علام الصمت؟
تسألني؟
عم نكتب إذن؟
عن صراخ، ونحيب، ونواح، ثم تشفي؟
ثم تشفي؟
عن دماء تسفك، كل يوم، ونحن نهلل لسفكها؟
نهلل لسفكها؟
وندعوها كل يوم أن تنحر نفسها أكثر، وأكثر. إنزفي أكثر، وأكثر، فدمائك لا تكفينا.
“يا غزه إصمدي.
“ياغزه، كلنا فدائك.
“يا غزه، كلنا شهدائك.
“نموت معك، ياغزه.. إلى اخر قطرة من دمنا”.
ودماء غزه هي التي تسفك … إلى أخر قطرة.
ونحن، ككل مرة، ندعمها صوتاً، نهلل، ونصرخ، ونلعن العدو،
ثم ننسى العدو فينا.. ككل مرة.
لا نكف عن فعل ذلك… ككل مرة.
في كل ازمة، في كل حرب، في كل موقف يستدعي أن نأخذ فيه موقفاً عقلانياً، يراعي مصالحنا، ثم يراعي حرمة دمنا، دم الإنسان، ندوس عقولنا بأحذيتنا، ثم ننتزع ألسنتنا من حلوقها، ونلوح بها غاضبين، نافرين، ومصممين على النصر … ككل مرة.
وككل مرة … نعود خائبين، لكننا على ذلك فرحين … بصوتنا.
ظاهرة صوتية نحن.
عرفنا ذلك منذ قالها تشرشل.
لكننا ايضا ظاهرة غير عقلانية.
لا نرى أيدينا وهي تنحر بالسكين في أحشائنا. لا نراها.
كم قتل من أهل غزه؟ ولم قتل كل هؤلاء من أهل غزه؟ ثم هل كان بالإمكان تفادي هذه الحرب؟
نعرف الإجابة، ونصر في الوقت نفسه على أنه “ليس الآن وقت الحساب”.
متى يكون وقت الحساب إذن؟ ألم يأت بعد؟
متى نحاسب حماس على الجريمة التي ارتكبتها بحق شعب غزه؟
أم أن الدماء التي سُفكت لا تكفي؟
وحماس تقول إنها ستحارب حتى اخر قطرة من دم الشعب.وكانت تعرف أن بمقدورها أن تحمي هذا الشعب، لكنها صممت، ستحارب حتى اخر قطرة … حتى النصر! نصرٌ بالطريقة الصوتية التي اعتدنا عليها.
مسكين هذا الشعب، يعيش رهينة لمن تقول إنها تدافع عن مصالحه، ثم تدفعه إلى الموت دفعاً، و تسارع إلى الكاميرات، تصرخ، انظروا ما يفعلوا بنا!
إسرائيل نعرفها.
دأبت دوما على حماية مصالح شعبها، بغض النظر عن الثمن الإنساني الفادح، الذي يدفعه من تحمي مصالحها على حسابه، والأخلاقي الذي تدفعه هي نفسها كدولة تقول إنها تريد ان تعيش في سلام ثم تمارس عقاباً جماعياً على شعب بأسره من اجل هذا السلام. مسكين أنت ايها السلام.
لكن العدو فينا، نصر على تجاهله. نصر على أنه ليس فينا. لا نراه، ثم لا نرى اللعبة الإقليمية التي يقوم بها لصالح انظمة ومنظمات اقل ما يقال عنها أنها فاشية الفكر والمنهج. وندعمها هي الأخرى… بصراخنا.
……
كم قتل من أهل غزه؟
وكم منهم سيقتل أكثر؟
وكم منا سيخرج عن صمته، ويدين حماس قبل إسرائيل فيما حدث؟ يدين كل هذه الدماء التي سفكت ونحن نهلل لسفكها. “اصمدي ياغزه. اصمدي يا غزه. لا تستسلمي”.
ألا تخجلوا؟
ثم كم منا يدرك أبعاد ما يحدث يومنا هذا.
ألا تدركوا؟
أيها العرب الأجلاء، أخشى أن الطريق الذي اختارته حماس، وسارعت إسرائيل إلى ملاقاتها فيه، لن يؤدِ إلى دولة فلسطين، بل سيقضي على فكرة هذه الدولة من أساسها.
فهل ستهللون حينها أيضا؟
……..
علام الصمت؟
تسألني؟
اعجزتني الكلمات أيها العزيز.
عندما يغيب المنطق، ومعه العقل، وراء الحذاء، يصبح الصمت ملاذ الغريب بين أهله.
elham.thomas@hispeed.ch
علام الصمت؟سيدتي الكريمة، لقد وصفت وضعنا اصدق وصف وانا متأكد من ان الكثيرين الكثيرين في العالم العربي يؤيدون بدرجات مختلفة من التأييد ماكتبتِه ولكنهم لا يجرأون على التعبير عن حقيقة موقفهم من الحكام او من الحركات المتطرفة، الدينية منها وغير الدينية، لأن مثل هذا التعبير سيكلفهم ويكلف ابناء أُسَرهم غاليا.لنأخذ مثلا وضعنا في فلسطين: منذ بداية ظهور حركاتنا الوطنية او الدينية، سبّب التناحر الداخلي ضحايا أكثر بكثير من الضحايا الذين وقعوا في المجابهات مع اليهود (بما في ذلك الحرب الدائرة الآن في غزة على كثرة ضحايانا فيها). وسائل الاعلام العربية تمتنع اليوم عن نشر بعض الحقائق، مثلا ان حماس في… قراءة المزيد ..
علام الصمت؟يبدو لي ان اجتراح المأسي بات الطعم المفضل للوجود عند أكثر العرب حكاما وشعوبا..والنظر للعالم من زاوية الضحية يبدو ان له اثرا مسكنا نفسيا علينا..حتى لا يكون بعد حاجة لأعادة النظر في واقعنا..مع وجود قناعة او قل وهم يخالط اكثر العرب بأننا ارباب الحضارة والتفوق وهذاالتباين بين الواقع المنكوب والاحساس الداخلي البدائي بالتفوق هو أساس الشخصية النرجسية العربية.. وذلك شكل من الشخصية عليل..صولاته هي فقط في خانة التفريغ العاطفي الحاد او العنف الاعمى.. أمام عقلنا الجمعي تحديات مهولة قبل ان يصبح بالامكان التعافي من هذه الوضعية..والترقي الى ماهو أفضل.. المشكلة هنا هي ان العربي لايزال ينكر مشكلته..وينعت من يشخصها… قراءة المزيد ..