قال إن إسرائيل واقع سياسي وجد في النصف الأول من القرن العشرين والدولة الفلسطينية ستكون الواقع السياسي «الجديد» للقرن الحادي والعشرين
ميشال أبونجم
في جلسة حوار مطولة مع عدد ضئيل من ممثلي الوسائل الإعلامية في فرنسا شاركت فيها «الشرق الاوسط»، في قصر الأليزيه، بعد لقائه وزيرة الخارجية الأميركية وبعد نهار حافل بدأه بافتتاح مؤتمر المانحين للدولة الفلسطينية ومواصله الاجتماع مع بان كي مون أمين عام الأمم المتحدة ومسؤولين دوليين كثيرين، تناول الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بحضور أقرب مستشاريه، القضايا الساخنة في الشرق الأوسط بدءا بموضوع النزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي والأزمة السياسية في لبنان ووصولا الى الملف النووي الإيراني ومشروع إقامة الاتحاد المتوسطي الذي يروج له. وكعادته، ابتعد الرئيس الفرنسي عن اللغة الجاهزة والملاحظات المدونة، وأجاب بوضوح وصراحة على كل الأسئلة التي طرحت عليه. وشدد الرئيس الفرنسي على أهمية التحرك «لأن كلفة عدم التحرك أعلى من كلفة المخاطرة بتحرك». وأكد أنه «يتحدث لغة واحدة» مع الفلسطينيين والإسرائيليين. وفي الموضوع اللبناني، روى ساركوزي قصة انفتاحه على الرئيس السوري وأبدى امتعاضا من عدم تحقيق نتائج في موضوع الانتخابات الرئاسية. وقال الرئيس الفرنسي: «لقد وصلنا الى نهاية المطاف ولم تعد تكفيني الكلمات. أريد أفعالا».
ونبه ساركوزي الى أن يوم السبت المقبل، موعد الجلسة الجدية لمجلس النواب هي «آخر فرصة» وبعدها سيتحدث «بصراحة». ودافع ساركوزي عن استقباله القذافي في باريس وعن إتمام زيارته للجزائر رغم «الإهانة» التي وجهها اليه وزير جزائري. وفي ما يأتي نص الحوار:
* خطابك أمام مؤتمر المانحين للدولة الفلسطينية يعطي الانطباع أن قيام هذه الدولة سيكون غدا، والحال أن الوضع الميداني لا يوحي بهذا التفاؤل. كيف يمكن التوفيق بين طرفي المعادلة؟
ـ أقول يجب أن تقام الدولة الفلسطينية غدا. الأمور واضحة في ذهني، الوقت يمر. وأنا أقول: أعطوني سببا واحدا يبرر عدم قيام الدولة الفلسطينية سريعا. عندما أقول غدا لا أعني غدا صباحا. أعني في أسرع وقت. هل ثمة مبرر لإطالة العذابات وزيادة الحقد والكراهية؟
* ولكن ماذا نفعل بالوضع الميداني؟
ـ صحيح. الوضع الميداني سيئ ولكن هناك فرصة لنقوم بشيء ما. اخطر الأمور ألا نتحرك بينما الوضع بالغ السوء. لذا أقول إنه يتعين علينا أن نقوم بذلك الآن. أنا أعي الصعوبات ولذا أعتبر أن الحل الوحيد هو أن نتقدم. صحيح أنه عندما تظهر الأمور وكأنها تتداعى، لا أحد يخاطر (بالمبادرة)، ولكن الخطر أكبر في حال عدم الإقدام والتحرك. ثم اضيف الى ذلك أن ثمة مصلحة لأبومازن في أن يحصل تقدم لأنه يعاني من مشكلة اسمها غزة. وثمة مصلحة لأولمرت أن يحصل تقدم لأنه يعاني من مشاكل داخلية. وفي السياق عينه، للإدارة الأميركية مصلحة في تحقيق إنجاز بينما الولايات المتحدة على عتبة الانتخابات وتتهيأ الإدارة لترك السلطة. أما بالنسبة لأوروبا، فإن النجاح (في الشرق الأوسط) يعيد اليها نفوذا ما (في المنطقة). خلاصتي: لا أرى الأمور بصورة متشائمة. لا بل أعتقد أنه كلما تعقدت الأمور كلما أتيحت الفرص. وأضيف الى ذلك أنه للمرة الأولى هناك رئيس فلسطيني يقدم خطة متكاملة وجدية ومنسجمة بهذا الشكل. أبو مازن يريد السلام وأنا واثق من القادة الإسرائيليين يعون أن اللحظة مناسبة لإنشاء الدولة الفلسطينية. إنها مصلحتهم. ومن الأفضل لهم أن تقوم دولة فلسطينية على حدود إسرائيل من أن تكون هناك منطقتان (غزة والضفة) بهوية غير ثابتة.
