انقضت ٣٩ سنة على اندلاع “الحرب الأهلية” اللبنانية، ولكن آثارها لم تنتهِ بعد. وهذا طبيعي في الحروب الأهلية. فلم تطوِ إسبانيا صفحة حربها الأهلية، “البشعة” مثل حربنا اللبنانية، سوى في عهد الملك خوان كارلوس.
بعد النقد الذاتي لممثل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، السيد عبّاس زكي، في العام ٢٠٠٨، فإن خطاب السيد زياد العجوز يستحق التنويه لأنه يساهم في طي صفحة الحرب الأهلية بجانبها اللبناني وبجانبها الطائفي تحديداً، أي صفحة الحرب الأهلية بين المسيحيين والمسلمين. هذا صوت “سنّي” شجاع لأنه (من الجانب الآخر) يحيّي شهداء من كانوا خصوماً، ويعترف لهم بدفاعهم عن “مبادئ آمنوا بها واستشهدوا من آجلها”، بل ويدعو مسيحيي العراق للتشبّه بمقاومة القوات اللبنانية.
معه حق السيد زياد العجوز “أننا جميعاً كنا كحجر الشطرنج تم التلاعب بنا وزرع الفتنة الطائفية بيننا لتمرير المشروع الأخطر ليس لتقسيم لبنان كما كان يعتقد البعض، بل لإلغائه عن الخارطة الدولية..”!
هذا الكلام ليس “صك براءة” للقوات عن كل ما قامت به أثناء الحرب الأهلية. فقد ارتكبت “القوات” ومثلها “المرابطون” و”الأحزاب الوطنية والتقدمية” و”المنظمات الفلسطينية” فظائع يفضّل اللبنانيون الآن أن ينسوها. وهذا ما يدركه الدكتور سمير جعجع، سوى أنه كان الوحيد بين “أمراء الحرب” إلى تقديم “اعتذار” عن بعض ما قامت به “القوات”.
أهم ما في كلام السيد العجوز هو أنه يعيد الإعتبار لـ”وطنية لبنانية” كنا نتكبّر عليها في مطلع الحرب الأهلية ونفضّل عليها “ولاءات” و”إيديولوجيات” عابرة للحدود حتى لو أدت لدمار الوطن الصغير.
“سايكس-بيكو”؟ لِمَ لا، إذا كانت خلقت وطناً اكتشف أبناؤه أنه انتماؤهم المشترك والمفضّل!
الشفاف
*
النص كما نشره موقع “القوات”:
توجه رئيس مجلس قيادة حركة الناصريين الأحرار الدكتور زياد العجوز من رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع بالتحية بمناسبة ذكرى “شهداء المقاومة اللبنانية”، قائلاً :
“تحيون اليوم هذه الذكرى كي لا تنسوا ولا ينسى الآخرون الشهداء الذين سقطوا على الساحة اللبنانية دفاعاً عن مبادىء آمنوا بها وإستشهدوا من أجلها.. هذه المبادئ التي لم نكن نتصور يوماً بأننا سنراجع حساباتنا بها، كوننا كنا في الطرف الآخر من معادلة الحرب الأهلية المشؤومة..
لقد آن الأوان وبعد كل هذه السنوات، وأمام كل المستجدات والتحديات، أن نكون أيضاً من الجريئين وحيث جرأ الآخرون مثل الدكتور سمير جعجع الذي وبعد خروجه من المعتقل تحدث بلغة جامعة وطنية وحدوية تعيد لم الشمل وتبعد الفتنة الطائفية وشبح الحرب الأهلية السابقة ، في وقت يسعى به بعض تجار الحروب وراهني الأنفس للخارج إشعال تلك الحقبة مجدداً وبذرائع أخرى…
أمام مشهد إحياء ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية الذي نقدر ونحترم، لا بد أن نعترف بأن شرارة الحرب الأهلية إنطلقت عندما تم التلاعب بأذهان اللبنانيين وتحوير الحقائق وتزييفها، ليتمترس كل فريق خلف متراسه معتقداً أنه يدافع عن حقه… والحقيقة أننا جميعاً كنا كحجر الشطرنج تم التلاعب بنا وزرع الفتنة الطائفية بيننا لتمرير المشروع الأخطر ليس لتقسيم لبنان كما كان يعتقد البعض، بل لإلغائه عن الخارطة الدولية وجعله الوطن البديل للأخوة الفلسطينيين ضمن مؤامرة حيكت بكل ذكاء، فكان وقودها لبنان واللبنانيين…
لا نريد النبش في دفاتر الماضي، ولكننا وبكل جرأة نقول بأن كان الهدف من إشعال الحرب الأهلية إزالة الوجود المسيحي في لبنان تحت عناوين مختلفة من اليسار الى اليمين، وبالتالي إزالة لبنان، إذ لا وجود للكيان اللبناني دون المسيحيين…
وما أقرب تلك الأيام في أذهاننا الى ما يحدث اليوم في المنطقة العربية… ولكن الفرق بين تلك المرحلة وهذه بأن هناك لبنانيون مسيحيون رفضوا الإستسلام وقاوموا واستشهدوا دفاعاً عن قضيتهم وأفشلوا هذا المخطط الجهنمي، فبقوا في لبنان ودافعوا عن مبادئهم ليبقى لبنان.
