أوردت وكالة “إرنا” الرسمية الإيرانية أمس الأحد الخبر الغريب التالي: “نفى مکتب رئاسة الجمهورية مزاعم افادت بحصول لقاء سري بين مستشار ورئيس مکتب رئيس الجمهورية اسفنديار رحيم مشائي مع شخص يطلق عليه سمسار العلاقات مع اميرکا.
وقال مکتب شؤون الاعلام في رئاسة الجمهورية في رسالة الى مدير موقع “آيندة” الاعلامي بان انباء حصول لقاء سري بين مستشار ورئيس مکتب رئيس الجمهورية مع من يطلق عليه سمسار العلاقات مع اميرکا، هي مزاعم کاذبة ولا اساس لها من الصحة.
واضاف المکتب: لا شک ان التکهنات الکاذبة ونشر اخبار غير واقعية تدور حول مدار تخريب وارباک الراي العام..”.
في ما يلي تحليل “جورج مالبرونو” في “الفيغارو” الفرنسية للنزاع الدائر على السلطة في إيران:
*
الملف النووي يُحدث إنقساماً في السلطة الإيرانية
ما تزال إيران تماطل في إعطاء جواب حول مشروع الإتفاق النووي الذي عرضته عليها الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 21 أكتوبر. وبعد أن صرّح يوم السبت الماضي أن طهران ترفض إرسال وقودها النووي إلى الخارج لتخصيبه مقابل تسليمها وقوداً لمفاعل الأبحاث الذي تملكه، فقد تراجع رئيس لجنة الشؤون الخارجية في “المجلس”، علاء الدين بوروجردي، عن تصريحه، مؤكّداً أن هذا الخيار ما يزال أحد الخيارات الممكنة. وقال بوروجردي: “إن خيارنا الأول هو شراء وقود مُخَصَّب بنسبة 20 بالمئةظ. وإذا لم نتمكّن من شرائه مباشرةً، فإننا سنلجأ إلى تبادل محدود، شرط أن نتسلّم الوقود المخصّب أولاً”، أي قبل تسليم إيران لكمية محدودة من وقودها المنخفض التخصيب.
في هذه الأثناء، كان الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف قد حذّر من أن فرض عقوبات جديدة ضد طهران لن يظلّ مستبعداً إذا لم يحصل تقدّم في الملفّ النووي الإيراني.
إن المشروع الذي قدّمته الوكالة الدولية يسمح لطهران بالحصول على وقود نووي لمفاعل الأبحاث الإيراني ويسمح، بالمقابل، بفرض رقابة أكبر على مخزونات اليورانيوم المخصّب التي تملكها طهران. وكانت هذه الفكرة، التي طرحها أحمدي نجاد نفسه بصورة مبدئية في شهر سبتمبر الماضي، قد حُظِيَت بتأييد الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا. ومع ذلك، فإن إيران تطالب بمفاوضات جديدة. ويقول خبير إيراني: “الواقع أن الذرّة أصبحت موضوعاً من مواضيع الصراع السياسي الداخلي. فأحمدي نجاد يرغب في التوقيع على الإتفاق، ولكن رئيس المجلس علي لاريجاني والأغلبية في “حرس الثورة” تعارض التوقيع عليه. ولم يحسم مرشد الثورة علي خامنئي الموضوع بعد. ولكن المعارضين للإتفاق يمارسون ضغوطاً عليه لرفضه، ويُخشى أن ينتهي خامنئي إلى رفض الإتفاق”.
نزاع على السلطة
إن هذه التوتّرات في قمة السلطة تفسّر تأخّر إيران في إعطاء جواب لوكالة الطاقة الذرية. ويقول ديبلوماسي أوروبي يعمل في مقرّ وكالة الطاقة الذرية في فيينا: “لقد شعرنا بهذه التوتّرات الداخلية الإيرانية منذ مطلع أكتوبر في فيينا، حينما أمضى ممثل إيران، على سلطانية، وقته كله على الهاتف متحدّثاً مع رؤسائه في طهران، من غير أن يكون قادراً على إعطائنا أقل مؤشّر على مآل إقتراحاتنا”.
وفي طهران، يصرّ “المتشدّدون” على أن إيران لن تحصل على شيء عبر التفاوض وأن الوقت، في أي حال، هو لصالحها. ويعتقد علي لاريجاني وغالبية حرس الثورة أن أية عقوبات جديدة ضد إيران لن تكون فعّالة. كما أنهم على قناعة بأن الإسرائيليين لن يوجّهوا ضربة عسكرية ضد إيران. أما بالنسبة للأميركيين، “فلديهم من المشاكل في الشرق الأوسط ما يجعلهم غير قادرين على التورّط في مغامرة عسكرية جديدة”.
وقد بلغ مستوى العداء بين أحمدي نجاد وعلي لاريجاني أن الرجلين لا يخاطبان أحدهما الآخر. إن علي لاريجاني، الذي هزمه أحمدي نجاد في إنتخابات 2005 الرئاسية، مستعدّ للقيام بأي شيء من أجل نسف الملفّ النووي، مراهناً على أن اهتراء الوضع الداخلي يمكن أن يدفع المرشد لإقالة أحمدي نجاد. وفي هذا النزاع المحموم على السلطة، فإن لاريجاني يملك أوراقاً قوية جداً.
فعدا رئاسته لمجلس الشورى، الذي يحتاجه أحمدي نجاد للتصديق على سياسته الإقتصادية والإجتماعية، فإن لاريجاني يملك أوراقاً أخرى: فشقيقه يرأس الجهاز القضائي الذي يمثّل أحد أركان السلطة، وبالأخص فإن الباسداران يرفضون الإتفاق النووي بدورهم ولكن لأسباب أخرى. ويضيف المحلّل الإيراني نفسه أن “حرس الثورة مع بقاء الوضع على حاله في الملف النووي. وتدهور الوضع سيكون لصالحهم، لأنهم يقومون الآن بتعزيز سيطرتهم على المجتمع”.
إن حصيلة هذا الصراع السياسي الداخلي هي أن تفاصيل الإتفاق مع الوكالة الدولية لم تعد تمثّل مركز الصراع بين الفريقين. فالنقاش الداخلي بات يدور حول سؤال بسيط: هل نقبل، أم نرفض، عقد صفقة مع الغرب؟ وبالنسبة لأحمدي نجاد، فإن التفاوض مع الوكالة الدولية يمثّل خشبة الخلاص الوحيدة التي يملكها. ويضيف الخبير الإيراني: “لكن نجاد لا يملك هامش مناورة. فهو، ومثله وزراؤه، لم يخرج لحضور مناسبات عامة في طهران منذ شهر يونيو، وعلى المستوى الإقتصادي، فالمال العام بات قليلاً جداً. لقد خلق الرئيس لنفسه عدداً كبيراً جداً من الأعداء، إلى درجة أن أحداً لم يعد مستعداً لمساعدته”.
“جورج مالبرونو” في “الفيغارو” الفرنسية
آمين
الله يشغلهم في أنفسهم .
اللهم اهلك الظالمين بالظالمين واخرجنا منهم سالمين يارب العالمين .