والردّ السـوري براً بديل مــن المواجهة الروسـية مـع تل ابيـب؟
المركزية- لا تزال الغارة الاسرائيلية “الثانية” التي استهدفت منذ يومين نقاطا تابعة لـ”حزب الله” في سوريا، بعد اقل من شهرين على الغارة التي نفّذها الطيران الاسرائيلي في 13 كانون الثاني الماضي على مواقع للحزب في منطقة “البروج” القريبة من تدمر وسط سوريا، وعلى شاحنات تنقل اسلحة للحزب في السلسلة الشرقية المحاذية للقلمون السوري، محط تساؤل و”منصة تحاليل” حول توقيتها و”رمزية” المكان الذي وقعت فيه.
فحسب مراجع دبلوماسية عسكرية تحدّثت لـ “المركزية” “لا يمكن تجاهل الجديد الذي فرضته الغارة الإسرائيلية في عمق الأراضي السورية من معطيات لمجرد وقوعها الى جانب المواقع الروسية المنتشرة على طول الساحل السوري وتمدد القوة الإيرانية على كامل الأراضي السورية، تزامناً مع اولى الخطوات التي قادت الى تعزيز الحضور الأميركي على الأراضي السورية من بوابتها الشمالية في المثلث السوري–التركي–الكردي”.
واشارت الى “انها المرّة الاولى التي تستهدف فيها الغارة مواقع لـ “حزب الله” قرب تدمر وريف حمص في العمق السوري ووسط البلاد، وذلك منذ الغارة المدمّرة لموقع المفاعل النووي السوري في دير الزور في ايلول العام 2007 اي قبل اندلاع الثورة السورية”، من هنا طرح المرجع الدبلوماسي سلسلة الملاحظات حول شكل وتوقيت واهداف الغارة؟.
في الشكل، يمكن على حدّ تعبير المراجع، وصف الغارة الإسرائيلية على الأراضي السورية بانها الأولى في العمق السوري، اصابت هدفاً عسكرياً غير اعتيادي في منطقة هي الأقرب جغرافيا الى الوجود الروسي العسكري البري والجوي والبحري في المنطقة الساحلية السورية وعمقها الممتد من ريف حمص الى ريف حلب وفي اقرب منطقة الى شبكة “الآس 400″ التي نشرتها موسكو في الأراضي السورية قبل فترة ضمانا لحماية قواعدها المتعددة في المنطقة”.
وفي التوقيت، تُشير المراجع الدبلوماسية والعسكرية الى “انها الغارة الأولى التي اعقبت عودة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو من موسكو ولقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وبعد ايام قليلة على نشر القوات الأميركية مدرّعاتها واسلحتها الثقيلة للمرة الأولى في مدينة “منبج” على حدود الملتقى الفاصل بين الوجود العسكري لمجموعة من الجيوش السورية- التركية- الأميركية- الكردية-الإيرانية عدا عن الفصائل الأخرى السورية المتناحرة حول “منبج” والساعية الى خوض السباق الى مدينة الرقة حيث “داعش” واخواتها”.
اما في الأهداف، فتوضّح المراجع “ان اسرائيل ارادت من خلال الغارة توجيه رسائل في اتجاهات عدة: اولها الى القيادة الروسية بخرقها للمرة الأولى كل الخطوط الحمر التي رسمتها بدقة وعناية منذ سنوات عدة بين موسكو وتل ابيب، وهو ما دفع بالخارجية الروسية الى استدعاء السفير الإسرائيلي المُعتمد لديها لمناقشته في الغارة واسبابها وابلاغه احتجاجا روسياً شديد اللهجة “لألف سبب وسبب” ابرزها ما يمكن ان تعتبره موسكو خطوة في اتجاه مواجهة سورية–إسرائيلية تسعى الى تجنّبها منذ تورطها المباشر في سوريا”.
والرسالة الثانية، فيمكن اعتبارها بحسب المراجع “موجّهة مباشرة الى ايران التي وسّعت نفوذها في تلك المناطق امتدادا الى الحدود اللبنانية–السورية على طول منطقة القلمون السورية امتداداً الى ارياف دمشق الغربية والجنوبية بما يضعها على تماس مباشر مع الحدود الإسرائليلية الممتدة الى منطقة جبل الشيخ والجولان السوري المحتل منذ عقود من الزمن”.
اما الرسالة الثالثة “فيمكن قراءتها في اتجاه الجانب الأميركي الذي اعتبرته إسرائيل انه ما زال متهاوناً مع الوجود الإيراني و”حزب الله” وادواته الأخرى على الأراضي السورية، ولم تلحظ تغيّرات اساسية بعد تسلّم الرئيس دونالد ترامب صلاحيته الدستورية في البيت الابيض”، والرسالة الرابعة، موجّهة الى النظام السوري الذي اسقطته تل ابيب منذ زمن بعيد من حساباتها في الأزمة الداخلية السورية، وهي تعتبر انها تتعاطى مع واقع جديد كأن يُقال انها تواجه طهران وادواتها في سوريا لتشريع عملياتها العسكرية المانعة لأي شكل من اشكال توازن الرعب معها كما تريد بناؤه كل من طهران والضاحية الجنوبية من بيروت”، تتابع المراجع.
ودعت الى “التوقف امام التزامن بين المواجهة المحدودة مع الطائرات الإسرائيلية والمضادات السورية وتلك التابعة لـ “حزب الله” بانطلاق صاروخ ارض – ارض بالستي بعيد المدى في اتجاه الأراضي الإسرائيلية فدمّرته دفاعاتها الجوية قبل الوصول الى هدفه، وتناثرت اجزاء منه فوق الأراضي الأردنية كما قالت وسائل اعلام محلية فيها، وهو ما يدل الى احتمال ان يكون الصاروخ انحرف او تم تشتيته بعيداً من العمق الإسرائيلي قبل تدميره”، ولم تستبعد “احتمال تكرار مثل هذه العملية ما سيؤدي الى وقوع اشتباك سوري او ايراني–اسرائيلي تريده دمشق وطهران في آنٍ كبديل من مواجهة محتملة بين الروس والاسرائيليين الذين خرقوا دفاعات موسكو الجوية المباشرة فوق ريف حمص والقلمون وتدمر على مقربة اقل من 20 كيلومترا عن اقرب شبكة للصواريخ الروسية وشبكات الرادار في ريف حمص، وتحديداً في قاعدة الشعيرية الجوية الروسية المستحدثة في المنطقة دعما لقاعدتي حميميم الجوية وطرطوس البحرية”.