* هذه هي المبادئ أو ما هو مرجو. ولكن كيف نعمل غدا لوقف الاستيطان وإزالة الحواجز وتحقيق تقدم حقيقي في المفاوضات؟
ـ قلت ما أفكر به بخصوص المستوطنات (أمام المؤتمر)..أعتقد أنه علينا ألا نخاف من القيام بالخطوة الأولى. يتعين أن نتحلى بالثقة والخطاب (السياسي) التقليدي لم يعد يفيد مثل: أوقفوا إطلاق الصواريخ لنوقف حركة الاستيطان.
* هذا خطاب ليفني مثلا؟
ـ لا أعتقد أن هذا الخطاب هو الأفضل لتحقيق الانفتاح الضروري. أنا سأذهب الى إسرائيل في شهر مايو( أيار) القادم وسأقول الشيء نفسه للإسرائيليين، وسأذهب الى الأراضي الفلسطينية وساقول الشيء نفسه. ثم اريد أن اضيف ما يلي: يتعين علينا تحقيق تقدم لتحاشي المواجهة بين العالم الغربي والعالم العربي. أريد أن نخلق جسورا بين العالمين حتى نتحادث ونتفاهم ولا نعطي للمتطرفين والإرهابيين الحجج ليكرروا ما فعلوه في الجزائر مثلا مؤخرا. ما حصل في الجزائر كان البربرية في حالتها الخالصة. هؤلاء الإرهابيون هم عصابة من القتلة. ويجب أن نقوم بكل ما هو ضروري ان نتحاشى ذلك، لذا أنا أسعى وأعمل من أجل أن تحصل الدول العربية على التكنولوجيا النووية السلمية لأنها مصدر الطاقة للمستقبل. ولذا أنا أتكلم مع الجميع، مع العقيد القذافي ومع الرئيس السوري بشار الأسد… لذا أقوم بمبادرات في المغرب وتونس والجزائر.
* لو عدنا قليلا الى الموضوع الفلسطيني، كيف يمكن أن نحل مشكلة غزة؟
ـ علينا أن نقول أولا إن غزة جزء من الدولة الفلسطينية المستقبلية، ولا يمكن أن تكون هناك دولتان فلسطينيتان. هناك دولة واحدة. ونحن نعول على السلطة الفلسطينية لتخلص غزة من الميليشيات والمجموعات المسلحة الموجودة فيها.
* ولكن كيف ذلك؟
ـ من خلال إعطاء الوسائل اللازمة للسلطة الفلسطينية لتطبيق القانون وفرض احترام الأمن والنظام. والرئيس محمود عباس قال أمس: لنقم بإجراء انتخابات. هذا ما قاله. وأود هنا أن أشير الى النجاح الذي حصده المؤتمر. 7.4 مليار دولار. هذا نجاح واضح و مهم.
