النجف الاشرف / علي غدير
لاربعين عاما ظل المحامي المعروف واستاذ القانون الدولي الدكتور شبلي ملاط يحلم بان يرى ازقة النجف الضيقة التي خرج منها العلماء والمصلحين واصحاب الرسالات الانسانية في الفقة وعلوم الشريعة والادب ورغم انه لبناني المولد ومسيحي الديانة الا انه ظل مبهورا بما تنتجه وتصدره النجف من علوم وافكار وبقي يلاحق رجالاتها عله يجد الحقيقة في هذا الدفق المعرفي الذي لم يتوقف .. استفزته افعال الديكتاتور وكان يريد ان يبحث عن الطريقة التي يستخدمها صدام لكبت هذا النور المعرفي الذي نشا في العراق منذ عهد الامام السيد محسن الحكيم طيب الله ثراه حيث قاد ثلاثي العراق الجهادي الشهيد المفكر السيد محمد باقر الصدر والسيد الشهيد مهدي الحكيم والعلامة الدكتور محمد بحر العلوم وكان يتمنى ان يتحقق في العراق حلم تاسيس جامعة الكوفة الذي اختطه هؤلاء الثلاثة لكن احلامه تلاشت باغتيال السيد مهدي الحكيم في السودان الصديق الذي تعرف عليه للتو وهنا ادرك مدى وحشية السلاح الذي يخفيه الديكتاتور ليغتال به اعداءه في غفلة من الزمن.
في معهد االعلمين للدراسات العليا في النجف الاشرف كشف شبلي ملاط عن محطات في حياته ساهمت في تشكيل البنيوية الفكرية له. ولطالما ظل ملاط شغوفا بالتعمق في ذلك الفكر النجفي الذي اغنى رصيد المعرفة العربية والاسلامية والانسانية حيث القى محاضرة على طلبة المعهد للدراسات العليا وبحضور سماحة العلامة محمد بحر العلوم واختار لها عنوان (رسالة النجف الى العالم). وقبل ذلك قدم الدكتور حكمت شبر عميد معهد العلمين للدراسات العليا شبلي بلاط للحضور معتبرا ان هذا اليوم فرصة للتعرف على هذه التجربة الثرة لرجل خبر القانون الدولي وبحث كثيرا في العدالة الانسانية. ثم القى سماحة العلامة محمد بحر العلوم كلمة قال فيها انه ارتبط بالدكتور شبلي بلاط عبر مسيرة امتدت لاربعين عاما واضاف ان هذه الشخصية الوطنية كانت احد اقطاب المعارضة العراقية في الغربة. واكد سماحته ان شبلي ملاط رغم انه لبناني مسيحي لكنه احب العراق ويكفي ان رسالته للدكتوراة كانت عن الشهيد محمد باقر الصدر وكان ملاط مشاركا في الندوات التي انتظمت للتداول في الشان العراقي. وقال سماحته ان الدكتور شبلي ملاط كان الى جانبي في اللقاءات التي عقدناها في الجامعات الامريكية للحديث عن منطقة الفراغ وحرص ان تكون الصورة واضحة عن العراق عبر ترجمته لما قلناه في هذه اللقاءات كما كان حريصا ان يفهم العالم الامريكي مجموعة من القضايا التي لها شان في القضية العراقية كولاية الفقيه وموقف النجف الاشرف منها اضافة الى ملاحظاته وافكاره المهمة التي طرحها خلال مشاركته في لجان صياغة الدستور العراقي التي للاسف لم يؤخذ بها ولم يلتفت اليها. ومن المفارقات ان نرى بندا في الدستور يقول بامكانية اعادة النظر بمواد الدستور بعد اربع سنوات وتهمل الافكار والملاحظات التي طرحت في الماضي والحاضر.
بعدها بدا الدكتور شبلي بلاط محاضرته معبرا عن اعتزازه بالصداقة الحميمة التي تربطه بسماحة السيد محمد بحر العلوم وقال عن هذه الصداقة انها احدثت تحولا في حياته واضاف ان اهتماماته العلمية بفكر الراحل السيد محمد باقر الصدر اوصلته الى درب النجف ثم جاءت زيارته للسيد محمد بحر العلوم في لندن لتحدث امرا اخر هو الاندفاع للتعرف على رسالة النجف الاشرف عبر ثلاثة عقود. واكد شبلي ملاط ان ما لفت انتباهه هو تلك الحيوية التي يتمتع بها السيد محمد بحر العلوم ونشاطه المعرفي من خلال جامعة اهل البيت انذاك. وقال اود ان اشترك معكم عن طريق رجال النجف الذين استحوذوا على عقلي وعاطفتي من خلال ثلاث شخصيات من 300 وهم السد محمد باقر الصدر والسيد مهدي الحكيم والسيد محمد بحر العلوم. ومضى بلاط يقول رافقت سيرة هؤلاء وعرفتهم فكريا وتعمقت بهم دراسة كما اود ان اشير الى الاسهامات الفاعلة في مجال القانون المدني للشيخ محمد حسين كاشف الغطاء ورسالته الاثيرة فيها، هذا القانون الذي يعرف العالم العربي والاسلامي جميعه بانه عرف عن طريق المرحوم عبد الرزاق السنهوري ومساهمات الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء ان هذه المساهمة كانت بداية مشاركة نوعية لبناء جسر في الفرع القانوني والفكر العربي والاسلامي. واشار ملاط الى انه في الحقيقة قد يكون قاسيا مع النجف عندما اختصر هذا التالق بثلاث شخصيات لان النجف الاشرف برايه كلها رجال ثم عرج على اسهامات المراة النجفية في ميدان المعرفة مستشهدا بالاثر الثر الذي تركته الشهيدة بنت الهدى والمعاصرة الدكتورة امال كاشف الغطاء منوها بمساهماتهن العلمية.
