ينعقد يوم الأحد المقبل «لقاء سيدة الجبل» في خلوة هي العاشرة من نوعها في ظل ظروف معقدة تمر بها المنطقة، مع تزايد مخاطر الإرهاب وعمليات تهجير المسيحيين في العراق، وأوضاع دقيقة يعيشها لبنان على وقع طبول «داعش»، وعجز محلي عن التوحّد من أجل إتمام الاستحقاقات الدستورية وملء الفراغ الرئاسي كمقدمة لمواجهة وطنية لما يمكن أن يتم تصديره من نزاعات تجري في الدول المحيطة بلبنان.
والمميز في هذا اللقاء سيكون مشاركة شخصيات إسلامية بصفة مراقب، لا سيما من «اللقاء التشاوري الشيعي» الذي كانت له مواقف مشتركة مع «لقاء سيدة الجبل» عقب لقاءات تنسيقية سابقة صدرت عقبها نداءات تركزت على رفض دولتي «الداعشية» و«الولي الفقيه» وركزت على أهمية حياد لبنان لا سيما تجاه ما جرى ويجري في سوريا وركزت على التضامن مع قوى الاعتدال في التصدي للإرهاب والديكتاتوريات.
ووفق المنظمين فإن مبادرة ستصدر عن المجتمعين بعد نقاش الهواجس ووضع صيغة للتحرك والتركيز على رفض الإرهاب أياً كان مصدره سواء إرهاب الدولة الإسلامية في العراق والشام أم إرهاب حزب السلاح أم إرهاب النظام السوري أم إرهاب إسرائيل في غزة.
يشير عضو الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق سمير فرنجية في حديث إلى «المستقبل» إلى أن مؤتمر لقاء سيدة الجبل سيبحث في تحديد دور المسيحيين في لبنان والمنطقة للخروج من العنف المدمر والمبادرة التي يمكن أن تطرح في هذا المجال ومع من يمكن طرحها لمعالجة ما نمر به، أي المطروح هو البحث في مضمون هذه المبادرة وآلية تنفيذها.
ويؤكد «هذا هو البند الأول المدرج على طاولة البحث في اللقاء. أما البند الثاني فهو رسالة لا بد من توجيهها إلى الداخل والخارج، رسالة تؤكد على أن شرط محاربة الإرهاب هو عدم التمييز بين إرهاب وآخر». وأضاف «فمَن يدين اليوم إرهاب الدولة الإسلامية في العراق والشام، عليه أن يدين في الوقت نفسه الإرهاب الذي يمارس بحق الشعب في سوريا والإرهاب الذي يمارس ضد المدنيين في غزة، فإدانة إرهاب والسكوت عن إرهاب آخر هو من أسباب نمو الإرهاب، أما البند الثالث فهو مشروعية طلب الحماية للأقليات ولكن هناك أيضاً مشروعية لطلب الحماية للأكثرية، لأن من يتعرض للقتل منذ ثلاث سنوات وحتى اليوم ليس الأقليات في سوريا وإنما الأكثرية، نحن سنطرح هذه الموضوعات ونناقشها من أجل التوصل إلى بلورة صيغة تحرّك في الداخل والخارج. في الداخل من الشركاء في الوطن وفي الخارج مع الجاليات اللبنانية ومع مسيحيي المنطقة كلها.
وعن الأخطار التي يواجهها المسيحيون في المنطقة واستهدافهم من قبل الإرهاب ومخاطر استهدافهم في لبنان من «داعش» والتي تناقش في اللقاء، يرى فرنجية أن الإرهاب في المنطقة لا يستهدف فريقاً بل هدفه الجميع. وما نشهده منذ العام 2011 حتى اليوم من قتل ودمار لم يكن يستهدف المسيحيين بل كان يستهدف مسلمين. ولذلك فإن الكلام بأن هناك شيئاً ما جديداً اليوم مبالغ فيه. هناك تصعيد في عملية الإرهاب، في العراق وغزة، وهذا أمر ليس هيناً إذ يذهب الأطفال ضحية الإرهاب في غزة، والمذبحة التي حصلت تثير ردود فعل في الغرب لم يكن يتوقعها أحد كما وأن المجازر التي تقوم بها جماعة «داعش» تثير ردود فعل.. وقال «وصلنا إلى مرحلة وضعنا فيه أمام خيار واضح، إما وقف كامل لهذا العنف وهذا قرار علينا أن نتخذه جميعاً مسيحيين ومسلمين ونأخذه في لبنان حتى نستطيع تعميمه في المنطقة وإلا نكون قد أخذنا قراراً بإنهاء البلد».