* عندما تتحدث مع المسؤولين الإسرائيليين، هل يبدو لك أنهم واعون لما تقوله لهم ومستعدون للاستجابة خصوصا أنك صديقهم؟
ـ أنا صديق أيضا للعرب. موقفي: أدعو الى وقف الاستيطان والعودة الى حدود 1967 وإقامة دولة متصلة بين الضفة الغربية وغزة والقدس. لقد التقيت بنيامين نتياهو واستقبلت أولمرت وتسيبي ليفني وسأستقبل شمعون بيريس في زيارة دولة. هذا الكلام أقوله للجميع. أود أن أضيف أن الخوف هو الذي يمنع قيام الثقة بين الطرفين. الثقة مفقودة ولذا يجب إعطاء إسرائيل ضمانات حول ما تستطيع المجموعة الدولية القيام به للحفاظ على أمنها. وعندها يمكن أن نحقق تقدما. وهذا ما نسعى لفعله. عندما نتحدث مع الأطراف لا نرى ما الذي يمنع تقنيا من حصول تقدم. نعرف شروط الاتفاق بين الجانبين. لذا يتعين على كل طرف أن يقبل فكرة المخاطرة.
* ما هو الأمر الذي من شأنه إطلاق العملية والمساعدة على تحقيق ما تقوله؟ الحقيقة أننا ندور في حلقة مفرغة. تحصل مؤتمرات والوضع لا يتحسن على الأرض فنقوم بمؤتمرات جدية وهكذا دواليك.
ـ هو ما نحن بصدد القيام به. المساعدات: هذا شيء مهم. وأنا أسأل. ما هو مستقبل المنطقة من غير الحل؟ أنا أؤكد أن الاتفاق هو أفضل من جدار الفصل من أجل تحقيق الأمن لإسرائيل. اليوم، الجميع يعترف بالحاجة لدولة فلسطينية والكل يعترف أنه داخل هذه الدولة لا بد من تأمين الأمن والنظام العام، ولذا نحن نرمي بكل ثقلنا في الميزان لإقناع الإسرائيليين والفلسطينيين بوضع حد لدورة الحقد والكراهية ولقيام دولتين. إسرائيل واقع سياسي وجد في النصف الأول من القرن العشرين. والدولة الفلسطينية ستكون الواقع السياسي (الجديد) للقرن الحادي والعشرين. وسيبقى الفلسطينيون والإسرائيليون جيرانا مثلما نحن والألمان جيران. وطالما لم تحل المشكلة، فالجميع سيعانون: العالم العربي والآخرون. الإسرائيليون دعوني للتكلم أمام الكنيست. إنهم يثقون بفرنسا كما أن الفلسطينيين يثقون بها. ومحمود عباس قال لي «بخصوص علاقات فرنسا الجيدة مع الإسرائيليين»: «هذه ورقة مهمة أن تكون حائزا ثقة الإسرائيليين». وأجبته. «لا أريد أن يقوم الإسرائيليون تجاهكم بما لا أقبل أن تقوموا به تجاههم». إسرائيل تعرف أنني لا أساوم أبدا بخصوص أمنها كما أعتقد أن أفضل ضمانة لأمن إسرائيل هو دولة فلسطينية قابلة للحياة. كل جدران العالم لا تمثل ما تمثله دولة فلسطينية ديمقراطية وحديثة وقابلة للحياة، هذا هو المفتاح.
* الفلسطينيون لا يطلبون أكثر من ذلك؟
ـ إذا نستطيع أن نحقق تقدما.
* لقد اجتمعت مع كوندوليزا رايس وتواصلك مع الأميركيين مستمر. هل لديك شعور أن الأميركيين يريدون حقيقة وجديا الانغماس في النزاع والمساهمة في إيجاد حل له؟
ـ أشعر أنهم حقيقة يريدون العمل وتحقيق نجاح ما. وأرى أن هذا أمر إيجابي وهو من ناحية أخرى يفيدهم ويفيد الإدارة الأميركية (المشارفة على انتهاء ولايتها). هناك إرادة أميركية إيجابية.
