طهران – حسن فحص الحياة
رفسنجاني يلقي كلمة امام مجلس الخبراء أمس. (ا ب)
بدا أمس ان الصراع على النفوذ في إيران حسم لمصلحة الاعتدال في الداخل والانفتاح على الخارج، بانتخاب الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني رئيساً لمجلس خبراء القيادة، المنوط به الإشراف على عمل مرشد الجمهورية الإسلامية واختيار خلف له، في حال شغور هذا المنصب الأرفع مستوى في البلاد، والذي يتولاه حالياً علي خامنئي.
وتغلب رفسنجاني الذي يرأس مجلس تشخيص مصلحة النظام على منافسه احمد جنتي، رئيس مجلس صيانة الدستور والمقرب من الرئيس محمود احمدي نجاد. وحصل رفسنجاني على 41 صوتاً (من أصوات أعضاء المجلس الـ76) في مقابل 34 صوتاً لجنتي، ما عكس حجم التجاذب بين التيارين المعتدل والمتشدد داخل جبهة المحافظين.
واعتبر فوز رفسنجاني (73 سنة) بمثابة رد اعتبار له، بعد خسارته الانتخابات الرئاسية أمام نجاد عام 2005. وكان مهد لهذه العودة القوية الى الساحة السياسية بانتخابه قبل ستة شهور نائباً أول لرئيس المجلس آية الله مشكيني الذي توفي في تموز (يوليو) الماضي.
وشكلت النتيجة ضربة قوية للتيار الداعم لنجاد، بزعامة محمد تقي مصباح يزدي واحمد جنتي، وحسماً لصراع يعتبر مراقبون انه يدور في الحديقة الخلفية لمقر خامنئي، ما يشكل مؤشراً الى الدور الذي لعبه المرشد في اعادة ترتيب «مطبخ صنع القرار»، لمصلحة التوجه البراغماتي لدى رفسنجاني، الراغب في إطلاق عملية انفتاح على الخارج وتقديم تنازلات لتجنيب إيران عزلة وعقوبات اقتصادية مضرة، بسبب أزمة الملف النووي.
ورأى مراقبون ان سيطرة رفسنجاني على مجلس خبراء القيادة، من شأنها إحداث تغييرات في الساحة السياسية الداخلية ايضاً، تنعكس مزيداً من الشفافية والتعددية في آلية صنع القرار. وعاد الى الأذهان أمس، قول رفسنجاني اخيراً انه «في حال أراد مجلس الخبراء ان يلعب دوراً اكبر في قضايا الأمة، فهو يمتلك السلطة الشرعية والدينية للقيام بذلك». كما أخذ على المجلس أنه «لا يعرض حالياً على المجتمع آراءه في المسائل الكبرى»، متمنياً ذلك.
ويأخذ المتشددون على رفسنجاني تقربه الى الإصلاحيين بزعامة الرئيس السابق محمد خاتمي، فضلاً عن دعوته الى الاعتدال في السياسة المتبعة لمعالجة أزمة الملف النووي. ووضع رفسنجاني بذلك نفسه في موقع صلة الوصل بين التقليديين ودعاة التحديث، ما أوجد توافقاً قوياً حول قدراته القيادية، لدى أوساط النخب المثقفة والتكنوقراط واليمين التقليدي ورجال الدين.
وسبق هذه العودة القوية لرفسنجاني الى مركز القرار، تعيين أحد المقربين إليه، الجنرال محمد علي جعفري قائداً لـ «الحرس الثوري»، «درع الثورة الإسلامية وحاميها»، والجهاز الأمني والعسكري الأهم في البلد.
وخلال توليه رئاسة الجمهورية (1989- 1997) قاد رفسنجاني عملية الإعمار بعد الحرب مع العراق، واعتمد سياسة انفتاح اقتصادي على الخارج. وهو مؤيد للاعتدال في تطبيق الدين والتطور السياسي والاقتصاد الحر والانفتاح على الخارج.
على صعيد آخر، وجهت طهران تحذيراً شديد اللهجة الى الولايات المتحدة من مغبة شن هجوم عسكري على إيران، مشيرة الى ان واشنطن غير قادرة على توقع حجم الرد الإيراني على القوات الأميركية في المنطقة.
وقال الجنرال رحيم يحيى صفوي الذي عين مستشاراً عسكرياً خاصاً لخامنئي: «سيكون على الولايات المتحدة مواجهة ثلاثة مشاكل إذا هاجمت إيران». وأوضح صفوي الذي كان قائداً للحرس الثوري: «أولاً هي (أميركا) لا تعرف حجم ردنا ولا تقدر مدى هشاشة وضع جنودها الـ200 ألف الموجودين في المنطقة حيث أننا حددنا بدقة مواقع كل قواعدهم».
كما أشار صفوي الى احتمال شن هجمات على إسرائيل وعلى الإمدادات النفطية. وقال: «ثانياً هي لا تعلم ما سيحدث في إسرائيل وثالثاً ان الولايات المتحدة لا تعرف ما سيحدث للإمدادات النفطية».
وفي واشنطن (أ ف ب)، دعا الناطق باسم وزارة الخارجية توم كايسي الايرانيين «العقلاء» الى معاودة المفاوضات حول البرنامج النووي، وقال «نأمل في ان تنتهز العناصر العاقلة في ايران الفرصة التي منحها المجتمع الدولي لبلدها لبدء مفاوضات بهدف تطوير برنامج نووي سلمي مع طمأنة الآخرين إلى أن الأمر ليس ستاراً لتطوير سلاح نووي».
واضاف كايسي تعليقاً على انتخاب رفسنجاني على رأس مجلس الخبراء «اود الاعتقاد بأن ثمة عناصر داخل القيادة الايرانية تأمل انتهاز هذه الفرصة الفريدة»، لكنه رفض اعتبار رفسنجاني شخصية «عقلانية»، واكتفى بالقول «لا ادري. الامر يتوقف على السياسات المعتمدة».