وشدد فرنجية ان «البديل عن العيش المشترك هو الحرب الدائمة، نحن أخطأنا كلبنانيين لأننا لم نفهم أهميته وأخطأنا كلبنانيين لأننا لم نستطع حمايته ولم نستطع بناء دولة العيش المشترك، هذه الدولة بطبيعتها يجب أن تكون دولة مدنية حتى تستطيع حماية العيش المشترك. الآن علينا التأكيد على أهمية هذا الشعار وعلى بناء دولة العيش المشترك والبناء مع الإخوان العرب عالم العيش المشترك، في الداخل اليوم نتيجة لعبة السلطة والصراع عليها».
وإذ يشير الى أنه «لا يمكن أن يكون هناك خيار قادر على توحيد طائفة بأكملها إلا أن خيار «اللاعيش مع الآخر» جربه المسيحيون، والآن لا بد من الخروج عن الكلام الذي يتردد على لسان قيادات «التيار العوني» الذي يدعو إلى حمل السلاح، أي يدعو إلى تجديد الحرب الأهلية في لبنان. البعض لم يستخلص ولا عبرة مما حصل، ويمكن أن لا يفهم أهمية العيش المشترك، ولكن بتقديري أن أكثرية اللبنانيين فهموا هذا الأمر ولو لم يفهموا هذا الأمر، كان يفترض أن نكون في حرب أهلية، عمرها سنوات، منذ 7 أيام وحتى اليوم، ولأن ذلك لم يحصل فهو يؤكد أن اللبنانيين واعون، ثم أن دعوة عون لتعديل الدستور وانتخاب رئيس من الشعب تؤكد أن هذا الفريق يعيش في عالم آخر».
وبتقدير فرنجية فإن هناك «مجموعة أمور طرحت جعلت بكركي تفهم بأن طرح هذا الفريق غير سليم، والحديث عن رئيس قوي لا معنى له، لأن أكثر رئيس نجح في لبنان هو رئيس لم يكن مصنفاً في خانة القوة هو الرئيس فؤاد شهاب وأكثر رئيس كان مصراً على حماية لبنان لم يكن قوياً وكان اسمه الياس سركيس ولم يكن هناك من رئيس قوي إلا وأنهى عهده بحرب أهلية، ويجب أن نعرف ماذا تعني القوة هنا».
وعما سيفضي إليه لقاء سيدة الجبل من مقررات، يقول: «الفكرة هي صياغة مبادرة والنقاش سيتركز حول هذه المسألة ربما يصدر نداء مع صيغة للتحرك»، أما المشاركة الإسلامية في هذا اللقاء للمرة الأولى، يشدد فرنجية على أن الإضافة تكون بتقديم ما خبروه وما جربوه والقول أننا مسؤولون تجاه بعضنا البعض». وقال: «الإمام محمد مهدي شمس الدين نظم في الكارلتون مؤتمراً عام 1994 بعنوان «الإسلام والمسلمون في عالم متغير» ودعا إليه مسلمين من كل العالم وشكل ست لجان ورأس ثلاثاً منها لأساقفة مسيحيين وسألته في ذلك الحين، مولانا كيف ذلك؟، نظر إليّ وابتسم وأجابني: ألسنا شركاء في الوطن؟ ضحكت بدوري وقلت له: أجل، اليوم نحن في المنطق نفسه، من المشاركة الإسلامية».
وعن موقف البطريركية المارونية مما سيطرح في المؤتمر، يؤكد فرنجية أنه سيتم إطلاع البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي على المقررات. المؤتمر لا يعقد بغطاء من بكركي كما كان يحصل سابقا،ً فالظروف تغيرت ثم أن سيدنا مسافر وسيعود ثم سيسافر من جديد، سوف نضع سيادته في الجو ونناقش معه التصور الذي نكون قد توصلنا إليه».
ولفت إلى أن «البطريرك أصبح يشعر بأن هناك خطراً على الوضع في لبنان ولا أتصور أن أحداً لديه فكرة واحدة عن كيفية الخروج من الأزمة ونحن سنبقى على تواصل مع البطريرك لنرى ما الذي يجب فعله سوية».
فاطمة حوحو
[المستقبل->http://www.almustaqbal.com/v4/Article.aspx?Type=NP&ArticleID=629780
]