* ثمة من يرى أن سياسة فرنسا تسير وراء السياسة الأميركية، والأميركيون هم من له الوزن الأقوى في الشرق الأوسط. هل لديكم حرية المبادرة؟
ـ أنا أطالب بأن أمارس دوري وأن أمارس السياسة (في الشرق الأوسط). إن فكرة أن الأميركيين هم من يحرك لا تشل تحركي. أنظروا الى كوندوليزا رايس وهي شخص أكن له الكثير من التقدير: المبادرات التي تقوم بها فرنسا لا تصدمها. ما يطلبه الأميركيون هو أن يكونوا على إطلاع على ما نقوم به وأنه في حال حصول خلاف بيننا وبينهم أن نتحدث في ذلك. ووجود الخلافات لا يعني التشكيك أو إعادة النظر بالصداقة التي بيننا وبين أميركا. استقبلت شافيز (هوغو) لأنني رأيت أنه مفيد للإفراج عن أنغريد بتانكور (المحتجزة في كولومبيا)، استقبلت القذافي في باريس والنتيجة كانت أن كل الدول الأوروبية اقترحت توقيع اتفاق إطار مع ليبيا. ومع بشار الأسد، أرسلت له جان دافيد ليفيت وأخبرت الأميركيين بذلك. أنا أقول ما أفعله ولا أقول إننا سننجح في كل ما نقوله. قلت للقذافي: إذا أفرجت عن الممرضات البلغاريات (والطبيب الفلسطيني) سنرافقك للعودة الى المجموعة الدولية. هذا ما فعلته ومن أجل هذا هوجمت.
* هل صدمتك الحملة التي تعرضت اليها إعلاميا وسياسيا؟
ـ هذه الحملة كانت سخيفة. الاشتراكيون طلبوا مني أن ألغي رحلتي الى الجزائر لأن وزيرا جزائريا هاجمني. أرى أن اللقاء مع بلد من 30 مليون نسمة أقوى وأهم من هذا الأمر. ماذا افعل بسياسة فرنسا العربية التي لي في كل الأحوال ملاحظات على تحديدها. هل كان علي ألا أذهب الى الجزائر وأن ألغي زيارة القذافي؟!
* في الفترة الأخيرة قمت بالانفتاح على سورية واتصلت بالرئيس السوري عدة مرات هل لديك شعور بأنه مستعد للاستجابة لما تطلبونه منه؟
ـ لقد تحادثت معه ثلاث مرات وكلمته بصراحة ونزاهة. لقد قمت بالمخاطرة معه، بينما لم يكن أحد يحادثه. لقد قمت ببادرة تجاهه وقلت له: يحق للبنان أن يكون له رئيس وأن يتمتع باستقلاله وأن تكون له حكومة وحدة وطنية. وقلت له: استخدم كل الوسائل والقدرات التي في حوزتك للتأثير من أجل تحقيق هذه الأهداف. اعترف لكم أنني وصلت الى نهاية مسار معه: الآن، لم تعد تكفيني الكلمات. أريد أفعالا. وآخر فرصة لذلك هي السبت القادم (الموعد الجديد لجلسة مجلس النواب اللبناني).
* وإذا لم تحصل الانتخابات يوم السبت القادم؟
ـ عندها سأقول بصراحة ما أفكر به وأعرض التحليل الذي هو تحليلي.
* متى كان آخر اتصال هاتفي معه؟
ـ أول من أمس (ليل الأحد).
* غير أن سورية ليست وحدها في لبنان. هناك أيضا العامل الإيراني؟ ـ لنا مع الإيرانيين مشاكل من نوع آخر. السلاح النووي. لقد قلت باستمرار: ان امتلاك إيران للقنبلة النووية شيء لا يمكن أن أقبله. لم أغير رأيي ولنا مع إيران قنوات اتصال من أجل محاولة إقناعهم. ونحن نطلب منهم أن يتركوا المفتشين الدوليين أن يقوموا بعملهم. أدعوهم من أجل ألا يدفعوا العالم الى ركوب المخاطر والتوقف عن انتهاك القواعد الدولية التي صادقوا عليها.
* لو عدنا الى الانتخابات الرئاسية: هل تعتقد أنه في حال عدم انعقاد جلسة السبت القادم يستطيع مجلس الأمن أن يلعب دورا ما؟
ـ إذا لم تحصل الانتخابات السبت، سيكون ذلك مؤشرا سيئا. سيعني هذا عودة المواجهات وازدواج السلطات. نحن نقول: يتعين تعديل الدستور وانتخاب رئيس جديد ومجيء حكومة جدية وتعديل القانون الانتخابي. ما هي العوائق؟ هي تتعلق بحزب الله الذي يريد أن تكون للمعارضة ممارسة التعطيل إزاء أمور لا يوافق عليها.
