البقاع –خاص بـ”الشفّاف”
عرفت بلدة “عرسال” الاسبوع الماضي تدفقا اضافيا لعائلات سورية هاربة من جحيم المعارك الدائرة بين الثوار وجيش آل الاسد.
ورفعت حركة النزوح الجديد عدد العائلات الهاربة الى عرسال منذ انطلاق الثورة السورية حتى اليوم الى 3000 عائلة.
ورغم الاحتضان الاهلي لهؤلاء، فهم يعيشون ظروفا انسانية صعبة جدا مرشحة لدخول مرحلة الخطر مع بدء فصل الشتاء.
والخطورة تكمن في افتقار نحو 500 عائلة الى مأوى تتوفر فيه الشروط التقليدية للسكن والاقامة في قرية يجتاحها الصقيع هذه الايام.
الاحتضان الاهلي، على اهميته، لم ينجح في توفير مستلزمات الاقامة في ظل تراجع المساعدات من المفوضية العليا التابعة للامم المتحدة والمنظمات الدولية والعربية.
يقول احد الناشطين العراسلة من آل الحجيري لـ”الشفاف”: “العقبات أكثر من أن تحتمل.
ويعدد: “العائلات المقيمة اليوم في الخِيَم مهددة بالموت من البرد والصقيع! فقريتنا ترتفع 1200 متر عن سطح البحر، وفي مواقع مجاورة تلامس 1300 مترا. فموجات المطر والبرد والصقيع تلف منطقتنا قبل سواها في ظل انعدام القدرة على تامين مادة المازوت للتدفئة، فضلا عن نقص هائل وفاضح في الفرش والاغطية وحتى الثياب الشتوية.”
ماذا عن المواد الغذائية؟
• يجيب: “لا مشكلة بالنسبة لهذا الجانب. فالمواد الغذائية متوفرة عبر الاهالي وجمعيات اهلية وعربية منها القطري والسعودي والنروجي، انما المشكلة الابرز تبقى في مقومات البقاء على قيد الحياة. ولا ابالغ اذا ما قلت ان شروط الاقامة في منطقة قاسية طبيعيا أمر ليس بالسهل للسكان الاصليين، فكيف بالنسبة للنازحين. فضلا من اننا نعيش ظروفا امنية غير عادية جراء الاعتداءات السورية المباشرة وغير المباشرة، عنيت التوغلات الامنية الصامتة الى داخل تجمعات النازحين”.
• اذاً، يتابع الحجيري: “مسألة توفير المحروقات والاغطية والفرش ومستلزمات اخرى ضرورية جدا، وهي تدفعنا في الوقت عينه الى السؤال عن قدرة تحمل النازحين لشروط الاقامة داخل الخِيم. من هنا، حاولنا انشاء غرفة ومطبخ وحمام لكل عائلة، الا ان هذا المشروع على اهميته الانسانية لم يكتب له النجاح. فقدرتنا لم تسمح سوى بانشاء عدد قليل جدا من المنازل الصغيرة. وها نحن اليوم قد توقفنا عن العمل لاسباب مادية بحتة، وافساحا في المجال امام المتطوعين للاسراع بانشاء خيم اضافية لاستيعاب التدفقات الجديدة المرشحة الى الارتفاع مستقبلا نتيجة حملات القتل والتهجير التي ينفذها آل الاسد”.
-برايك، هل تراجعت المنظمات الدولية والجهات العربية عن مساعدة النازحين؟
– “لا اريد استباق الامور، ولا اريد ان اتهم: لكن الواقع يزداد ماساوية , فالمشكلة لا تقتصر على موضوع المواد الغذائية. هذا الجانب متوفر، لا بل متخم. المشكلة الكبيرة، والتي تهدد حياة النازحين بعدما كتبت لهم الحياة من قلب مجازر ال الاسد، تكمن في عدم توفر المساكن ومستلزماتها الصحية والاجتماعية والامنية. لذلك، على الجهات المهتمة ان تأتي وتستطلع بنفسها، مع العلم ان بعضهم زار مخيم النازحين هنا، فالقضية خطرة وكارثية، ومرشحة لان تكون دموية اذا ما ترافقت مع اعتداءات سورية متوقعة. لذلك، نطالب المجتمع العربي والدولي بانشاء مخيمات هنا تتوفر فيها شروط الحماية الامنية والصحية و الانسانية الى حين انتصار الثورة السورية وعودتهم الى بلادهم.
وفي قضية النازحين السوريين الى “عرسال” جانب يستوجب بعض اضاءة، يقول ناشط في مجال الاغاثة في البلدة من آل “الفليطي”: من بين 3000 عائلة نازحة، يوجد 1000 عائلة لبنانية كانت مقيمة في قرى سورية متاخمة للحدود اللبنانية جهة “عرسال” و”مشاريع القاع”!
“وهذه العائلات تمتلك منازل ومزارع وبساتين في سوريا، وهي مقيمة وتعمل هناك منذ عشرات السنين. ومع اندلاع الثورة السورية، واجتياح جيش آل الاسد للآمنين والمدنيين وارتكابه المجازر بحق المواطنين، سوريين وعرباً، فرت العائلات اللبنانية نحو “عرسال” لوجود روابط اسرية وعائلية مع اهاليها”. اليوم، تابع الفليطي: “تعيش العائلات اللبنانية ظروف التهجير نفسها التي تعيشها العائلات السورية، لا بل ان جهات مانحة حرمتها من مساعدات عينية لـ”لبنانيتها”. هذا الموضوع لم يشكل عقبة بالنسبة لنا او بالنسبة للعائلات اللبنانية النازحة. على العكس تماما، فالهم واحد، والقضية واحدة، واهالي “عرسال” لم ولن يقصروا في هذا الجانب مع اخوتنا النازحين السورين أو مع اقاربنا اللبنانيين. انما القضية المطلوب تبنيها من المجتمع العربي والدولي تلخص بضرورة انشاء مخيمات تستوف الشروط الانسانية، ووضعها تحت الحماية الدولية، منعا لمضاعفات انسانية واسدية متوقعة”,