وسرد الدكتور شبلي ملاط وقائع تعرفه على السيد مهدي الحكيم ومتابعته لوقائع اغتياله وما تركته هذه الحادثة البشعة من اثر في نفسه. وقال ان الراحل الحكيم وسماحة السيد محمد بحر العلوم كانا يمثلان الشخصية الوسطية في العراق وقال ان كل ما جرى من احداث في العراق في ذلك الوقت عبارة عن معركة علمية بين مؤسسي جامعة الكوفة والذين ارادوا منع هذا التاسيس حيث اصطدم السيد محسن الحكيم بقرار المنع.
بعدها تحدث حقبة المعارضة العراقية، وقال ان اعلامي النهضة الحضارية في النجف الاشرف بحر العلوم والحكيم كانا عنوان جمع المعارضة العراقية لتقديم البديل العالمي للطاغية.
وقال انه في تلك الفترة كان طالبا يريد معرفة ما يحصل في الشرق الاوسط وكان محور هذا التاريخ مدينة النجف وليس بغداد وكان لدي اهتماما متصاعدا بالنجف لان فهم مايجري في النجف سيقود لمعرفة مايحصل في المنطقة العربية واستشهد ببعض الاحداث التاريخية التي حصلت في المنطقة ومنها الاجتياح الاسرائيلي للبنان واعدام صدام للسيد محمد باقر الصدر. وقال ان خيوط ما يجري بدأت تظهر في النجف الاشرف من خلال المعطيات السياسية. واوضح ملاط ان مشاركته في المعارضة العراقية كانت من اجل حمل رسالة النجف الى العالم وليست لحمل رسالة العراق للعالم التي كان يمثلها صدام حسين، ورغم انها مساهمة متواضعة برايه الا انها رسالة حضارية وعلمية.
وفي معرض حديثه وذكرياته لاقطاب المعارضة العراقية، تحدث الدكتور شبلي ملاط عن الدور الذي كان يضطلع به سماحة السيد محمد بحر العلوم. وقال ان سماحته كانت له مشاركات نوعية في الندوات العالمية التي كانت تعقد في لندن للتعريف بالقضية العراقية مستذكرا مواجهة سماحته للمثل العراق في واشنطن انذاك نزار حمدون الذي اراد من خلال احدى الندوات تكريس حملة دعائية لنظام صدام الا انها تحولت بفعل طروحات السيد محمد بحر العلوم الى تعرية لافعال النظام عبر اصرار سماحة السيد محمد بحر العلوم على كشف وتوضيح ما يعانيه الانسان في الداخل العراقي وكان سماحته نشيطا وفاعلا في المحافل الدولية للتعريف بالقضية العراقية.
ثم فسح المجال للحاضرين لطرح الاسئلة على الدكتور شبلي ملاط حيث وجهت جريدة المواطن سؤالا للضيف عن المحكمة الجنائية الدولية لانصاف الرئيس الحريري وموقفه منها، وفي نفس الوقت مقارنة هذه المحكمة بقرار اخر لها لمواجهة الرئيس السوداني عمر البشير، حيث قال الدكتور شبلي ملاط: ليس سرا وليس علنا انه كان احد الذين عملوا على تأسيس محكمة الحريري التي بدات اعمالها وكنا نعتبر هذا التاسيس هو الجواب على اغتيال الحريري. كما ان من الامور التي نادينا بها محاكمة صدام على سلسلة الجرائم التي ارتكبها في العراق والكويت.
واضاف: هذه المحاكمات كانت درسا مستمرا لمن يريدون الاستمرار بالطغيان والديكتاتورية، والقانون الجنائي الدولي هو رسالة امل للعالم العربي. وبايجاز ان مهمة المحكمة تمثل مواجهة حضارية لمواجهة الديكتاتورية من خلال القانون وان التقدم جاء من العراق وتوج بانشاء محكمة دولية لمحاكمة الديكتاتوريات. وموضوع البشير ياتي في نفس السياق حيث ان من المهم ان يشعر أي ديكتاتور انه في في دائرة التضييق والتهميش وان هناك رصد للديكتاتورية ولتذكير العالم بان القانون قادر على معاقبة الطغاة.
وكشف الدكتور شبلي ملاط على سعيه المستمر لملاحقة مختطفي الامام موسى الصدر باعتباره محاميا موكلا من عائلته وقال ارجو من الاصدقاء في العراق مساعدتنا في هذه المهمة والقاء القبض على المطلوبين للعدالة.
شبلي ملاط محاضراً في النجف: المحكمة الجنائية الدولية رسالة أمل للعالم العربيالرجل المحاضر أما ان يكون جاهلا برساله النجف للعالم او منافقا لمصالح خاصة.فليس لرجال الدين العراقيين في النجف ولا في الأزهر اي رساله للعالم ذات منفعة. ليس فيهم من يساوي المسلم بالكافر، وليس فيهم من يؤمن بحقوق الأنسان على لائحتها الدوليةولم ينتج فكرهم فولتير. أنهم لم ينتجوا الا فكرا شيعيا طائفيا على غرار نتاج الأزهر السني. ولا أعرف كيف يقارن عصر الطاغية صدام بعصر العراق الحالي أذْ غاب عنه دكتاتور فأحتلّ طغاة الطائفيه الجدد الجامعات والمساجد ومؤسسات الدوله وحتى السفارات صارت اماكن لأقامة العزاء على أهل البيت وهي طقوس… قراءة المزيد ..