كان السياسي العتيق وزير داخلية فرنسا الأسبق، شارل باسكوا، يتلّذد بترديد مثل شائع، قد يكون كورسيكياً مثله، بأن “الوعود لا تُلزِم إلا من يصدّقها”! ولكن الجنرال عون صدّق وعد ساركوزي (على ذمّته هو) و”أكلها”!
ومثل الأفلام المصرية، فقد تعرّض “مون جنرال”، قبل ايام، لـ”كمين” ثانٍ نصبه له الرئيس الحالي فرنسوا أولاند الذي وجّه له “دعوة” لزيارة فرنسا قبل وصول الرئيس الفرنسي إلى بيروت! فحَسَبَها “مون جنرال” وأدرك أن “وراء الأكمة ما وراءها” فرفض الدعوة! برافو جنرال!
ساركوزي أقنعني”!”
و”القصة وما فيها”، حسب “المحرّر السياسي” لجريدة “السفير” (هل “المحرّر السياسي” إسم “حركي” لشخص واحد في جريدة السفير “الغرّاء”، أم أنه “قبعة إخفاء”؟):
“على جاري عادة اللبنانيين، ثمة من همس في أذن السفير الفرنسي الجديد في بيروت ايمانويل بون الذي كان قد رافق هولاند قبل ثلاث سنوات وأعدَّ برنامج تلك الزيارة (3 ساعات)، وسأله عن كيفية إعطاء بعد رئاسي لبناني للزيارة، وعن إمكان توجيه دعوة إلى عدد من القيادات المارونية وخصوصا العماد ميشال عون لزيارة فرنسا. لم يتردد بون بالمحاولة، ولذلك، سأل العماد عون عما إذا كان يرغب بلقاء هولاند قبل زيارة الأخير للبنان، فسارع «الجنرال» للقول إنه لا يرغب بالقيام بتلك الزيارة، وانتهى الأمر عند حدود التقرير الديبلوماسي المقتضب الذي رفعته السفارة الفرنسية حول فشل المحاولة ـ الكمين!
“وعندما سأل المحيطون بالعماد عون عن سبب إجهاض المبادرة الفرنسية، أجاب أن ذاكرته ما زالت حية ولن تنطلي عليه خديعة الرئيس التوافقي مجددا، «فالرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي تحدث معي على مدى أكثر من ساعة أثناء مؤتمر الدوحة، وأقنعني بأنه بمجرد قبولي بانتخاب قائد الجيش ميشال سليمان رئيساً للجمهورية سأتحول ليس إلى «صانع رؤساء» وحسب بل إلى رئيس ظل لمدة ست سنوات.. فماذا كانت النتيجة»“يسأل «الجنرال»؟“
سليمان: “أنصفني” و.. “لا أقبل”!
وقد ردّ الجنرال-الرئيس السابق ميشال سليمان على كلام الجنرال -الرئيس الطامح بالتصريح التالي:
“إذا كان هذا الكلام صحيحاً، فإنه يدل على وجود خطأ وتضارب في التوجهات لدى من يطالب بوصول رئيس قوي وقادر للجمهورية ويعقد في الوقت نفسه اتفاقات بهدف أن يلعب دور «رئيس ظل» يضعف الرئيس الفعلي للبلاد»، موضحاً أنه «من المفترض ألا يقبل العماد عون نفسه بوجود رئيس ظل في عهد أي رئيس للجمهورية إذا كان فعلاً حريصاً على موقع الرئاسة المسيحية».
وأردف سليمان قائلاً: «على كل حال، وإذا صحّ هذا الكلام المنقول عنه، «فكتّر خيرو» الجنرال لأنه بذلك يكون أنصفني بتأكيده أنني لا أرضى أصلاً أن يكون هناك رئيس ظل للجمهورية في ظل عهدي»، وتابع رداً على سؤال: «ليس أنا من عرقل مسيرته بل هو من سعى إلى عرقلة رئاستي».
“عهد الجنرالين”!
أجمل ما في القصة هو أن اللبنانيين باتوا الآن يعلمون أن في “إتفاق الدوحة” ما يشبه “قُطبة مخفية”. فكان في ظّنهم أن سلاح حزب الله فرض ميشال سليمان رئيساً وفق “عادة رديئة” ابتليت بها الجمهورية اللبنانية تجعل كل من يلبس “بدلة العماد قائد الجيش” مرشّحاً لرئاسة الجمهورية.. رغم الدستور اللبناني! ويتبيّن الآن أن أقطاب “الدوحة” انتخبوا “رئيسين”، وأن الأول (سليمان) “أكل حقوق” الثاني، أي “رئيس الظل” أو “الرئيس السرّي”.
وحيث أنه كان هنالك “رئيسان” في العهد السابق، فطبيعي أن اللبنانيين ما يزالون ينتظرون انتخاب “رئيس جمهورية” واحد على الأقل (بـ”ظل” أو “بدون ظل”) منذ أكثر من سنة.
وهذا كله ذكّرنا بفيلم تحية كاريوكا وصباح “خدعني أبي” (لم نجد فيلماً بعنوان “خدعتني أمي الحنون”!) أو فيلم “خدعتني إمرأة”، بطولة “حسين فهمي”! “فوجب الذِكر”!