في اتصال مع البحرين بالهاتف، أبلغتنا السيدة زوجة الصديق عبدالله المدني أنه خرج من غرفة العناية الفائقة ونُقل إلى غرفة عادية، وأنه يتحدث بصورة طبيعية، ويتمكّن من الكلام، ويبدو ممتلكاً لقدراته كلها رغم الجلطة الدماغية التي أصيب بها مساء الخميس. وقالت زوجة المدني أنه يبدو سعيداً باستقبال الزوّار الذين توافدوا للإطمئنان عليه.
نزفّ هذا الخبر المفرح إلى قرّاء المثقّف الكبير عبدالله المدني، الذي انخرط في تجربة “الشفّاف” منذ بدايتها، وكان من أبرز المشجّعين لهذا الموقع “المستقل”. وقد طلبنا من السيدة زوجته أن تنقل له أننا “بحاجة” إلى صوته الليبرالي النقي، وأن قراءه وأصدقاءه الكثيرين ينتظرون أن يستأنف مقالاته وكتاباته الديمقراطية والمتنوّرة.
نتمنّى السلامة للصديق عبدالله، ونرجو ألا يبقى من هذه المحنة سوى أنها كانت مناسبة للتعبير عما له من مكانة كبيرة في الثقافة العربية وفي قلوب محبّيه.
*
كانت الأنباء الأولى قد أثارت القلق على عبدالله المدني. ونقتطف منها ما نشرته الوسط:
الوسط – محرر الشئون المحلية
الوسط – علي العليوات
تعرّض الكاتب والصحافي عبدالله المدني أمس (الجمعة) لجلطة في الدماغ أدخل على أثرها إلى مجمع السلمانية الطبي، وذلك بعد ساعات من تدشينه كتابه «ارفعوا أيديكم عن حناجرنا» في حفل أقيم بمركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة بالمحرق.
وعلمت «الوسط» أنّ وزير الصحة فيصل الحمر تدخل شخصياً ووجه لتسهيل إجراءات علاج المدني، وقد أدخل المدني لغرفة العمليات، وسط أنباء عن تحسّن حالته الصحية.
وللمدني ولد وبنت، تيمور (13 سنة) وفيّ (10 سنوات) .
ويعد عبدالله المدني أحد أشهر الأصوات الليبرالية في البحرين، كما أنّه عضو بارز في تيار «لنا حق» الذي أسسه ليبراليو البحرين لما أسموه «الدفاع عن الحريات العامّة والشخصية»، وجاء التيار رداً على ما يرونه اختطاف للمجلس النيابي من التيارات الإسلامية المتشددة، ويضم التيار نخبا من التجّار والاقتصاديين وعدداً من أعضاء مجلس الشورى.
وهو كاتب عمود أسبوعي في إحدى الصحف اليومية، وعمل محاضراً في الكثير من الجامعات البريطانية خلال فترة التسعينات، وحالياً مازال يحاضر للدبلوماسيين في دولة الإمارات كأستاذ زائر، ولديه الكثير من المؤلّفات في شئون شرق آسيا، والشأن المحلي.
وشهد مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة مساء الأربعاء الماضي تدشين كتاب عبدالله المدني «ارفعوا أيديكم عن حناجرنا»، والكتاب صادر عن المركز بالتعاون مع المؤسسة العربية للدراسات والنشر، وهو عبارة عن أرشيف تسجيلي لوقائع الهجمة التي شنتها الكتل الإسلامية في مجلس النواب البحريني على مهرجان ربيع الثقافة 2 الذي أقيم بين شهري مارس/ آذار وأبريل/ نيسان الماضيين، وردود فعل الصحافة والمثقفين عليها.
وكان النواب قد شكلوا لجنة للتحقيق في المهرجان بسبب ما اعتبروها «لقطات ساخنة تضمنها عرض الافتتاح (مجنون ليلى) المشترك بين مارسيل خليفة وقاسم حداد».
ويضم الكتاب بالإضافة إلى بيانات التأييد والاستنكار التي أصدرتها منظمات المجتمع المدني داخل البحرين وخارجها، يضم بين دفتيه نحو 100 مادة نشرت في الصحف والمجلات لكتّاب بحرينيين وخليجيين وعرب دفاعاً عن الحريات الإبداعية.
وقال المدني في تصريحات صحافية: «إنّ الكتاب يأتي رداً على قوى الإقصاء والتشدد التي تحاول فرض مرئياتها الأحادية على مجتمعنا التعددي وضرب كلّ منجزاتنا الحضارية عبر استخدام كلّ ما تملكه من أدوات ونفوذ بما في ذلك استغلالها لمقاعدها البرلمانية وسلطاتها التشريعية في تقييد حرية الثقافة والإبداع، الأمر الذي لا سابق له في تاريخ البرلمانات، حيث لم يعرف قط أنّ نواباً اختارهم الشعب للدفاع عن حرياتهم عمدوا إلى المطالبة بتقييد تلك الحريات».
وأضاف المدني «إنّ الهدف من إطلاق هذا المؤلّف هو أنْ نوثق للأجيال القادمة أنّ القوى الوطنية الحيّة ورموز الثقافة والإبداع في البحرين هبوا ذات يوم هبة الرجل الواحد دفاعا عن صورة الوطن الحضارية وتاريخه العريق في الاعتدال والتسامح والتنوير والتعددية الثقافية والحرية الشخصية، واحتجاجاً ضد كلّ مَنْ يريد تشويه تلك الصورة أو التجرؤ على ذلك التاريخ».