* هل بحث الموضوع اللبناني مع رايس؟
ـ نعم.
* الشعور هو أن واشنطن أكثر تشددا بينما فرنسا تريد ترك الباب مفتوحا للوساطات؟
ـ التقيت رايس وفهمت منها أنها ما زالت على خطنا.
* وزيارتك الى لبنان؟
ـ بعد انتخاب الرئيس الجديد.
* هل أنت آسف على الانفتاح الذي أبديته على سورية؟
ـ ليس بعد.
* إذا ما زلت تأمل أن يستجيبوا وأن يلعبوا اللعبة؟
ـ لو لم يكن عندي أمل لما قمت بما أقوم به.
* هل صحيح أنك قلت للرئيس الأسد في حديثك الهاتفي الأخير معه إنك تضمن تشكيل الحكومة بحيث تضمن للمعارضة حصتها فيها؟
ـ أولا لا أستطيع أن أضمن ذلك للأنني لست لبنانيا. لقد قلت للرئيس الأسد إنه يتعين تأجيل البحث في تفاصيل تشكيل الحكومة الى ما بعد الانتخابات الرئاسية، وعندها سأكون مستعدا لأقول إنه يتعين أن تؤخذ بالاعتبار مشكلة الأقلية ومطالبها.
* هل لديك انطباع أن الإيرانيين يمكن أن يغيروا تصرفهم وأن يتجاوبوا مع المطالب الدولية؟
ـ إيران شعب كبير وأمة كبيرة، ولا يمكن أن نختزل إيران لما يقوله رئيسها في خطبه، ولا أستطيع أن أتصور أنه ليس ثمة نقاش داخل أعلى هرم السلطة في إيران (بخصوص الموضوع النووي). ثمة من يرى أنه لا فائدة من المخاطرة ببرنامج نووي عسكري.
* هل نتجه الى ضربة عسكرية ضد إيران؟
ـ ليس لي أن أقول ما سيفعله الأميركيون أو لا يفعلونه، ما أعتقده هو أن الجميع يخاطر عن طريق ترك هذه المشكلة الصعبة تتفاعل. ليست الحرب هي الهدف الذي نسعى اليه، لذا نقول بالعقوبات وندعو الى الحوار لتحاشي مثل هذا التأزيم.
* ثمة مشروع تتمسك به هو الاتحاد المتوسطي، لكن ثمة من هو غير متحمس أوروبيا مثل المانيا وغيرها أو متوسطيا؟
ـ هذا مشروع أؤمن به بقوة وأناضل من أجل إنجاحه. التردد لا يأتي من الجانب المتوسطي، لكن الظاهرة هي أن الجميع (أي الأوروبيين) يريدون المشاركة فيه ما يعني أنه مشروع ناجح وكثيرون يرون أن القطار الذي يمر هو قطار تاريخي وكل يسعى لتسلقه. أنا أرى أن الدول المتوسطية يحق لها أن تكون رافعة المشروع، وثمة مشاريع محسوسة ستقوم داخل الاتحاد (الجديد) ويمكن فتحها بوجه الدول التي ترى أنها معنية بها. والمستشارة الألمانية ميركل مثلا محقة بالقول إنها تهتم بموضوع الهجرة غير الشرعية (عبر المتوسط) بسبب وجود جالية تركية كبيرة في ألمانيا. وهناك مشاريع حول المياه وتلوث المتوسط والنووي السلمي، كلها تستطيع ألمانيا أن تشارك فيها، المهم ألا نقع في الصعوبات التي وقع فيها مسار برشلونة. الحديث حوله وبشأنه كثير والإنجازات قليلة.
* هل يمكن إقامة الاتحاد المتوسطي مع بقاء النزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي خصوصا أن الموضوع الفلسطيني موضع اهتمام وعطف شعبي في الدول المغاربية؟
ـ أفريقيا الشمالية على بعد 14 كلم من الشواطئ الإسبانية. صحيح هناك المشكلة الفلسطينية ولكن هذا لا يمنع من أن نعمل معا. وهناك اهتمامات مشتركة، أن نجعل المتوسط من أنظف البحور في العالم وأن نتحاشى أن يتحول الى بحر آرا: هذا مهم. هذه قضية لا علاقة لها بالموضوع الفلسطيني. في أي حال، وجدت اهتماما كبيرا بالمشروع في الجزائر وتونس والمغرب ومصر.
