لحد علمنا، فلم يسبق في تاريخ الجمهورية اللبنانية أن فُرِض حظر على تصريحٍ للبطريرك الماروني. حتى في عهد الإحتلال البعثي، وفي عهد غازي كنعان ورستم غزالي. هذه “سابقة”، وأخطر ما فيها أنها طاولت تصريحاً حذّر فيه بطريرك الموارنة من “تهديد” للكيان اللبناني ومن تهديد لهوية لبنان “العربية”!
“لماذا لم يقرأ اللبنانيون كلام البطريرك صفير كاملاً؟
التفسير نجده في الفقرة التالية من تغطية جريدة “الشرق الأوسط
لم يعجب كلام البطريرك عشية أهم إنتخابات في تاريخ لبنان كما يصفها البعض، فريق “8 آذار”، خاصة الحليف المسيحي فيه ميشال عون، فاحتجّ على إيراد تصريحه في “الوكالة الوطنية للإعلام” الرسمية التابعة لوزارة الإعلام. وحتى أن موقع الإنترنت التابع لعون، حليف حزب الله، بثّ خبراً عاجلاً مفاده أن “الكلام المنسوب للبطريرك محرف ومجتزأ”. وبعد أخذ ورد بين فريقي الأكثرية والمعارضة، اكتفت الوكالة بخبر أولي من خمسة أسطر ولم تورد النسخة الكاملة للتصريح. في ما قال تلفزيون “أن بي أن” القريب من رئيس مجلس النواب نبيه برّي أن ضغوطاً مارستها الأكثرية لمنع سحب تصريح صفير.”
انتهى المقتطف. .
لكن الجنرال عون لم يكتفِ بالضغوط التي مارسها مع حليفه السيد نبيه برّي لمنع تداول تصريح البطريرك، بل عمد إلى الكذب الصريح فعمّم موقعه الخبر التالي:
الخبر الكاذب المنشور في موقع “التيار” العوني
في موقف يتناقض مع الموقفين الصادرين عن بكركي خلال الأسبوع الفائت، الأول إثر الاجتماع الشهري لمجلس المطارنة، والثاني بعد الخلوة السنوية للمجلس، وزَّعت الوكالة الوطنية للإعلام حديثاً مقتضباً نسبته إلى البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير، يتضمن تحذيراً من أننا اليوم أمام تهديد للكيان اللبناني ولهويتنا العربية، وهذا خطر يجب التنبه له، والواجب يقضي أن نكون واعين لما يدبَّر لنا، ونحبط المساعي الحثيثة التي ستغير، إذا نجحت، وجه بلدنا.
وقد علمت “صوت الغد” أن الحديث المنسوب إلى البطريرك صفير هو تحريف واجتزاء لما أدلى به في جلسة خاصة، وهو لا يعبِّر في شكل من الأشكال عن الموقف الشامل للبطريركية المارونية في شأن العملية الانتخابية.
النص الكامل لتصريح البطريرك الذي خضعت “الوكالة الوطنية” للضغوط ولم تنشره كاملاً
صفير: نحن أمام تهديد للكيان اللبناني وهويتنا العربية
الأحد, 07 يونيو 2009
بيروت – «الحياة»
حذر البطريرك الماروني نصرالله صفير، وقبل اقل من 24 ساعة على الاستحقاق النيابي في لبنان، من «اننا اليوم امام تهديد للكيان اللبناني ولهويتنا العربية، وهذا خطر يجب التنبه له»، وأكد ان «الواجب يقضي علينا ان نكون واعين لما يدبر لنا من مكايد، ونحبط المساعي الحثيثة التي ستغير، اذا نجحت، وجه بلدنا».
وبعد قداس ترأسه في بكركي، دعا صفير الجميع الى «التنبه لهذه المخاطر واتخاذ المواقف الجريئة التي تثبت الهوية اللبنانية، ليبقى لبنان وطن الحرية والقيم الأخلاقية والسيادة التامة والاستقلال الناجز، ولا يضيع حق وراءه مطالب».
وتحدث صفير في عظة بعنوان «لا يضطرب قلبكم ولا يخف» عن الخلوة الروحية التي عقدت في بكركي «لنعرض أحوال كنيستنا حيثما توطّنت وأقامت. ونشكر الله على أن شعبنا يواكبنا بصلاته لتثمر رياضتنا هذه ثمار التقوى».
لا يمكن تجاهل الثوابت التاريخية
وقال: «اذا استعرضنا ما نحن فيه في بلدنا الأول لبنان، خصوصاً في هذه الأيام التي سيدعى فيها اللبنانيون إلى الإدلاء بأصواتهم لا يمكننا إلا أن نأسف شديد الأسف لما نراه من انقسامات عميقة في صفوفهم، فيما كان الواجب يقضي عليهم برصّ صفوفهم وتوحيد آرائهم، محافظة منهم على وجودهم وكيانهم وتراثهم، خصوصاً ان المنحى الذي تتخذه الأحداث التي نشهدها لا تبعث على الطمأنينة والأمل الكبير. وهناك ثوابت تاريخية لا يمكننا أن نتجاهلها او نتناساها، هي أننا: سنة 1943 تعاهدنا على ميثاق وطني حقّق لنا الاستقلال وارتضينا العيش المشترك، وبعد خمس سنوات تعرّض استقلالنا لمواجهة تغلّبنا عليها بتضامننا، وبعد قرابة نصف قرن وحروب مشؤومة دفعنا معها أثماناً باهظة، جدّدنا ميثاقنا في الطائف، ومنذ أربع سنوات انتفضنا على الهيمنة السورية، واستعدنا استقلالنا الوطني، وإذا بنا اليوم أمام تهديد للكيان اللبناني ولهويتنا العربية. وهذا خطر يجب التنبّه له. لهذا ان الواجب يقضي علينا بأن نكون واعين لما يُدبّر لنا من مكائد، ونحبط المساعي الحثيثة التي ستغيّر، اذا نجحت، وجه بلدنا».
وأضاف قائلاً: «لهذا إنّا ندعو الجميع إلى التنبّه لهذه المخاطر وإلى اتخاذ المواقف الجريئة التي تثبّت الهوية اللبنانية ليبقى لبنان وطن الحرية والقيم الأخلاقية والسيادة التامة والاستقلال الناجز، ولا يضيع حق وراءه مطالب. وإنّا نشكر الله، تكراراً، لإتاحته لنا المجال لهذا الاجتماع، ونعاهده الإخلاص له ولكنيستنا المارونية وتاريخها المجيد، وللسلف الصالح من آبائنا وأجدادنا الذين استماتوا في الدفاع عن لبنان، وعن قضاياه العادلة، إنا سائرون على خطاهم، بعونه تعالى وبركاته».