واشنطن-
باستثناء الرئيس باراك أوباما، الذي وقف والى جانبه نائبه جو بايدن في خطاب متلفز أثنى فيه على الاتفاقية النووية مع ايران، وباستثناء الدائرة الصغير المحيطة به من مستشارين من امثال فاليري جاريت وروبرت مالي، ساد شعور في عموم الاوساط السياسية في العاصمة الأميركية بأن ايران حققت فوزا مؤكدا على الولايات المتحدة بتخلصها من العقوبات الاقتصادية الدولية القاسية التي كانت مفروضة عليها واحتفاظها في الوقت نفسه بـ «البنية التحتية» لبرنامجها النووي الذي يسمح لها بالتحول الى دولة نووية في موعد اقصاه 25عاما.
وعلى رغم ان للكونغرس حرية رفض الاتفاقية في الايام الستين المقبلة، الا انه سيحتاج الى ثلثي مجلسي النواب والشيوخ للهروب من الفيتو الرئاسي، وحتى لو تمكن الكونغرس من فعل ذلك، يبقى في يد الرئيس الاميركي صلاحية تنفيذ الاتفاقية في مجلس الأمن وعبر مراسيم اشتراعية، وهو ما عزز شعور معارضي «الاتفاقية السيئة» مع ايران بالهزيمة.
وشنت ادارة أوباما «هجوماً اعلامياً» لاظهار ان الاتفاقية جاءت في مصلحة الولايات المتحدة. وأطل الفريق الرئاسي «بدءا من وزير الخارجية جون كيري ومرورا بعدد كبير من المستشارين والخبراء المقربين من البيت الأبيض» ليكرر النقاط التي تحسبها الادارة الأميركية في مصلحتها.
وتصدرت هذه النقاط موافقة ايران على قيام مفتشي «وكالة الطاقة الدولية الذرية» بدخول المنشآت النووية الايرانية بشكل متواصل ومراقبتها. وتسلحت ادارة أوباما باعلان مدير الوكالة يوكيا امانو توقيع وكالته وايران «خارطة طريق» تنص على كيفية الكشف عن نشاطات ايران النووية الماضية كمقدمة لاحاطة الوكالة بتفاصيل البرنامج كاملاً، بما في ذلك زيارة موقع بارشين العسكري واجراء مقابلات مع علماء نوويين ايرانيين.
لكن المشككين، من الحزبين الجمهوري والديموقراطي، اعتبروا ان ايران لم توقع على البروتوكول الاضافي لمعاهدة حظر انتشار أسلحة الدمار الشامل، والقاضي بدخول المفتشين اي مواقع ايرانية يرغبون بزيارتها «في اي مكان وفي اي وقت». واعتبر المشككون ان باستثناء المنشآت الايرانية المعروفة، التي سيتم فرض مراقبة متواصلة عليها، لن يكون بمقدور المفتشين اجراء زيارات مفاجئة لمواقع «مشتبه بها»، وانهم ان ارادوا ذلك، توجب عليهم اعلام ايران اولا، ويمكن لايران الاعتراض على الزيارة، وفي الاثناء تفقد الوكالة عنصر المفاجأة في التفتيش.
وسرت انباء في العاصمة الأميركية ان الادارة مارست ضغطاً كبيراً على امانو والوكالة لاجبارهم على قبول توقيع التسوية، او «خريطة الطريق»، بالشكل الذي ارادته أميركا وبتنسيق اميركي-ايراني. ومن دون اقتراح تقدمه الوكالة لمجلس الأمن، كان سيكون متعذرا رفع العقوبات عن ايران.
وبسبب تراجع الوفد الاميركي عن البروتوكول الاضافي، حاولت واشنطن تسليط الضوء على قبول ايران تخفيض مخزونها من اليورانيوم وحصره باليورانيوم المخصب بنسبة اقل من 4 في المئة وبكمية 300كغ فقط، وحصر عدد الطرود المركزية بأقل من ستة آلاف. لكن المعارضين للاتفاقية اعتبروا ان هذه الشروط ملزمة لفترة زمنية محددة تصبح ايران بعد انقضائها في حلٍ من الالتزام بالكمية المفروضة بموجب الاتفاقية النهائية التي تم التوصل اليها.
ثالث المواضيع التي حاول الفريق الرئاسي التعمية عليها هي تراجع الولايات المتحدة عن معارضتها رفع الحظر الكامل عن قرار مجلس الأمن للعام 2010، والذي يحظر على ايران استيراد أسلحة. وتحت ضغط ايراني – روسي، وافقت أميركا على تعديل هذا الحظر ليسمح لايران استيراد أسلحة من غير الصواريخ الباليستية. حتى هذه، يسقط الحظر عليها بعد خمس سنوات فقط، حسب الانباء المتواترة من العاصمة فيينا حيث اختتمت المفاوضات.
ختاما، حاولت الادارة الأميركية تسليط الاضواء على معارضي الاتفاقية من صفوف الجمهوريين واسرائيل واصدقائها، لكن الادارة لم تتمكن من حجب التشكيك الاهم الذي برز من مؤيدي أوباما عادة، وخصوصا من الديموقراطيين. وبدا ذلك جليا في ما كتبه دايفيد سانغر مدير مكتب واشنطن لصحيفة «نيويورك تايمز»، وقال فيه انه صار واضحاً ان «لا شيء في الاتفاقية يمنع ايران من ان تتحول الى دولة نووية لاحقاً»، معتبراً أن جلّ ما تفعله الاتفاقية هو «تأجيل ذلك اليوم» الذي تصبح فيه ايران نووية.
ولفت سانغر الى المقارنة مع انفتاح نيكسون على الصين في السبعينات مع الاتفاقية مع ايران، وهي مقارنة لطالما لجأت اليها الادارة لتبريرها المفاوضات مع طهران، وقال سانغر ان مهندس الانفتاح على الصين وزير الخارجية الجمهوري السابق هنري كيسنجر نفسه كتب مقالة «بالاشتراك مع نظيره الديموقراطي جورج شولتز» شككا فيها بجدوى الاتفاقية، واعتبرا انه من الصعب ان تؤدي الى «تغيير ثلاثة عقود ونصف من العداء والنشاط الايراني» ضد أميركا.
واعتبرت الغالبية الساحقة من اعضاء الكونغرس والمحللين، من الحزبين، ان كل ما توصلت اليه الاتفاقية هو اعادة الاوضاع الى ما كانت عليه في العام 2008، مع فارق وحيد يكمن في رفع العقوبات المفروضة على ايران والافراج عن ارصدتها المالية التي يمكن لطهران استخدامها لرفع نسبة عدائها للولايات المتحدة وحلفائها حول العالم.
ولفت باحثون الى ان التصريحات الايرانية المعادية للولايات المتحدة استمرت حتى في الايام الاخيرة، على الرغم من قيام النظام الايراني بنقل مباشر لتصريحات أوباما التي أشاد فيها بالتوصل الاتفاقية. وقال الباحثون ان يوم الجمعة الماضي، أحرق متظاهرون ايرانيون اعلاما اميركية امام مرأى ومسمع العالم، وانه قبل ايام اطلق مرشد الثورة علي خامنئي تصريحات حث فيها زواره من الطلبة «الاستعداد لمقارعة الاستكبار»، التي أكد انها ستستمر.
“الرأي” الكويتية
لفرط إعجاب أوباما، الضعيف، بملالي، المتسلطين الإرهابيين، تحول الأول غلى بياع سجاد إيراني. لكن بياع سجاد فاشل.