الموضوع الثالث هو محاكمة قتلة اللواء عبد الفتاح يونس وتوجيه الاتهام إلى سبعة عشر شخصا من بينهم الدكتور علي العيساوى الذى اتهم بالاشتراك فى قتل اللواء المرحوم.
فى اليوم الذى سبق المؤتمر الصحفى. أستقبلت قناة “ليبيا تى في” الدكتور علي العيساوى وخلاصة ما قاله أنه استقبل وفداً قدّمه سالم الشيخى وزير الاوقاف، وأن هذا الوفد يملك أدلة تتهم عبد الفتاح يونس بالخيانة. وذكر على ذلك براهين. وقال إن مهمته انحصرت فى تقديم الادلة للسيد رئيس المجلس الانتقالى وترتيب لقائه معهم. وأن رئيس المجلس الانتقالى أصدر قرارا بتشكيل لجنة تحقيق تتكون من ثلاثة أشخاص برئاسة المستشار الجازوى. وأن مهمته انتهت عند هذا الحد.
وجاء رد السيد المستشار باتا قاطعا عندما حضر مؤتمرا صحفيا أعلن فيه المدعى العسكرى قرار الاتهام
وكان من ضمن المتهمين سفير ليبيا فى الهند ونائب رئيس المجلس التنفيذى ووزير الخارجية، السيد الدكتور على العيساوى.
من حقنا أن نتساءل هنا لماذا حُوِّلت القضية أساسا للنيابة العامة. وكيف لم يكتشف النائب العام أنها تخرج عن مجال اختصاصه، وهو خطأ يمكن لطالب فى كلية القانون أن يكتشفه بسهولة. ولماذا استمر تحقيق النائب العام فى القضية عدة شهور وبلغت أحرازها ألف صفحة؟ ولماذا لم يكتشف وزير العدل السابق، وهو محامى وحقوقى فى نفس الوقت، هذه الثغرة؟
كما لا أستطيع أن أفهم شيئا رأيته في قناة ليبية. وأعتقد أننى أراه لاول مرة وقد لا أراه مرة ثانية. تجمع بين ولى الدم إبن شقيق اللواء القتيل، ووكيل النيابة العسكرية المكلف بنظر القضية والذى يسمونه بالقضاء الواقف. وأظن أننى لم أشهد أبدا رجلا فى منصب قضائى رفيع يحضر فى قناة تليفزيونية مع المجنى عليه. ويتحدثان معا للمذيع وكأنهما فريق واحد يدافعان عن موقف واحد وقضية واحدة.
ألا يفقده هذا صلاحيته فى نظر الدعوى وحياديته فى الحكم فيها. ألا يحط هذا من شأن العدالة فى ليبيا؟
الامر الآخر: إذا كان منصب رئيس الأركان شاغرا الان، فمن سيصدر أمر تشكيل المحاكمة ومن سيصدق على أحكامه؟
*
(4) سوق السلاح
نجئ أخيرا إلى ما تناولته الميديا من قيام الحكومة الليبية باستقبال وفد يمثل المعارضة السورية وتنقل صحيفة تليغراف عن مسئول بالمركز الانتقالى لم تذكر إسمه أن ليبيا وافقت على مد المعارضة السورية بالمال والرجال والسلاح وكشف عن تدخل عسكرى قادم قال إنه فى الطريق سترونه فى الاسابع المقبلة!
ونقلت الصحيفة تصريحا للسيد نسيم فارس، وهو ناشط حقوقى له صلة وثيقة بجيش التحرير السورى، تأكيدا لهذا الكلام.
وكتب مراسل التليجراف من مصراتة أن كميات كبيرة من الاسلحة معدة للشحن تنتظر وصول سفينة لنقلها، وأن شحنات سابقة وصلت إلى الاراضى السورية بالفعل. وتأكدت هذه المعلومات بعد القبض على مجموعة من مهربى الاسلحة بمدينة مصراته ثم تواترت أنباء غير مؤكدة عن دخول ست مئة جندى ليبيى إلى المنطقة العازلة بين سوريا وإسرائيل.
وتتحدث أيضا عن أجتماع لدول أعضاء فى حلف الناتو مع مسئوليين قطريين وإماراتيين وليبين لتنظيم غزو محتمل للدولة السورية.
