في مقالها في الشرق الأوسـط العدد # 11605 تاريخ 6 سبتمبر/أيلول الجاري، والمعنون: عندما يصرخون..ندين بشــدة، رغبت السيدة بثينة شعبان كما قالت، أن تسلّط الضوء على ماأغلفه السيد مارتن إنديك في مقاله الافتتاحي في «نيويورك تايمز» بعنوان: هذه المرة أمل في الشرق الأوسط.
فتساءلت عن السبب في إهمال مارتن إنديك العنف الذي تمارسه إسرائيل منذ سنوات ضد المدنيين في غزة حصاراً وحرباً وقصفاً بالمدفعية والصواريخ والطائرات، حيث بدا كغيره من السياسيين والإعلاميين الغربيين، الذين يهملون العنف الإسرائيلي اليومي المتواصل دون انقطاع منذ أكثر من ستين عاما ضد الفلسطينيين. وأردفت بالقول: ولم أكن لأعلم أنه وبعد يومين فقط، ستصبح المفارقة في هذه النقطة بالذات صارخةً على الساحة الدولية بعد أن قُتِلَ أربعة مستوطنين يهود في إحدى قرى الخليل. ثم أضافت: وكأن قتل العرب ليس عنفاً، بينما قتل هؤلاء المستوطنين الأربعة هو العنف، مستشهدةً بأن الرئيس الأميركي شجب هذا القتل العبثي وهو الذي سكت عن قتل أربعة آلاف مدني من النساء والأطفال في غزة، وأن وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون أدانت العنف الوحشي ولم تدن أبداً قتل الإسرائيليين لأي فلسطيني، ومثلهم كان موقف الأمين العام للأمم المتحدة حيث اعتبرها محاولة لئيمة لتقويض المفاوضات، ومثلهم فعل الاتحاد الأوروبي كعادته واليابان أيضا، وحتى السلطة الفلسطينية أدانت قتل المستوطنين الأربعة دون أن تذكّر العالم بالجرائم البشعة التي يرتكبها المستوطنون بحق الفلسطينيين. وعليه فقد أحصت للست أشهر الماضية خمسة جرائم قتلاً وسبعةً دهساً، وجريمتا عنف كشاهد على مافعله المستوطنون الإسرائيليون في الضفة ضد فلسطينيين عزل يحاولون العيش على أرضهم بكرامة، وذكرت إلى أنه لم تتحرك أي دولة في العالم لإدانة أي جريمة من هذه الجرائم فضلاً عن وسائلها الإعلامية أيضاً، لتطرح في النهاية سؤالها الهام حسب قولها: هل فعلا أن أوباما، ووزيرة خارجيته، والاتحاد الأوروبي، واليابان، والنرويج، والأمم المتحدة لم يطلعوا على دهس وقتل مئات الفلسطينيين على يد المستوطنين خلال السنتين الماضيتين؟ أم أنهم يعتبرون الدم الفلسطيني رخيصا لا يستحق مثل هذه الإدانة والغضب؟
وبناء على ماسبق من أضواء مستشارة الرئاسة السورية على مقال السيد إنديك، فإنّا بدورنا نرغب أن نسـلّط الضوء على ماأغفلته السيدة شعبان في مقالها أيضاً.
ابتداءً، إن ممارسة إزدواجية المعايير محليّاً وعربياً ودولياً على صعيد الأحداث السياسية عنفاً وإرهاباً وجريمة، باتت أكثر من واضحة في بدهيات العامّة قبل المثقفين فضلاً عن السياسيين. ولئن كنّا نوافق السيدة بثينة فيما ذهبت إليه، فنستهجن إزدواجية المقاييس والأحكام والظل والحرور على السطح الواحد نهجاً وسلوكاً، ورغم يقيننا أن لاجديد في ماأهمله المستر إنديك أو الرئيس الأمريكي وخارجيته أيضاً، والأمم المتحدة ومعها الاتحاد الأوروبي وأمثالهم في المواقف والتصريحات، وإنما تمنينا لو كان الكاتب غيرها لتكتسب الأفكار بعض الحياة والمصداقية، وتبتعد عن شعارات وكلمات تُتَداول في سوق البورصة الفلسطينية ليس أكثر، وإلا فإن كل المتهمين بالسكوت عن إدانة قتل العرب على يد الإسرائيلين في مقال السيدة شعبان هم أنفسهم حقيقةً الساكتون أيضاً حتى عن إدانة قتل العرب بيد العرب وإلا كيف نفسّر سكوتهم المطبق عمّا لم يكن له في التاريخ الحديث مثيل، في مقتل وفقدان عشرات الآلاف من مواطني السيدة شعبان في ثمانينات القرن الماضي لعشرات من السنين، حتى ظهور تقريرهم الدولي والخجول في حزيران الماضي ليقول أن هناك قرابة سبعة عشر ألف مفقود، كانوا معتقلين واختفت آثارهم ولايعلم أحد عنهم شيئاً، وهم بمثابة كارثة وطنية تستوجب التدويل تجاه الإصرار والرفض السوري على معالجة هذه القضية الإنسانية وآثارها.
