تعود آخر موازنة أقرتها الحكومة اللبنانية إلى عام 2005. في حين ان المجلس النيابي اللبناني لم يصدق على موازنات أعوام 2006 و2007 و2008 بسبب التطورات الأمنية والأزمات السياسية المتلاحقة.
وحسب القاعدة القانونية المعتمدة في لبنان في حال عدم وجود موازنة، يتم الإنفاق على القاعدة «الاثني عشرية» أي بالاستناد إلى الأرقام الواردة في آخر موازنة عامة صدقها المجلس النيابي، وهي موازنة عام 2005.
نفقات العام 2009، وبحسب الموازنة التي اعدها وزير المال اللبناني السابق محمد شطح قدرت، بـ16298 مليار ليرة اي ما يقارب (10مليارات و800 مليون دولار) في مقابل عائدات مرتقبة بـ11389 مليار ليرة (7.5 مليار دولار وبلغ العجز للعام 2009 4.13 مليار دولار هو المبلغ الذي توجب على الدولة اللبنانية اقتراضه لسد العجز.
وزيرة المال اللبنانية في حكومة الوحدة الوطنية الحالية ريا الحسن كانت صرحت ان موازنة العام 2010 ستنجز قبل نهاية كانون الثاني/ يناير من قبل الوزارة. وأرجعت الحسن تأخر إقرارها إلى تأخر عدد من الوزارات بإرسال موازناتها.
ورأت وزيرة المال اللبنانية أن هناك أرقاماً كبيرة ومطالبات بزيادة نفقات بعض الوزارات تحتاج إعادة نظر من قبل وزارة المال لأن الأرقام المطلوبة تفوق المتوقع، مبينة أن توجهات وزارة المال حصر العجز بحدود 10 % من الناتج المحلي، أي حوالى 3 مليارات و300 مليون دولار أميركي، أو ما يوازي 4800 مليار ليرة تقريباً.
وفي سياق متصل، وفي حين لم يتم إنجاز الموازنة اللبنانية الى اليوم، أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري ضرورة تفعيل العمل الحكومي بسرعة وتنشيطه لأنه لا يجوز ان تبقى الحال على هذا المنوال من البطء والجمود، مع ما يترتب على ذلك من مراوحة في مؤسسات الدولة وإداراتها، تنعكس سلبا على مصالح المواطنين. معتبرا ان هناك عراقيل منظورة وأخرى غير منظورة تعطل عمل الحكومة.
خبراء اقتصاديون قالوا ان عدم إقرار موازنة في ظل التجاذبات الحالية قد يكون افضل من إقرارها.
وعزا الخبراء السبب الى مقارنة بين الانفاق في السنوات السابقة على القاعدة الاثني عشرية وما سيسفر عنه فتح افواه الوزراء على سقف عال من المطالب وزيادة في الإنفاقات غير المجدية وغير المنتجة مما سيرغم الحكومة على اللجوء الى الاستدانة او الى فرض ضرائب إضافية من اجل تأمين مصادر تمويل للميزانية المرتقبة. خصوصا وان اي من الوزراء لم يعتمد في موازنته المقترحة الى تقديم خطة انتاجية او مشاريع تمول ذاتيا، او حتى تجشم عناء تقديم دراسة جدوى في مقترحاته لصرف الاموال الاضافية عن الموازنات السابقة ما خلا إرضاء الناخبين والازلام والمحاسيب.
وعلى جري العادة اللبنانية يتم تحميل رئيس الحكومة مسؤولية سياسية واجتماعية ومالية سواء لجهة إضطرار الحكومة الى الاستدانة، وتاليا رفع حجم المديونية الحالية اكثر مما هي عليه حاليا، ام رفع نسبة الضرائب او اللجوء الى استحداث ضرائب جديدة. وايضا إفقاد رئيس الحكومة سعد الحريري صدقيته لجهة إعلانه في مقدمة بيان الحكومة الذي نالت على اساسه الثقة من ان اولوية الحكومة الحالية هي هموم الناس، ما يتناقض كليا مع استحداث ضرائب جديدة مباشرة او غير مباشرة او رفع قيمة الضرائب غير المباشرة من خلال رفع حجم الدين العام المتوجب السداد عاجلا ام آجلا من جيوب اللبنايين.
وبالعودة الى السنوات السابقة حيث عاش لبنان من دون موازنة، انخفضت نسبة الدين العام الى الناتج الوطني تباعا. وعزا الخبراء الاقتصاديون السبب الى ان الحكومات لم تكن تستطيع إختراع ابواب للصرف غير المجدي في ظل القاعدة الاثني عشرية. اي ان الوزارات كانت تصرف حاجاتها التشغيلية والضرورية دون سواها. وإذا ما تم الاستمرار في العمل بهذا المبدأ، تكون ابواب الهدر محدودة جدا وفي ظل نسبة نمو متوقعة حسب بيانات المركزي اللبناني والتي اعلن حاكمه انها قد تصل الى 7 في المئة في حدها الادنى، مما يعني ان الناتج الوطني المحلي سوف يستمر في استرداد مكانته بالارتفاع قياسا الى نسبة الدين العام.
وإزاء ذلك، يقترح الخبراء ان يتم العمل حتى إشعار آخر بالقاعدة الاثني عشرية في ظل حالة عدم الاستقرار السياسي وحالة الاستقواء التي يمارسها وزراء المعارضة الذين يرفضون تحمل مسؤولية العمل الحكومي الجماعي ويصرون على رفع موازنات وزاراتهم لكي يتصرفوا بها انتخابيا.
وفي سياق متصل يشير آخر التقارير الاقتصادية الى ان مجموع عجز الموازنة اللبنانية سجل انكماشا بواقع 427 مليار ليرة لبنانية (283.8 مليون دولار) إلى 27 مليار ليرة لبنانية في كانون الثاني/يناير 2010 مقارنةً بعجزٍ بلغ 453 مليار ليرة لبنانية السنة الماضية. ويعود ذلك جزئيا إلى انخفاض عمليات التحويلات إلى وزارة الكهرباء المتعثرة نظرا إلى انخفاض أسعار الوقود، وشكّل هذا العجز، الذي يتضمن معاملات موازنة وخزينة، 2.3% فقط من مجموع الإنفاق في كانون الثاني/يناير الماضي مقابل 27% في كانون الثاني/يناير 2009.
واذا كان لامر كذلك يصبح التساؤل عن جدوى إقرار الموازنة مشروعا اذا استمر انكماش الدين والعجز لان الوزراء لا يستطيعون الصرف!