذار عن أسهل معركة انتخابية يمكن تصورها، بمعنى التصويت مع الدولة أو الدويلة، أنهكت قوى 14 آذار، ولكن هذا لا يعفي الحركة الاستقلالية من مهمة مواصلة انتفاضتها والعودة إلى روح الانتفاضة لمنع تحويل لبنان الى مجتمع مقاوم والدولة الى دولة مقاومة.
يتركز جهد قوى 14 آذار في هذه الانتخابات على مستويين: الحصول على الأكثرية النيابية، وضرب مشروعية ميشال عون المسيحية من أجل رفع الغطاء المسيحي عن حزب الله. لا يفترض الاستهانة بهدفي المعركة اللذين يتوقف عليهما مصير البلد ومستقبل اللبنانيين عموما والمسيحيين خصوصا، ولا سيما بعدما قرر حزب الله استنساخ النموذج السوري، بمعنى حكم لبنان على الطريقة السورية أي على قاعدة الفصل بين الطوائف والفصل داخل الطوائف، وهو يضع اللبنانيين منذ السابع من أيار أمام خيارين: حرب أهلية بفعل حزب الله أو سلم أهلي بحماية الحزب وشروطه.
إن فوز قوى 14 آذار في هذه الانتخابات هو الشرط الأساس إن للخروج من معادلة الحزب التهويلية، أو للحؤول دون انتقال لبنان من دولة معلقة إلى دولة مقاومة، وبالتالي الفوز في الانتخابات يفسح في المجال أمام انتقال الدولة من دولة معلقة إلى دولة فعلية تفتح الباب أمام الخلاص الوطني المنشود وتمهد السبيل لحسم مسألة السلاح وتحييد لبنان عن صراعات المنطقة وإحلال السلام في هذا البلد.