الشفّاف- بيروت
ما هي حقيقة الوساطة السعودية، ولماذا ولادة الحكومة اللبنانية ما تزال متعثرة؟
تفيد المعلومات الواردة من لبنان ان الوساطة السعودية بدأت في اعقاب الحديث عن نية الموالاة تسمية زعيم تيار المستقبل سعد الحريري لتولي رئاسة الحكومة المقبلة. فنشطت المملكة على خط دمشق من اجل تسهيل تشكيل الحكومة ومهمة الحريري على حد سواء. ولهذه الغاية اوفد الملك عبد الله نجله عبد العزيز للتباحث مع السلطات السورية التي ابدت تجاوبا وافنتاحا على التعاون مع الحريري وتسهيل مهمته. وطرحت القيادة السورية على عبد العزيز بن عبدالله آلية تستند على لقاء مصالحة يعقد في دمشق برعاية الملك السعودي ومشاركة الحريري وقيادات المعارضة، وتنطلق في إثره عملية تشكيل الحكومة.
الامير عبد العزيز، أشكل عليه موقف القيادة السورية، فاقتنع بالطرح السوري الملغوم أولاً لأنه تجاوز قيادات قوى 14 آذار واختصرها بالحريري. وثانياً، لأن المصالحة لا تشترط من سوريا تقديم اي شيء مسبقا، اي انها تتم قبل تشكيل الحكومة ولا شيء يضمن عدم تعنت المعارضة لاحقا كما هو حاصل حاليا. وهذا إضافة الى تحقيق غاية المعارضة اللبنانية بإفراغ الانتخابات النيابية من مضمونها وتجاوز نتائجها، وفوز الاكثرية بغالبية المقاعد النيابية، وإعطاء جرعة اوكسجين لتيار ميشال عون المتداعي.
وتشير المعلومات الى ان الحريري اصيب بالاحراج نتيجة الرغبة السعودية السورية وصمت المعارضة اللبنانية التي كانت تتحضر للانقضاض على نتائج الانتخابات. إلا ان تصويب المسعى السعودي، حسن النية، جاء من قبل قوى 14 آذار. وهذه المرة، عبر القوات اللبنانية التي اعلن رئيس هيئتها التنفيذية رفضه ان يقوم الحريري بزيارة دمشق او القيام باي شيء من شأنه تقويض نتائج الانتخابات. وعلى الرغم من الشطحات الجنبلاطية المعوقة، استعان الحريري بموقف جعجع وقوى أخرى من 14 آذار لكي يوضح للملكة العربية السعودية موقف هذه القوى الرافض إجراء اي مصالحة مجانية مع دمشق او المعارضة، مما اعاد مسألة تشكيل الحكومة الى المربع الاول.
اما في المواقف الداخلية، فقد تناغمت المعارضة مع الطروحات السورية وبدأت العمل على إشاعة اجواء من التفاؤل المستندة الى موقف رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي يحاول إحراج رئيس الحكومة المكلف والاغلبية النيابية من خلال تحديد موعد أواخر الشهر الجاري لتشكيل الحكومة وذلك في اعقاب لقاء ظاهره ودي مع رئيس الحكومة المكلف. وهذا، إضافة الى الايحاءات غير المؤكدة من قبل برّي وعدد من الذين يدورون في فلكه من قوى المعارضة بانهم تخلوا عن فكرة الثلث المعطل، واستبدلوها بالشراكة، من دون ان يحددوا معنى لهذه الشراكة وما اذا كانت الوجه الآخر للثلث المعطل ، ليتبين في ما بعد ان كل هواجس المعارضة تتلخص في حيازتها على الثلث المعطل داخل الحكومة تحت مسميات عدة متنوعة منها النسبية والشراكة الوطنية وسوى ذلك.
