يبدو أن رئيس “معهد العالم العربي” في باريس، السيد دومينيك بوديس، المعروف بعلاقاته الوثيقة مع نظام بشّار الأسد، لم “يلاحظ” أن فرنسا قد فرضت عقوبات على النظام السوري وأنها تستعد لإعلان أن بشار الأسد فقد كل “شرعية” مثله مثل صديقه معمر القذافي. ويبدو أن السيد دومينيك بوديس لم يلاحظ أن المواقع التابعة لحزب الله (“المنار” وغيره) بدأت “تلمّح” إلى “القوات الفرنسية العاملة في اليونيفيل بجنوب لبنان”، أي إلى ما يمكن أن تتعرّض له هذه القوات بسبب الموقف الفرنسي الصلب إزاء الديكتاتور السوري.
“الرئيس الأعلى” لمعهد العالم العربي (الذي فشل قبل أسابيع في تعيين مدير جديد للمعهد كان قد حصل على موافقة دمشق عليه!) فاجأ اللبنانيين والسوريين المقيمين في باريس (والذين يتظاهرون كل أسبوع تضامناً مع ثورة الشعب السوري) بقرار تأجير “قاعة رفيق الحريري” في معهد العالم العربي لـ”أحزاب بشّار الأسد في لبنان” التي ستقيم فيه “عيد المقاومة والتحرير” (إسمه الرسمي في لبنان هو “يوم التحرير”) يوم الأحد في 22 أيار/مايو!
“نجم” الإحتفال سيكون “سعادة الوزير السابق ميشال سماحة”، مستشار الرئيس السوري بشّار الأسد (وسابقاً، “مفوّض” الإعلام التابع للنظام السوري في لبنان)، وسيخطب فيه ممثلون للحزب القومي السوري وحركة “أمل” و”حزب الله” وطبعاً.. التيار العوني!
والسخرية هي أن أحزاب “الشبّيحة” التي هددت، قبل أيام، بإحراق فندق “البريستول” في بيروت إذا انعقد فيه مؤتمر “للتضامن مع شعب سوريا”، ستقيم “إحتفالها” في.. “قاعة رفيق الحريري” في باريس!
مديرة المعهد: “لا علم لي بالقرار”!
مديرة معهد العالم العربي، السعودية منى خازندار، فوجئت بالسؤال وقالت لـ”الشفاف” أنها لا تعرف شيئاً عن قرار تأجير قاعة رفيق الحريري للأحزاب المذكورة، وأن القرار اتخذه مكتب السيد بوديس دون إعلامها!
الخارجية الفرنسية فوجئت!
وزارة الخارجية الفرنسية فوجئت بالخبر، أيضاً! وفوجئ بالخبر أيضاً ممثل وزارة الخارجية الفرنسية في “مكتب الرئيس بوديس”!
كيف حصل السيد ميشال سماحة وأحزاب بشار الأسد على الترخيص بإقامة إحتفالهم في معهد تدفع الخزينة الفرنسية معظم أكلافه؟
“الفضل” يعود إلى سفير لبنان في باريس، السيد بطرس عساكر! ففي السنوات السابقة كانت “مؤسسة الغدير” التابعة لحزب الله تقدّم طلب إستخدام “أوديتوريوم” في المعهد لاحتفالاتها، وكان الجواب دائماً الرفض. هذه المرة، جاء الطلب عبر “سفير لبنان في باريس” (بمبادرة منه، أم بطلب من وزير خارجية حركة “أمل” في حكومة لبنان؟)، الأمر الذي أعطى السيد دومينيك بوديس الذريعة الضرورية لـ”الموافقة” على طلب يعرف أنه “يهم” النظام السوري!
أسوأ ما في الموضوع أن السيد ميشال سماحة وأحزاب بشار الأسد في لبنان (وصحفهم في بيروت) سوف تستفيد من المناسبة للإيحاء بأن وزير الخارجية السيد ألان جوبيه لا يعبّر عن الموقف الفرنسي إزاء سوريا، وأن إقامة مثل هذا الإحتفال في باريس يعني أن فرنسا الرسمية لم تقطع العلاقات مع النظام السوري!