تالياً، في جردتها للعنف الإسرائيلي الممارَس على العرب الفلسطينين في الست أشهر الخالية والتي نحن معها في عمومها، لم تقصّر السيدة شعبان حقيقة في استخدام اللفظة والعبارة المناسبة لوصف ممارسات قطعان المستوطنين بالعبثية تارة، والقمع والوحشية تارة أخرى، ووصفها بالجريمة والعنف الوحشي أحياناً. وإنما لو كانت جردتها صادرةً عن كاتبٍ مثلي لايملك غير ألم وقلم لكان أمراً عادياً ومقبولاً، ولكن لكونها صادرة عن كاتبة مثقفة وسياسية في موطن المسؤولية، وتحديد الموقف وتصويب القرار وصناعته، فيصبح لها معنى آخر تقابلها فيه وجهاً لوجه جردة تتوافق مع نفس الفترة الزمنية التي اختارتها، توضح للقاريء جلياً مايُفعل بالعرب لابيد الإسرائيلين بل بيد شركائها العرب:
اعتقال الشاب محمد على رحمون في مدينة حمص من قبل مخابرات القوى الجوية في أوائل نيسان الماضي وتسليمه لأهله في 21 حزيران/يونيو جثةً هامدة منزوعة الأظافر ومكسَّرة الأسنان.
اعتراف الوفد الرسمي السوري في أوائل أيار/مايو الماضي ولأول مرة أمام لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في جنيف أن قوات الأمن أوقعت حوالي 17 قتيلاً من سجناء صيدنايا لرفضهم الانصياع لأوامر سجّانيهم وحرّاسهم.
اعتقال الشاب حنان عبد القادر محمود متزوج وأب لطفل في شهر أيار/مايو أيضاً من قبل المخابرات الجوية في دمشق، وتسليم جثته لأسرته في الشهر التالي وقد فارق الحياة تحت التعذيب. اعتقال جلال حوران الكبيسي في الشهر نفسه في أحد فروع الأمن الجنائي وتسليم جثته لأسرته بعد أربعة أيام من الاعتقال، وقد فارق الحياة تحت التعذيب. صدور تقرير دولي في حزيران/يونيو الماضي أنجزه باحثون وخبراء سوريون في حقوق الإنسان بالتعاون مع جهات حقوقية دولية مختلفة أن عدد المفقودين السوريين في أحداث الثمانينات المعروفة حوالي سبعة عشر ألف مواطن، وما تزال آلاف الأسر لاتعلم مصير ذويها المعتقلين وتُواجَه بالرفض الرسمي للتعامل مع هذه القضية الإنسانية ومعالجتها. اعتقال رياض أحمد خليل مع ولديه في أواخر شهر حزيران/يونيو أيضاً من قبل الأمن السياسي في حلب، وتسليم جثة الأب لأهله في أواخر آب/أغسطس الشهر الفائت تحت حراسة أمنية مشددة ولا يزال ولداه في السجن.
تعرّض المهندس وديع شعبوق في 13/7/2010 عندما ذهب مع ابنه علاء إلى فرع الأمن الجنائي في حلب لإثبات أن ابنه الآخر المعتقل بدعوى التهرب من الخدمة العسكرية الإلزامية قد فرغ من أدائها قبل سنة ونصف، إلى لكمات شديدة على صدره بتهمة شتم عناصر الأمن، مما أدى إلى إصابته بسكتة قلبية أودت به إلى حالة موت سريري استمرت أسبوعاً فارق بعدها الحياة.
انتهاءً، إن منطقنا هو الرفض لقتل العرب بيد الإسرائلين، ورفض منه أكبر، وقرف منه أشد لقتل العرب بيد العرب، ومن ثم نرجع إلى سؤال السيدة شعبان من بعد جردتنا الموازية لجردتها: هل فعلاً أن أوباما وغيره لم يطّلعوا على دهس وقتل الفلسطينيين على يد المستوطنين ؟ أم أن الدم الفلسطيني رخيص لا يستحق مثل هذه الإدانة والغضب؟
لنقول: إذا عرفنا ومعنا الكاتبة الكريمة في المقدمة، لماذا يسكتون عن قتل العرب بيد الإسرائيلين، فهلا أُعْلمنا لماذا يسكتون عرباً وعجماً وأمريكاناً وصهاينة عن قتل العرب بيد العرب..؟ أم أن الدم العربي المسفوك بيد العرب رخيص لاحسيب عليه ولا رقيب، ولايستوجب حتى التوقف والمراجعة وأمتنا في مهبّ الريح؟ وإذا كنا فيما هو ظاهر عاجزين ومُعجَّزين عن منع قتل العرب بيد الإسرائيلين، فما هو مانعكم ياأيها العرب على ألا تقتلوا مواطنيكم العرب بأيديكم…؟
” عندما يصرخون.. ندين بشـدة..!”: تنويه (عن قتل العرب بيد العرب)
http://www.adenpress.com/
” عندما يصرخون.. ندين بشـدة..!”: تنويه (عن قتل العرب بيد العرب)– يقال ان حمارا تعب من شقاء الحمل والضرب وسوء المعاملة والشتيمة وواصل الليل مع النهار داعيا ربه ان يحوله الى “انسان” .. وذات يوم جاءه ملاك من عالم الغيب مقترحا عليه “شاغر كردي” , فاجاب بالرفض ؟! .. وقرأت مؤخرا ان فصيل كردي “نجح او فشل” في اقرار (الحمار) كشعار .. ومن المعروف (تاريخيا) ان (متري الحلاج) اصدر صحيفة (جراب الكردي) في (حيفا) عام (1908) وتنقل بها فيما بعد كل من (باسيلا الجدع) و(خليل نصر) الى (حمص) ثم (حماة) .. لتستقر في (دمشق) عام (1920) , جاء في الافتتاحية… قراءة المزيد ..