* لكن قيل لنا إن الرئيس بوتفليقة ليس متحمسا للمشروع وإنه يربط دعمه بتحول في الموقف الفرنسي إزاء النزاع الصحراوي؟
ـ الرئيس الجزائري قال لي إنه يدعم مسار الاتحاد المتوسطي. لقد زرت الجزائر مرتين. أما بخصوص عودة التوازن فأريد أن أقول إن الجانب المغربي قدم مبادرة الحكم الذاتي وقام بجهد لإيجاد حل للنزاع. كذلك فإن مجلس الأمن صوت بالإجماع على قرار يدعم قيام استقلال ذاتي والجميع رأوا فيه قاعدة جيدة للنقاش والحوار والتفاوض. وفي أي حال لست من الذين يعتقدون أن قيام جمهورية صحراوية من غير مخرج على البحر سيكون عامل سلام في المنطقة.
* ثمة من يدعو اليوم الى العودة الى السلاح؟
ـ علينا أن ننتهي من هذه المسألة التي لا يمكن تركها (من غير حل) لثلاثين سنة إضافية، هناك مشروع حل أيدته الأمم المتحدة، وهو شيء مهم.
* ماذا عن علاقاتك العربية، خصوصا أنك تتجول في العالم العربي وقريبا ستكون في مصر والشهر المقبل ستقوم بجولة خليجية؟
ـ لقد أقمت علاقات قوية مع عدد كبير من المسؤولين العرب الذين التقيهم باستمرار. ثمة علاقات صداقة تربطني مع الملك عبد الله الثاني ملك الأردن الذي التقيته ست مرات. ولقد تأثرت كثيرا من الغداء الذي ضمني الى الملك عبد الله العاهل السعودي. إنه رجل حكيم وأنا أكن له الاحترام. من جهة أخرى، تربطني علاقات صداقة مع أمير قطر ومع رئيس وزرائه، كما أنني التقيت مسؤولين من الإمارات والكثير من المسؤولين العرب. وفي سياق آخر، أرى أن الرئيس مبارك يتولى إدارة شؤون مصر بشكل ممتاز رغم الصعوبات التي تعاني منها بلاده. ومن جهته الرئيس بن علي يخصص نسبة عالية من الميزانية للتعليم وهذا شيء جيد. وإذا كانت ثمة مشكلة ديمقراطية في الخليج، فإن هذه الدول تبذل جهودا استثنائية للتحضر للمستقبل.
* ما هي الرسالة التي ستشدد عليها إبان جولتك الخليجية خصوصا على ضوء الملف النووي الإيراني؟ ـ نريد إلزام المجتمع الإيراني بفتح نقاش حول استراتيجية نعتبرها غير مسؤولة. العقوبات التي ندعو اليها ليست لمعاقبة الشعب الإيراني بل دفع المسؤولين الى التفكير.
* لكنكم تضغطون من جهة على إيران وتطلبون مساعدتها من جهة أخرى؟
ـ لم أطلب من إيران التدخل في لبنان. أنا لا أتحدث الى الرئيس الإيراني.
* ولكن وزير الخارجية ارسل الى طهران السفير كوسران؟ هل كنت غير راغب بذلك؟ هل كنت تعارض؟
ـ كلا. قلت دائما سياستنا التشدد والحوار.
(الشرق الأوسط)
ساركوزي: قمت بمخاطرة مع الأسد.. ولم تعد تكفيني الكلمات
نصيحة الى كل من يامل خير من النظام المافيوي السوري.النظام السوري مافيات لا يوثق به وسينشر مكروبه على الانسانية ويدمرها بالمليشيات الطائقية والمخابرات القذرة الارهابية فالصفقات لاتنغع وانما مساعدة الشعب السوري سلميا لتجفيف المستنقع القذر