“الشفاف”- بيروت
قد تكون المرحلة المقبلة التي نحن مقبلون عليها غامضة بالنسبة إلى الكثيرين من اهل السياسة. هم بدأوا منذ ما بعد الانتخابات النيابية في “التموضع”، كلٌّ حسب مصالحه، وبالحد الأقصى مصالح طائفته. “طائفة” بالنسبة لهؤلاء هي الوطن وهي “حامية الحمى” في كل حين.
منذ الاستحقاق النيابي أو قبله بقليل، بدأت القراءات للوضع الإقليمي تتهاطل على الزعماء السياسيين، فتحضروا جيّداً “لتموضعهم”، وطبعاً لم يكن هذا “التموضع” ليكون قبل إدلاء الناس بأصواتهم في صناديق الاقتراع، ليس لأي اعتبار، سوى اعتبارات الربح والخسارة، فالخطوة الناقصة في ذلك التوقيت، تُكلّف كثيراً.
ليس أهم من مقعد نيابي بالنسبة لهم جميعاً. جمهور المؤيدين ومن كانوا إلى جانبهم في كل حين، ليس لهم أي مكان عندما يكون الأمر متعلقاً بـ”السلطة”، وما “أدراهم” ما السلطة!
لعلّ الاستحقاق البلدي هو أكثر ما يمكن الوقوف عنده اليوم. ليس من باب تحليل ما حصل من اعتراضات هنا وهناك، أو شبه انقلابات اعتقدها البعض مؤشراً لمرحلة جديدة، فإذ بها لا تعدو سوى محطة على طريق تكريس الأمر الواقع في كل المناطق على السواء، لاسيما في تلك التي ليس فيها سوى اللون الواحد، والعلم الواحد، والصوت الواحد، والمُعترض يبقى منفياً بالفكر، قبل أن يحين نفيه جسداً إلى خارج حدود “مناطقهم المقفلة”.
في كل هذا، أكثر من يجب أن يكون قد أخذ دروساً كافية ووافية في “المعركة البلدية” هو “التيار الوطني الحر”. فالواضح أن “وثيقة التفاهم” التي تغنّى بها طويلاً لم يعد لها قيمة لدى “حزب الله”. فالحزب لم يبدِ أي حماسة مع “العماد”. مقاربة بسيطة فيها الجواب الوافي عما قام به الحزب في هذا الاستحقاق. فهو استطاع أن يجيّش جماهيره لدعم الياس سكاف في زحلة، فيما لم يأخذ نائب أمين عامه الشيخ نعيم قاسم انتخابات جبيل على عاتقه، كما فعل في 7 حزيران حين “سهر الليالي” حرصاً على ضمان نجاح حليفه عون. لماذا؟ سؤال برسم العونيين أو برسم نائب جبيل عباس هاشم، طالما أنّه “المنظر” لسياسات “الحزب” ومن بعده “الجنرال”.
لا بد أن هناك في “التيار العوني” من يقول وينادي بتقويم هذه المرحلة الجديدة، وستخرج الأصوات “الممتعظة” لتقول ما مفاده: لقد تبدلت الأمور، “حزب الله” لم يعد يريد الغطاء المسيحي كما السابق، اليوم هناك علاقات جديدة بين سوريا ولبنان، وليد جنبلاط خرج من معسكر 14 آذار ودخل “مخيم” المقاومة من أوسع أبوابه، سعد الحريري أصبح رئيساً لحكومة كل لبنان وهو الذي ينسج العلاقة مع دمشق، سمير جعجع يكسب في الشارع المسيحي أكثر من أي وقت مضى لأنه الأقرب إلى نبض الناس، في كل هذا علينا التحرك سريعاً واستخلاص العبر.
قد يسمع “العماد” وقد لا يسمع، فهو اعتاد على تعبيد طريق أدائه السياسي بأساليب مخالفة للمنطق، لكن الواقع يفرض عليه “الرضوخ” إلى كل هذه المتغيرات، لأنه لا يستطيع أن يذهب برجليه إلى انتحار سياسي يُخرجه من “اللعبة”.
على جماهير 14 آذار أن تفرح، لأنها فازت حيث خسرت بوجه “التيار العوني”، لسبب بسيط: التيار البرتقالي عائد بحكم المنطق إلى ما كان عليه قبل العام 2005.
ayman.sharrouf@gmail.com
عون.. والعودة إلى 14 آذار!
سني لتناني — ahmadrwda@gmail.con
للإضافة فقط :سمير جعجع لا يتمتع بتاييد المسيحيين فقط بل وبمعظم الشارعين السني والدرزي في لبنان،إن إستدارة الزعيميين حريري وجنبلاط شملتهما وحدهما دون قواعدهما الشعبية لسبب أن جعجع يمثل الغضب والقهر لهؤلاء اللذين يشعرون أن قادتهم باعوهم لمصالح شخصية