خاضت “حركة أمل” و”حزب الله” (نسينا التيار العوني) معركة “إصلاح” قانون الإنتخابات البلدية لاعتماد قانون الإنتخاب النسبي الذي يُفترَض أنه يسمح ببروز قوى جديدة، وشابّة، ولو كانت صغيرة الحجم. ولكن، وفور تحديد موعد الإنتخابات على أساس قانون الأغلبية المطلقة، أعلن الحزبان الشيعيان عن تحالفهما الذي يمنع ويلغي أية إمكانية لبروز قوى شيعية مستقلة أو محايدة أو شابّة، أو حتى شخصيات مستقلة على المستوى البلدي! وهذا ما يُسمّى “صيف وشتاء على سطح واحد”! وهذا يعني، أيضاً، وبالدرجة الأولى أن الحزبين اللذين “احترفا” الدفاع عما كان يُسمّى “المحرومين” سيحرمان الطائفة الشيعية وحدها (ودون الطوائف والمناطق اللبنانية الأخرى) من حقّها في انتخاب ممثّليها لأن “المعركة الإنتخابية” انتهت قبل أن تبدأ في مناطق الكثافة الشيعية! كل اللبنانيين سيصوّتون لانتخاب ممثّليهم في البلديات، كلّهم ما عدا الجمهور الشيعي الذي انتخبت “الحركة والحزب” نيابةً عنه!! لبنان لا يعيش تحت نظام “الحزب الواحد”، لكن شيعة لبنان يعيشون تحت نظام “الحزب والحركة”!!
المقال التالي للسيد ياسر إبراهيم، من جنوب لبنان، يتطرّق إلى هذا التقاسم “الإستعماري” للطائفة الشيعية وما يختفي تحته من فساد!
*
يستطيع المراقب اللبناني أن يوصّف الثنائي الشيعي “أمل وحزب الله”
بطريقتين أو حيثيتين. الاولى من حيث طموحاتهما السلطوية الذاتية، والثانية من حيث طموحات من يريد لهما الامساك بالساحة الشيعية…
منذ عام 1992 م كان يُفرض على هذا “الثنائي المختلف” تحالف انتخابي نيابي، ولم يكن يوما من الايام تحالفهما اختياريا، وكان يبرر دائما بالظروف الداخلية تارة والاقليمية تارة أخرى. وكان الامر يُقبل على مضض من بعض المعترضين. الا أن أهمية المجلس النيابي التشريعية وما له من علاقة بمراقبة الحكومة، كان يساعد على تقوية التبريرات التي فيها ما فيها من نقاش. وكان الثنائي، ولم يزل، يخترع أو يختلق عدوا وهميا في الساحة الشيعية ويحذر الناس منه وخاصة الناخب الشيعي، فيزج بكل العناوين لتحريض الناس “المقاومة،الشهداء، التضحيات، فلسطين،القدس، أهل البيت، الفتوى، التكليف الشرعي والى ما هنالك من عناوين….”.
خلال الفترة الزمنية الممتدة من “1992 م الى 2009 م” استطاع الثنائي اقناع الناس بالتحالف الانتخابي النيابي المفروض بحجة ان الطائفة الشيعية مستهدفة من عدو أصبح اليوم صديقا حميما للثنائي، وبات عدو الامس مقاوما شرسا اليوم. وهذا العدو الذي كان يستهدف الشيعة والمقاومة بالامس بات جاهزا للانقضاض على العدو الصهيوني بعقيدة راسخة، وأُعطي شهادة بالوطنية والجهاد المقدس، موقعة بالانامل السحرية التي وهبها الله للقيادة الشيعية.
اذا كان مبرر التحالف والمحاصصة والتقسيم في الانتخابات النيابية هو تلبية لرغبة من يريد الامساك بالساحة الشيعية، وحفظ المقاومة من تشريعات وقوانين قد تمرر لمصلحة رغبات اقليمية أو دولية غفلة (وأعتقد أن هذا مبررا قد يكون مقبولا ” سياسيا)، الا أن الامر المدهش هو تماهي الثنائي الشيعي باستعمال نفس العناوين في استحقاق انتخابي بلدي تحت وطأة طموحات سلطوية ذاتية لاستيلاء كل فريق منهما على العمل التنموي وبالتالي توظيفه سياسيا لدعم مشاريعه الداخلية الخاصة، والامساك بالمجتمع المدني وأهله، واخماد أي بريق قد يضيء على فساد ما، تماما كما حصل في أغلب البلديات الحزبية في المناطق اللبنانية. وأعتقد أيضا أن حفظ المقاومة لا يكون بتحويلها الى غطاء للفساد والمحاصصة.
أين مصلحة المقاومة من هذا التقسيم لسلطات محلية تعبث بالمال العام حيث لا رقيب ولا حسيب؟ وأين مصلحة الناس من فرض مجالس بلدية مسيطر عليها من القوى الحزبية التي لا تخدم غير المحازبين؟
عندما يتفق الثنائي على تقسيم بلديات المدن الشيعية الكبرى وبعض البلدات بينهما بالتساوي، ويفرض على الناس اسماء وشخصيات حزبية، أو شبه مستقلة بشرط العمل بتوجيهاتهما، الا يكون هذا اشبه باتفاق “سايكس-بيكو” التقسيمي الذي تم من خلاله استيلاء كل فريق على سلطة مصنوعة ومتشكلة على أيدي المُقسّم، وحسب رغباته.
والملفت للانتباه أن اتفاق “سايكس- بيكو” ترك ميناء الاسكندرونة حرا، وترك جزءا من فلسطين ليخضع لادارة دولية. اما في اتفاق “أمل- حزب الله” فلم يترك شيئا للناس، بل وزّع على كل المعارضين والمنتقدين اتهامات شتى، بينما كان الفساد المالي والانمائي، والمناكفات في أغلب المجالس البلدية المحسوبة على الثنائي.
“سايكس – بيكو” البلديات بين “أمل وحزب الله / جمال عـ. . — petra1973@hotmail.fr أسوة بفلم Gangs of New York الشهير، فالثنائي “الشيعي” المذكور تحرّكه منذ بداياته ثقافة سَطوَويّة، تُختزَل فيها السياسة فتصبح مشروع “وضع يد” مستمر على كافة مقدرات الشريحة الشيعية في لبنان. وعند الحاجة، يتم تفليت عصابات من المسلحين، يُعرفون في المناطق الشيعية بـ”زعران الرئيس بري” أو بـ”ميليشيا إيران”، حسب “هوية” العصابة، لتأديب شخص هنا أو ترهيب مجموعة هناك إلخ. العديد من العائلات الشيعية نزحت عن مناطق تواجد ونشاط هذه العصابات، في ظل تقزيم/تقاعس أجهزة الأمن اللبنانية المتواصل. وهذه المناطق بمثابة اقتطاعات، ممنوع على الدولة دخولها. وهي راقية… قراءة المزيد ..