ايران ليست في وارد التخلي عن النظام السوري ودعمها له، ربما لأن أيًا من الاطراف الاقليمية والدولية في المقلب الآخر، تريد لايران ان يكون له دور وسطي في اي حل. فقد اكد اكثر من عضو في المجلس الوطني السوري رفضه المشاركة الايرانية كطرف حيادي، باعتبار انها تشارك في قمع الثورة السورية بشكل مباشر اوغير مباشر. والمواقف الاميركية واضحة في هذا الشأن.
لذا ليس ثمة استقبال ايجابي من “المجلس الوطني” لما أكّده وزير الخارجيّة الإيراني علي أكبر صالحي امس أنّ “إيران مستعدة لدعوة المعارضة السوريّة إلى طهران لاجراء حوار مع الحكومة السوريّة” وليس من المتوقع ان يتغير في المستقبل.
لكن الاهم من كل ذلك ان الادارة الاميركية لا تريد اتخاذ خطوات حاسمة حتى الآن في دعم الثورة السورية، وهي ليست على درجة من الحماسة لاتخاذ خطوات عبر “الناتو” من اجل توجيه ضربات عسكرية لقوى النظام السوري تعبر عن غضبها المعلن حيال جرائم “النظام” التي تواظب على استنكارها من دون توقف. فما الذي يدفع الادارة الاميركية وحلفاءها الاوروبيين وبعض الدول العربية، للوقوف شبه متفرجين على نهر الدم والاكتفاء بسياسة تنقيط الدعم للثوار السوريين؟
الادارة الاميركية تعيد قراءة تجربتها العراقية على ايقاع ما يجري في سورية اليوم
تتقاطع مصادر غربية متابعة للملف السوري من موقع المؤيد للثورة السورية، على ان الادارة الاميركية في موقفها البارد ميدانيا من الشأن السوري تحكمه اعتبارات استراتيجية عدة ابرزها:
• لم تصل المواجهات السورية
بكل ما سال منها من دماء ومن خسائر ودمار لتلامس في خطرها مصالح استراتيجية للادارة الاميركية، وهذا واقع يتقدم على مقولة انهماك هذه الإدارة في أولويات انتخابية اميركية، بمعنى أن تهديد مصالح اميركا الاستراتيجية لا تلجم الرد عليه الانتخابات الرئاسية.
• المتابعون الاميركيون للملف السوري في وزارة الخارجية غير مقتنعين بأن المعارضة السورية بتنوعاتها قادرة على إدارة مرحلة ما بعد سقوط النظام السوري، ذلك ان الادارة الاميركية تعيد قراءة تجربتها العراقية على ايقاع ما يجري في سورية اليوم، وهي تعتبر حتى الآن ان اطالة مرحلة ما قبل سقوط النظام السوري، هي مرحلة ضرورية للمزيد من استنزاف واضعاف للمشروع الايراني وامتداده في هذا البلد وعلى المستوى العربي والاسلامي عموما وصولا الى الملف النووي.
• في وقت تبدي هذه الادارة حذرًا من مرحلة ما بعد سقوط نظام الاسد في الوقت الراهن، بسبب عدم نضوج او اطمئنانها للبديل بعد، تتخوف من ان يشكل هذا السقوط اليوم فرصة للسياسة الايرانية لاعادة استخدام الفوضى المرتقبة لترميم دورها الاقليمي. فكما كانت ايران استخدمت الاحتلال الاميركي في العراق لتمدد نفوذها، تستثمرالادارة الاميركية النفوذ الايراني في سورية اليوم، على قاعدة “احتلت اميركا العراق فوقع في الحضن الايراني، واحتلت ايران سورية ودور الادارة الاميركية اليوم انضاج الثمرة السورية الجديدة في حضنها.
• اما بشأن الموقف الروسي فثمة اطمئنان اميركي الى ان الثمن الذي يطالبه به الروس اليوم سيتمنون الحصول على نصفه بعد اشهر.
وعملية الانضاج جارية على ايقاع الشرخ المتعاظم بين ايران وحلفائها من جهة ومن ضمنهم روسيا، والشعب السوري وقوى الربيع العربي من جهة ثانية. وهو شرخ عماده اصرار روسيا وايران على التمسك بنظام محتم الانهيار بطبيعته، وهذا الانهيار المضبوط دوليا، يلبي وظيفة تاريخية لخصوم المشروع الايراني بان يجعل من السياسة الايرانية المتمسكة بالاسد رغم الدماء التي تلوثه بنظر الشعوب عموما، تخسر جاذبية المشروع الاسلامي الوحدوي والتحرري، لحساب انكشاف وتقدم مشروعها القومي بامتداداته المذهبية عربيا بشكل فاقع. وهو امتداد لا يهدد في طبيعته واولوياته المصالح الاميركية في المنطقة لكنه يجعل ايران وامتداداتها منهمكة في حماية ما تبقى من نفوذها، ولو بقرارات تعلي عمليا من شأن الشرخ المذهبي. ازدياد عديد شهداء الثورة السورية لن يعجل في تدخل دولي او اقليمي، ما دام يستنزف مشروعًا ايرانياً في المنطقة… مشروعاً احد ابرز معالم تصدع نسخته الخمينية الاصلية موقفه من الثورة السورية.
alyalamine@gmail.com
كاتب لبناني
البلد
فأر اميركا يقضم جبل ايران
وهكذا يتم التلاعب بارواح الناس في هذه المنطقة لأجل مشاريع واجندات بائسة مخضبة بالدماء. لو كان في اهل هذه المنطقة ذرة خير لتصدوا للمشروعين بنفس القدر الذي يتم به اسقاط الأنظمة ولكن العرب دائما اعتمدوا على الغير في تدبير شؤونهم سواء من ادعى الثورية او المقاومة او الاعتدال او الانبطاح فكلهم ادوات لمشاريع ويبقى الامل منوط بالانسان الذي يحارب ويسقط المشاريع المدبرة مع الانظمة و الجماعات المنتفخة بالخداع و الزيف.