أتمنى لو كان كل ذلك خيالا أو أكاذيب. وأتمنى أن ننسى نحن الليبيون موضوع الحرب والسلاح والثورة المستمرة وألا تنحصر ثورتنا فى القضاء على طاغية ثم التمسك بسياسته والاستمرار فى تطبيقها. أتمنى ألا نهتم نحن الليبين إلا بشأننا الداخلي، فنحن كيان خرج محطما من حرب ضروس أهلكت كل ثروات ليبيا ومنشآتها وقضت على عشرات الالوف من خيرة شبابها. ومن الخير لمن خرج يحارب فى سبيل الغير أن يعود ليشارك فى النهضة الليبية القادمة، إننا شعب قليل العدد، وحين نفقد فردا منه فأننا نفقد خيرا كثيرا.
نرجو ألا ينظر العالم إلى ليبيا على أنها مستودع الشر ومخزن الارهاب الذى يمكن استخدامه قت الحاجة إليه لضرب الإرهاب بالإرهاب. وأن نقدم نفسنا للعالم على أننا دولة عصرية صغيرة مسالمة تهتم بالصحة والتعليم ولا تهتم بنشر الارهاب وثقافة العنف وترفع علم “القاعدة” على مبانيها. وأن يسأل هؤلاء الثوار أنفسهم فى صف من يحاربون وما هى قضيته.
لقد تحددت ملامح الدولة الليبية فى عيون المجتمع الدولى على النحو التالى:
نحن دولة غير صادقة تمارس التزوير بمنهجية وبعلم المسئولين فيها.
نحن دولة لا نحترم القانون الدولى برغم دوره فى حمايتنا.
نحن دولة لنا توجهات دينية وجهادية.
ونحن دولة ترسل المرتزقة وتشجع الارهاب وتصدره.
ونحن دولة لا نملك رؤيا ولا إتجاها، ولا نعرف ماذا نريد. إننا نشجع طاغية على حدودنا، ونحارب طاغية أخرا بعيد عنا!
دولة مثل هذه لا يليق بقيادتها إلا معمر القذافي. فلنخرجه من قبره إذاً، وندعوه ليحكمنا حتى وهو ميت، فلن يصلح لحكمنا وحالنا هكذا إلا رجل مثله.
أتمنى ألا يسرف السيد المستشار فى الخطابة والتصريحات وأن يكف عن التدخل فى البرامج التليفزيونية ليعبر عن رأيه. لانه رئيس الدولة، ولاننا نرجو أن نجلّه عن مخاطبة المذيع مخاطبة الند للند فيجرؤ عليه من يجهل قدره، ومن يخاطب الرئيس فإنه يخاطب أمة بكاملها. وهو الامر الذى بدت بوادره عندما عقّب المذيع على مداخلة الرئيس بأن هناك نقطة (“مافطنلهاش”)! إنها كلمة لا يمكن أن تقال لرئيس ولا حتى لضيف محترم.
ولو سمح لى سيادته بتوجيه المشورة إليه، لنصحته بأن تكون كل خطاباته مكتوبة ليس بقلمه ولكن بأقلام كتاب.محترفين.- أنا لست واحدا منهم – وبتعيين متحدث رسمى بإسم المجلس يكون مكلّفا وحده بالادلاء بالتصاريح أو نفيها.
بودى لو أنصحه أن يتمسك بالذهب الذى تعلو أسعاره كل يوم ويترك الفضة التى بار سوقها للمساكين من أهل الكلام. فالكلام الان مهنة متخصصة لها معايير دقيقة تُقاس فيها الكلمات بموازين الذهب. وأتمنى لو أخذت الحكومة المؤقتة بذلك فتخصصت فى العمل وتركت الكلام لاهل الكلام. والسلام ختام
swehlico@maktoob.com
كاتب ليبي
إقرأ أيضاً:
[سُبُل الضلالة الأربعة(2): مؤتمر العلماء وأئمة الدين وشيوخ القبائل
->http://www.metransparent.com/spip.php?
page=article&id_article=17005&lang=ar]
سبل الضلال الاربعة (3) و(4): محاكمة قَتَلة اللواء يونس، وسوق السلاح
أظن أننا لو استطعنا أن نستمع للمنطق والعقل ، وندع الارتجالية والانطباعية والتسرع جانبا ، حينئد يمكن أن نبني ليبيا ” الصح” وعلى العموم تحية للكاتب ، لقد كان عقلانيا في عروضه وتحليلاته، وكان محقا في أغلب ماكتب ، وليسمح لي أصحاب القرار أن أدعوهم الى القراءات المتمعنة لعلها تسعفهم في اتخاذ القرارات الصحيحة لادارة أحوال البلاد في هذه الفترة الحرجة.