مقولة “شعب واحد في بلدين”، ما برحنا نسمعها منذ عقود؛ ودائماً كان هناك وجهتا نظر في ما يختص بهذه المقولة.
كثيرٌ من التبريرات كانت تُساق لجهة دعم هذه المقولة: من “وحدة المصير والمسار” الى “جبهة الممانعة” الى الى.. ولكنني كنت ممن دافع عن الوجهة الأخرى. لأنني اؤمن بان الشعب توحّده اولاً الثقافة وكنتُ أتصوَّر أنّ الثقافة عند الشعبين مختلفة. فبغضّ النظر عن طريقة العيش والعادات، كان يبدو لي انّ لدى الشعب اللبناني ثقافة ليست موجودة لدى شعبنا الشقيق السوري وهي ثقافة الحرية والمقاومة. لم يكن اللبناني وعلى مر العهود ليرضى بالتخلّي عن حريته الفردية – حرية فكره، حرية رأيه، حرية تحركه، حرية بلده – الى أن حدث “التغيير”، وهذا التغيير لم يكن بالبسيط.
كان اللبناني دائماً يثور على كل من يحاول ان ينتقص من حريته وكانت ثورة 14 آذار 2005 شرارةً في هذا العالم العربي. فقد سلّطت الضوء على مفهوم بدا “جديداً” في هذا العالم وهو ان ارادة الشعب الموحَّد بإمكانها التغيير والتغيير سلميّاً.
لم يطل الوقت كثيراً، منذ ذاك التاريخ، حتى استطاعت شعوب المنطقة استيعاب هذا المفهوم. فبدأت الثورات واحدةً تلو الأخرى بعدوى لم يستطع احدٌ تفسيرها. آخرها وليس أخيرها في سوريا.
– ان ما يدهشني هو دفاع بعضٌ منا عن هذا النظام المغلق المجرم المستبد بشعبه. والمضحك المبكي ان هذا النظام نفسه حكم وبالطريقة نفسها، او حاول، بلدنا لعقدٍ ونيّف. فنكّل وسجن وخطف وقتل ومن ثمّ أنكر هذا كلّه بعد خروجه. وإذا به اليوم يثبت بتصرفاته مرّةً جديدة ان طريقة عيشه واستمراريته هي فقط بالدم المهدور. فالنظام الذي باستطاعته قتل شعبه بهذه الطريقة الهمجية وعلى أعين العالم والتستُّر خلف مقولة “مندسين” و”مؤامرة خارجية”، انما يثبت مرة جديدة لنا انه هو المسؤول الوحيد عن القتل والتنكيل بشعبنا وقاداتنا.
وبالعودة لمقولتنا، اليوم استطيع القول ان التغيير الذي حصل في سوريا وثورة 15 آذار انما هي تأكيد على أننا شعب واحد. ولكن هذه “الوحدة” هي على “طريقة الشعوب” لا على “طريقة الحكام”. فلقد أثبت شباب سوريا انهم يشبهوننا لحدّ بعيد. اجل لقد أظهروا وجود ثقافة جديدة هي توأم لثقافتنا. موحِّدةً للشعب. مسلمٌ وسيحيٌّ ينادي بصوت واحد لا للظلم نعم للحرية.
وكانت باكورة هذه الوحدة شعار شباب الثورة بالأمس القريب “الجمعة العظيمة”، وتلاها يوم “جمعة الغضب”.
كنا ننتظر كل اسبوع يوم الجمعة ونتساءل ما سيكون العنوان الذي سوف يختارونه، ونعم، لقد فوجئنا بيوم “الجمعة العظيمة”، ولقد كان عظيماً فعلاً، اما ما تلاه فكان اعظم. وبرغم التحذيرات السلطوية خرج الشجعان الى الساحات غير آبهين بالرصاص. ولست اتكلّم عن فداحة ودموية اليومين انما عن الشعار، هذا الشعار الذي رُفع في ذاك اليوم العظيم انما يدل على شبهٍ بين الشعبين.
لقد التقينا في بيروت في ساحة الحرية في يوم 14 آذار 2005 مسلمين ومسيحيين تاركين وراءنا كل خلافات الحرب التي فصلت بيننا، ونادينا بصوت واحد واقسمنا قسماً واحداً واننا اليوم نتمنّى للشعب السوري الشقيق كلَّ ما نتمنّاه لأنفسنا. فبالوحدة فقط تستطيعون ان تغييروا في بلدكم، ونضالكم سوف يؤتي ثماره.
ان الشهداء الذين يسقطون كل يوم انما يؤكدون ارادةً صلبة للحرية، هذه الحرية التي كانت مفقودة في هذا البلد الشقيق ولعقود، فنحن لسنا بغرباء عن اورشليم، ونعرف جيداً كيف عاش الشعب السوري دائماً مكرّراً “سكوت ولا الحيطان إلا ودان”.
فهنيئاً لكم بثورتكم وإنما انتم في بداية الطريق والطريق ليس بقصير، ونحن معكم واعلموا اننا نؤمن ان لبنان لا يمكن ان يعيش بسلام اذا كانت سوريا محكومة بالظلم والإستبداد، فالسلام لا يبنى إلا بالإرادة الحرة.
وأختم بالقول: ” إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بدّ أن يستجيب القدر ولا بدّ لليل ان ينجلي ولا بد للقيد ان ينكسر”.
totohabib@yahoo.com
بيروت
“شعب واحد في بلدين”
نتفق معك فيما قلت ونثني عليه ولكن عفوا.. الثورة بدأت في تونس واليها تنسب الأولوية والفضل في انتشارها…اليوم ننتظر ثورة في لبنان على حكم الطوائف والمحاصصة الطائفية والسلاح المنفلت لتكتمل الديمقراطية في لبنان.
thank you
yes Sir we are like you looking for our freedom and to get rid of theses criminals = the ASSAD mafias
thank you again