July 4, 2009
(نيويورك، 4 يوليو/تموز 2009) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على السلطات السورية أن تكشف فوراً عن مصير جميع محتجزي سجن صيدنايا، ويُعتقد أن تسعة منهم على الأقل قُتلوا أثناء استخدام الشرطة العسكرية للقوة المميتة لإخماد أعمال شغب في السجن يوليو/تموز الماضي. وقالت هيومن رايتس ووتش إن على سوريا أن تطلق سراح من انتهت محكومياتهم في السجن.
ولم توفر الحكومة لأسر المحتجزين أو الرأي العام أية معلومات عن أحداث صيدنايا و لم تكشف عن أسماء الجرحى أو القتلى، ومنعت أي اتصال بين سجناء صيدنايا وأسرهم منذ وقوع الحادث. ودعت هيومن رايتس ووتش الدبلوماسيين الأجانب الذين يزورون دمشق إلى سؤال الرئيس بشار الأسد عن مصير النزلاء.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “مرت سنة كاملة ولا يعرف أحد بعد حقيقة ما حدث لهؤلاء الأشخاص”. وتابعت قائلة: “على الحكومة السورية أن تضع حداً لألم أسر السجناء، وأن تكشف عن أسماء الجرحى والقتلى، وأن تتيح للأسر على الفور زيارة أقاربهم المسجونين”.
وقد استخدمت سلطات السجن والشرطة العسكرية الأسلحة النارية لتهدئة أعمال الشغب التي بدأت في 5 يوليو/تموز 2008 في سجن صيدنايا، الواقع نحو 30 كيلومتراً شمالي دمشق. وحصلت هيومن رايتس ووتش على أسماء تسعة نزلاء يُعتقد أنهم سقطوا قتلى في المواجهة بين السجناء والسلطات، التي تناقلت التقارير استمرارها عدة أيام. وذكرت عدة منظمات حقوقية سورية أن عدد النزلاء القتلى بلغ 25 نزيلاً. كما تأكد موت أحد عناصر الشرطة العسكرية.
ولم تكشف الحكومة عن أية معلومات عن تحركات قواتها ضد النزلاء و لم تعلن عن فتح أي تحقيق بأحداث العنف في السجن. ومع ذلك فرضت الحكومة حصاراً لمنع تسرب المعلومات من السجناء، الذين لم يتمكنوا من الاتصال بأسرهم منذ اندلاع أعمال العنف قبل عام.
ومنذ ذلك الحين والسلطات السورية ترفض إخلاء سبيل سجناء انتهت مدة محكوميتهم من صيدنايا. وحصلت هيومن رايتس ووتش على أسماء 25 سجيناً على الأقل انتهت محكومياتهم بعد الهجوم المميت، لكن يبدو أنهم ما زالوا رهن الاحتجاز. ومنهم نزار رستناوي، الناشط الحقوقي البارز الذي حكمت عليه محكمة أمن الدولة بالسجن أربعة أعوام بناء على اتهامات بـ “نشر أنباء كاذبة” و”إهانة رئيس الجمهورية” بعد أن شهد عنصر من الأجهزة الأمنية بأنه سمع محادثة كان رستناوي طرفاً فيها. وانتهت عقوبة سجن رستناوي في 18 أبريل/نيسان 2009، لكن الحكومة لم تفرج عنه. ولم تتمكن أسرته من الحصول على أية معلومات عنه وهي قلقة للغاية على سلامته.
وقد رفعت أسر محتجزي صيدنايا التماسين على الأقل للرئيس بشار الأسد لطلب معلومات، لكن لم يصلهم أي رد. وفي 10 أكتوبر/تشرين الأول 2008، طالبت 17 أماً لمحتجزين في صيدنايا من بلدة قطنا، الرئيس بتوفير معلومات عن أبنائهن والسماح لهن بزيارتهم، وهذا بعد عدة محاولات فاشلة للحصول على معلومات من وزارة العدل. وفي طلبهن، ذكرن أنهن “عرفنا بدفن جثث في قطنا ليلاً” وأنهن قلقات أن تكون تلك جثث أبنائهن.
وفي مايو/أيار 2009 أرسلت أسر سبعة نزلاء رسالة إلى الرئيس السوري لكن لم يصلهم أي رد عليها، والنزلاء كانت محكمة أمن الدولة قد حكمت عليهم بالسجن في 2007 لقيامهم بإعداد منتدى نقاشي للشباب على الإنترنت ونشروا عدة مقالات تنتقد السلطات السورية.