في الوقت الذي وللأسف إستسلم إخواننا المسيحيون في مؤامرة إلغائهم من العراق، ويا ليتهم تعلموا من مدرسة المقاومة اللبنانية، حينها لا داعش ولا حالش تستطيع إقتلاعهم من أرضهم.
ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية تمر اليوم، والظروف تغيرت والتحالفات أيضاً، وإنقسم لبنان الى فريقين، فريق يحمل هموم الوطن ويؤمن بالوحدة الوطنية والحرية والسيادة… وفريق يؤمن بولائه للخارج لولاية الفقيه ويجر معه عبيد تحت جناحه يتخذهم مطية لمؤامرته ومخططه.
في ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية نتوجه من رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع بتحية وطنية كبيرة، فهو هذا القائد الذي رفض المساومة على مبادئة والمتاجرة بها رغم كل المغريات التي قدمت له، فأخذ قراره التاريخي الجريء، بأن الإعتقال بكرامة أفضل من العيش بالذل والخيانة…
ما أقدم عليه الدكتور جعجع، لم يجرؤ أن يقدم عليه أمراء الحرب، الذين باعوا القضية ووصلوا الى مناصب لم يحلموا بها يوماً..
نعم ، نحن اليوم أمام مفترق طريق، نمد يدنا لبعضنا البعض لننقذ لبنان مما هو مخطط له من مشاريع جهنمية تتجدد بين الفترة والأخرى..
وندائي الى الأخوة المسيحيين في ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية، أن لا يقعوا في فخ خديعة النظامين الفارسي والأسدي لزرع فتنة بين أهل السنّة والمسيحيين يحاولون بشتى الطرق أن يوجدوا هذا الشرخ ، لأن هذا التضامن التاريخي يمنعهم من تنفيذ مخططاتهم… وعلينا أن نعلم بأن داعش هذا التنظيم الإرهابي لا علاقة له بالإسلام ولا بأهل السنّة، بل هم تنظيم مرتزق أوجده تحالف شيطاني سوري ايراني وبدعم أميركي ليقوم بما يقوم به، وعندما يأتي قرار إنهائه، سيكون أيضاً وفقاً لأجندتهم بعد أن أظهروه بهذه القوة الإرهابية الهائلة التي سيتبجحون بإنهائها كما أوجدوها ولكن ضمن مقاييس ومعادلة تخدم مصالحهم ليطهروا صورتهم أمام العالم أجمع متناسين جرائمهم الحقيقية. نعم داعش وحزب الله وجهان لعملة واحدة ، وهما الى زوالٍ حتماً”.
تحية للقوات اللبنانية… تحية لكل الشهداء… تحية لكل لبناني يؤمن بوحدة لبنان وعيشه المشترك، وبأن لا فرق بين لبناني وآخر سوى بمقدار تضحياته من أجل الوطن”.
زعيم “المرابطون” يحيّي ذكرى شهداء “القوات”!
إنها صفعة جبارة على سحنة الغول الشمولي. ليتها لا تبقى يتيمة. لبنان التعددي رغم الأهوال خطر لا بل إنه الخطر المميت على حالش ودواعشها.
زعيم “المرابطون” يحيّي ذكرى شهداء “القوات”!
عنوان المقال خاطيء
د. زياد العجوز لا علاقة له بحركة الناصريين المستقلين – قوات المرابطون