ثارت الثائرة في جبيل ولم تهدأ بعد، على خلفية استقالة رئيس البلدية زياد الحواط، وترشحه للمقعد النيابي في الانتخابات المزمع إجراؤها في ايار/مايو من العام المقبل، مرشحا عن “حزب القوات اللبنانية”.
فور إعلان الترشح وبعده، بدأت تتكشف الملابسات التي رافقت العملية، والتي ستنعكس بشكل او بآخر على “الحواط “الشاب ما لم يستطع تداركها، حيث يبدو ان عمه “جان حواط”، امين عام “حزب الكتلة الوطنية”، أعرب عن استيائه من تسرع ابن شقيقه نسيب في إعلان ترشحه للانتخابات واتهمه ببيع تراث العائلة وتاريخها الحزبي، خصوصا ان العائلة برمزيتها “الكتلوية” التاريخية، لا تكن مشاعر الود للاحزاب المسيحية الاخرى التي سعت الى الغاء الكتلة الوطنية ليس من جبيل فحسب بل من كل لبنان.
أمين عام حزب الكتلة الوطنية جان حواط
وينقل زوار العم جان، وهم كثر هذه الايام بعد إعلان ترشح زياد، قوله إنه عازم على الترشح للانتخابات النيابية حفاظا على تراث العائلة ونضالها التاريخي، غير المعروض للبيع لاي حزب لبناني آخر! خصوصا ان زياد، كما ينقل الزوار، تقدم بأوراق انتسابه الى “حزب القوات اللبنانية”، وهو حاليا يحمل “بطاقة محازب”، ما افقده استقلاليته السياسية بعد ان خسر رئاسة البلدية!
وينقل زوار “العم جان” عنه ايضا، قوله إن “زياد” سلم كامل اوراقه نيابة عنه وعن العائلة من دون ان يستشير احدا، “وهذا ما لا نرضى به”!
المعلومات تشير ان استمرار جان حواط في ترشحه سينعكس سلبا على زياد، فهو سيخسر اكثر من 70% من اصوات الكتلويين الذين وإن كانوا غير منتظمين ومنظمين حزبيا في جبيل. فهم مناخ وجو ما زال يحظى بعناية “العم جان”، الحافظ إرث العائلة وتاريخها السياسي. وهو الذي يعمل على إبقاء الروح التي بثها العميد ريمون إده في الجبيليين تاريخيا باعثة على املهم بإحياء حضورهم السياسي في المنطقة وإن بطريقة محدثة، بعد ان عانوا الاقصاء والتهميش والقتل والاغتيال منذ العام 1975. وتوهموا ان “التيار العوني” سيعيد اليهم إعتبارهم فصوتوا لمرشحيه في الانتخابات النيابية 2005 و 2009، ولكنهم شكلوا رافعة لمرشحي التيار من دون ان يصيبهم اي شيء من منافع السلطة التي امتلكها التيار العوني، لا وزاريا ولا نيابيا. فكان توزير “كتلوي” يشترط انضمامه الى التيار العوني فيفقد صفته كمستقل، على غرار ما حصل مع الوزير شكيب قرطباوي، وهذا ما حصل ايضا مع زياد، وهذا ما لن يقبل به معظم انصار الكتلة الوطنية في جبيل.
وتضيف المعلومات ان تصويت الكتلويين في جبيل لصالح التيار العوني في الدورات السابقة كان على خلفية الخطاب العوني السابق المناهض للميليشيات عموما والمسيحية خصوصا، كرد فعل على ما تعرض له انصار “الكتلة الوطنية” في جبيل على يد هذه الميليشيات، في مقابل رمزية العماد عون كقائد للجيش باحث عن إعادة بسط سلطة الدولة وشرعيتها على حساب الميليشيات. وهذا ما لم يحصل مع زياد! فهو انتسب الى حزب لم يعد يريد العودة الى زمن الميليشيات، ولكن، بالمقابل، فهذا الحزب ولد من رحم حزب الكتائب، وعناصره المخضرمين كانوا في صفوف تلك “الميليشيا” التي أساءت الى الكتلويين، وهذا ما لم يمض عليه زمن النسيان او الغفران او المسامحة.
فلم يعتذر احد لسقوط ضحايا في جبيل في اقتتال مسيحي كان فيه انصار الكتلة الوطنية الحلقة الاضعف.
المعلومات تشير الى ان زياد الحواط سيواجه اكثر من مشكلة اوقع نفسه فيها، وهي تتصل بخياراته السياسية المتقلبة، والتي لم تفتح دفاترها بعد، والتي سترَتها انجازاته في مجال الانماء. فغلّب اهالي مدينة جبيل سمعته الانمائية على تقلباته السياسية، معتبرين ان سعيه الانمائي يبرر توسيع مروحة خياراته السياسية. فكان تيار المستقبل داعما رئيسا له في اول انتخابات بلدية فاز فيها الحواط برئاسة البلدية، واستمر هذا الدعم الى اليوم، وهو انتسب مؤخرا الى حزب القوات اللبنانية ليتبنى ترشيحه.
وايضا هناك ما يُخفى عن علاقات سياسية بالرئيس نبيه بري، على خلفية إنشاء مجمع تجاري في مدينة جبيل، طمعا في بعض اصوات الناخبين الشيعة المؤيدين لحركة امل في القضاء.
كثيرا فهو في مقتبل العمر ويمثل تجربة رائدة ونموذجا يتحذى في العمل البلدي الانمائي، وهذا ما عبر عنه النائب وليد جنبلاط، الذي علق مغردا على ترشيح الحواط: “اذا كنت لاختار بين النيابة ورئاسة بلدية جييل لاخترت جبيل من بعيد. فقط نصيحة او وجهة نظر”!
حليم وزياد الحواط
وتضيف ن زياد خالف وصيته التي لطالما تحدث عنها مشيرا الى انه لن يحيد عنها. وينقل اصدقاء زياد عنه ان والده حليم نسيب الحواط “اوصاه بعدم الجلوس الى طاولة أحد” وانه وقف عند قبر والده يؤكد التزامه الوصية فكيف به جالسا الى طاولة حزب القوات!