وقالت سارة ليا ويتسن: “تجاهل طلبات الأهالي بمعرفة مصير أولادهم أمر قاسٍ وغير إنساني”. وأضافت: “فلم يقتصر الأمر على عدم إظهار الرئيس الأسد الاحترام لحقوق المواطنين السوريين، بل هو أيضاً لم يُظهر الرحمة لأمهات وآباء سوريات وسوريين يحاصرهم كابوس غموض مصائر أبنائهم”.
وأبدى شقيق أحد المحتجزين في صيدنايا منذ يناير/كانون الثاني 2007 – وطلب عدم ذكر اسمه خشية تعرض أخيه للضرر – ألمه وإحباطه لـ هيومن رايتس ووتش، قائلاً: “لا توجد أية معلومات. شقيقي كان يحاكم في محكمة أمن الدولة عند إندلاع الأحداث، لكن لم نسمع عنه أي شيء منذ ذلك الوقت. نريد معرفة ما حدث معه. هل ما زال حياً أم مات؟ يداوم أبي على مطالبتي بالخروج للسؤال عن أخي. لكن لمن أذهب؟”
خلفية
يخضع سجن صيدنايا لإشراف القوات العسكرية السورية. وتحتجز الحكومة فيه المحتجزين على ذمة المحاكمة، أحياناً لمدة سنوات، تحت إشراف ثلاثة فروع من الأجهزة الأمنية السورية: المخابرات العسكرية ومخابرات القوات الجوية، وأمن الدولة. ويُستخدم السجن أيضاً لسجن الأشخاص الذين تحكم عليهم محكمة أمن الدولة، وهي محكمة استثنائية لا تفي بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة. وقد وثقت هيومن رايتس ووتش المعاملة السيئة والتعذيب بحق المحتجزين في صيدنايا. وتتباين كثيراً تقديرات أعداد المحتجزين هناك. فأحد النزلاء الذين انتهت محكوميتهم في 2007 يقدر السجناء بـ 1500 سجين. بينما تعتقد منظمات حقوقية سورية أن العدد ازداد كثيراً منذ عام 2007.
ومنذ اندلاع أعمال الشغب في يوليو/تموز 2008، صدرت تقارير أخرى عن وقوع أعمال عنف في السجن. وفي ديسمبر/كانون الأول 2008، تلقت هيومن رايتس ووتش تقارير بأن حراس السجن استخدموا القوة المميتة هناك مجدداً. وقال أحد سكان بلدة صيدنايا لـ هيومن رايتس ووتش إنه في 6 ديسمبر/كانون الأول سمع أعيرة نارية من السجن واستمرت 30 دقيقة، ثم فيما بعد شاهد دخاناً كثيفاً ينبعث من وسط السجن. وبعد أسبوعين، في 18 ديسمبر/كانون الأول، قال ناشط حقوقي سوري لـ هيومن رايتس ووتش إنه وردته معلومات عن وقوع أعمال عنف في السجن في ذلك اليوم، وأن سيارات إسعاف شوهدت هناك، لكنه لم يقدم تفاصيل إضافية. وقال ناشط آخر لـ هيومن رايتس ووتش إنه حصل على تقارير جديدة بوقوع حوادث في صيدنايا، يومي 27 و31 ديسمبر/كانون الأول، وأن حريقاً اندلع في 31 ديسمبر/كانون الأول وأتى على جزء من جدار المبنى الداخلي للسجن. ولم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تأكيد هذه التقارير بصورة مستقلة.
والقانون الدولي لحقوق الإنسان، ويشمل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صدقت عليه سوريا، يحظر الاحتجاز التعسفي، وهو ما يشمل احتجاز الأشخاص لفترات تتجاوز انتهاء محكومياتهم، ويطالب – القانون – بتعويض جميع السجناء المحتجزين تعسفاً. والمعايير الدنيا لمعاملة السجناء الصادرة عن الأمم المتحدة تدعو إلى تمكين السجناء من الاتصال بالعالم الخارجي “على فترات منتظمة”. كما تطالب قواعد الأمم المتحدة هذه أيضاً بعدم استخدام القوة إلا في حالة الضرورة القصوى، وأن يعرف أقارب السجناء الذين يموتون بوفاتهم فور وقوع الوفاة.