وفي حقيقة الامر، فان الهواجس الحالية في لبنان تندرج جميعها تحت عنوان أوحد يعوق تشكيل الحكومة ويرخي بثقله على الحياة السياسية العامة في لبنان، أقله حتى سنة مقبلة، ويتلخص بالقرار الظني المرتقب صدوره عن المحكمة ذات الطابع الدولي لمحاكمة قتلة رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري وسائر قيادات الاغلبية من نواب وصحافيين وقياديين سياسيين. خصوصا ان التحقيق في عملية اغتيال الحريري قطع اشواطا هامة وحقق تقدما كما اعلنت راضية عاشوري المتحدثة باسم المدعي العام للحكمة دانيال بلمار في مؤتمرها الصحفي الذي عقدته يوم الجمعة الماضي. و تتلخص الهواجس اللبنانية الحالية في ما اذا القرار الظني سوف يأتي منسجما مع التقرير الذي نشرته مجلة دير شبيغل الالمانية والذي يحمّل حزب الله بعضا من المسؤولية في عملية اغتيال الحريري، خصوصا ان رد فعل الحزب على تقرير دير شبيغل جاء باهتا ولم يخرج عن إطار الادبيات السياسية للحزب لجهة تحميل اسرائيل مسؤولية الوقوف وراء التقرير، وعدم اتخاذه، كحزب/ او كاشخاص واردة اسماؤهم في التقرير، صفة الادعاء الشخصي على المجلة ، مما اثار موجة من الشكوك حول دور ما للحزب في عمليات الاغتيال والتفجيرات التي ضربت لبنان خلال السنوات الماضية.
وتتوقف القوى اللبنانية السياسية على اختلافها امام التداعيات المرتقبة للتقرير، خصوصا رد فعل حزب الله والموقف الذي قد ينتج من بيروت وصولا الى طهران.
وفي يقين القيادات السياسية ان قرار شطب رئيس الحكومة اللبنانية الاسبق رفيق الحريري من المعادلة السياسية اللبنانية ليس في متناول حزب الله ولا حتى القيادة السورية التي اعطت القيادة السعودية ضمانات مؤكدة بشأن عدم التعرض للرئيس المغدور رفيق الحريري. وتقول هذه القيادات إن قرارا من هذا الحجم يصدر في ايران ومن اعلى مستويات القرار السياسي فيها. وبناءً عليه، وإذا صحت المعلومات الورادة في تقرير مجلة “دير شبيغل”، يصبح الشأن اللبناني في التقرير تفصيلا. وهو ما اشارت اليه مواربة راضية عاشوري، حين اعلنت ان التحقيق أوسع من الضباط الاربعة الذين اخلت سبيلهم المحكمة ذات الطابع الدولي من دون ان تنفي عاشوري امكان استدعائهم للتحقيق من جديد.
وإزاء كل ذلك، ترسم القيادات اللبنانية سيناريوهات متعددة لرد فعل حزب الله، قد يكون ابرز مظاهرها رئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط، الذي بدأ وعلى طريقته عملية تطويق اي ذيول وتداعيات مرتقبة للتقرير الظني لأن في اعتقاده انه هو، والطائفة الدرزية، سوف يكونون اول ضحايا رد فعل حزب الله. فذهب جنبلاط بعيدا في التملق لهم الى حد استقبال وئام وهاب والتضحية بحلفائه من مسيحيي قوى الرابع عشر من آذار، في حي تشير قيادات اخرى الى ان حزب الله قد يلجأ الى القيام بانقلاب على السلطة، فيلغي جميع الاتفاقات القائمة مع المحكمة الدولية ب‘سم السلطة اللبنانية ويعلن تشكيكه بقراراتها وانها مسيسة وانها ايضا، وهنا الخطورة، إحدى ادوات الضغط على المشروع النووي الايراني، لان التقرير قد يتناول بعضا من القيادات الايرانية التي قد تكون متورطة في اغتيال الحريري.
وانطلاقا مما سبق ترى الاوساط السياسية اللبنانية ان تشكيل الحكومة اللبنانية يخضع لهذه المعايير وجميعها في يد المعارضة اللبنانية من جهة وسوريا من جهة اخرى، والمرجعية الاخيرة في ايران. ولذلك تستبعد القوى السياسية اللبنانية ان تبصر الحكومة اللبنانية في المدى المنظور ما لم تطرأ متغيرات اقليمية تلغي احد العوامل السابقة.
عقدة الحكومة اللبنانية: هل يتّهم القرار الظنّي قيادة إيران بالتورّط في إغتيال الحريري؟
على طول و مش غريبه عليكم اذناب و بتلحقوا اللي معوا مصاري اكثر و غصب عليكم اخترتواالحريري بفلللللوسه