البقاعية (لبنان) (رويترز) – قال سوريون فروا للنجاة بحياتهم من حملة قمع أمنية في بلدة تلكلخ الحدودية السورية ان العنف جعل توجهاتهم أكثر تشددا تجاه الرئيس بشار الاسد وان الاضطرابات لن تنتهي الا عندما يتنحى.
واضافوا أن الاسد فقد مصداقيته وأنه فات أوان تنفيذ الاصلاحات لان قوات الامن فرضت حصارا على البلدة وتداهم البيوت وتعتقل وتقتل العشرات.
وقال أحمد الذي فر من تلكلخ حيث شنت قوات الامن والجيش والموالون للاسد الذين يعرفون بالشبيحة حملة قمع الاسبوع الماضي “أول كلمات سيتعلمها ولدي الذي يبلغ من العمر عاما واحدا هي.. لا نريد بشار.”
وتساءل قائلا “هل هذه هي اصلاحاته.. أن يقمع الشعب.. الى متى سنظل مضطهدين..”
وطلب أحمد كغيره من اللاجئين الذين التقت بهم رويترز في قرية البقاعية على الحدود اللبنانية ألا يذكر اسمه الكامل لحماية أفراد عائلته الذين لا يزالوا موجودين في سوريا.
وتقول جماعات حقوقية ان قوات الاسد قتلت 800 شخص على الاقل في حملة ضد الاحتجاجات التي استلهمت انتفاضات أخرى في أرجاء العالم العربي. وتقول السلطات السورية ان جماعات مسلحة مدعومة من اسلاميين ومن قوى خارجية هي المسؤولة عن معظم أعمال العنف وقتلت أكثر من 120 من أفراد الجيش والشرطة.
وقال الاسد (45 عاما) ان الاحتجاجات تخدم مؤامرة مدعومة من الخارج لاثارة صراع طائفي في البلاد.
واتهم كثيرون من النازحين القوات السورية بالتحيز ضد المسلمين السنة الذين يشكلون الاغلبية في سوريا التي يحكمها منذ عقود أتباع الاقلية العلوية التي ينتمي اليها الاسد وهي احدي فرق الشيعة.
وفي مسجد في قرية البقاعية جرى تحويله الى ملجأ مؤقت قال لاجيء عمره 18 عاما يدعى عمر انه اعتقل وتعرض للضرب على أيدي قوات الامن وهو يرتب لفرار نساء من البلدة الاسبوع الماضي.
وقال اللاجيء الذي كانت عينه اليسرى متورمة وحمراء لرويترز “قال جندي.. دعه يموت كالكلب لان اسمه عمر.” وعمر اسم شائع بين السنة ونادرا ما يوجد بين الشيعة وينظر اليه في المنطقة على أنه علامة على الهوية السنية.
وتمثل الاحتجاجات أخطر تحد لحكم الاسد الذي رد عليها بعدة لفتات اصلاحية من بينها الغاء حالة الطواريء المفروضة في البلاد منذ عقود لكنه أرسل ايضا دباباته الى العديد من المدن السورية لقمع الاحتجاجات الدائرة منذ تسعة أسابيع.
وقال ناشط في مجال حقوق الانسان ان قوات الامن السورية قتلت بالرصاص 44 مدنيا على الاقل في هجمات على المظاهرات التي خرجت في أنحاء سوريا يوم الجمعة في تحد لحملة القمع العسكرية.
ونقلت المفوضية العليا لحقوق الانسان التابعة للامم المتحدة عن السلطات المحلية السورية القول بأن أربعة الاف سوري عبروا الحدود الى لبنان منذ أواخر أبريل نيسان الماضي وان حوالي ألف شخص فروا من تلكلخ الى منطقة وادي خالد في لبنان الاسبوع الماضي.
وتستقبلهم العائلات اللبنانية منذ أن بدأت قوات الامن أولى عملياتها ضد بلدة تلكلخ الاسبوع الماضي.
وترك بعض السكان اللبنانيين بيوتهم لافساح المكان للاجئين. وامتلا المسجد في قرية البقاعية بالافرشة والمتعلقات. وجلس بعض اللاجئين الاخرين في مداخل البيوت وهم يدخنون النارجيلة ويتابعون بتوتر عبر شاشات التلفزيون الدبابات وهي تتخذ مواقع على بعد كيلومترات.
وقالت أم حمزة التي تقيم في بيت مع 35 شخصا اخرين انها وعشرات الاشخاص الذين حشروا انفسهم في شاحنة ليل السبت لاجتياز الحدود في رحلة قصيرة تعرضوا لاطلاق النار من قريتين قريبتين يشكل العلويون غالبية سكانها.
وقالت لرويترز “كانت النيران من الجهتين. الرصاص كان يتساقط علينا كالمطر. أصيب ستة أشخاص.” وأيد شخصان اخران على الاقل روايتها.
وتمنع سوريا معظم وسائل الاعلام الدولية من العمل في البلاد وهو ما يجعل من الصعب التحقق بشكل مستقل من روايات الشهود والمسؤولين.
وقال بعض السكان وخصوصا الرجال انه لا مجال لان يعودوا الى سوريا بينما حكومة الاسد لا تزال تحكم سيطرتها.
وعبروا عن أملهم في أن تندلع احتجاجات حاشدة في دمشق وفي حلب ثاني كبرى المدن السورية وأن ينشق جنود على الجيش. وفي أثناء ذلك فان كل ما يمكنهم عمله هو أن يبقوا على تحديهم.
وقال لاجئ اخر اسمه أيضا عمر “تعودنا على المطالبة بالحرية… لكن بعد أن شاهدنا هذه الحرية في صورة دبابات وترويع على يد الجيش لن نقبل بشي أقل من تنحيه (الاسد).”