اكد وزير العدل اللواء اشرف ريفي انه “بعد عقدٍ على جريمة 14 شباط 2005 يَظهر من سياق الأمور انها لم تكن إغتيالاً لزعيم لبناني محلي هو الرئيس الشهيد رفيق الحريري بقدر ما كانت عملية لإزاحة عقبة من امام المشروع الايراني – الفارسي في المنطقة العربية”، معلناً “لا أستبق عمل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لكن من موقعي السابق كمسؤولٍ عايَش التحقيق الدولي أنا واثق من ان جريمة اغتيال الرئيس الحريري ارتُكبت بقرار مشترك سوري – ايراني، اما التنفيذ فأصبحنا نعرف ان “حزب الله” أُمر بالقيام به، وانا على اقتناع بأن المحكمة ستصل الى هذه النتيجة”.
واعتبر ريفي في حديث الى صحيفة “الراي” الكويتية يُنشر غداً الأحد “ان الرئيس سعد الحريري كان واضحاً في خطابه الأخير الذي ترك صدى ايجابياً لدى الناس”، لافتاً الى ان الحريري “لم يبالغ في التوقعات عندما تحدّث عن الحوار مع “حزب الله”، وهو أكد في الوقت نفسه ان ثوابتنا تبقى ثوابت، ورؤيته كانت واضحة بالنسبة الى ايجابيات الحوار لجهة تنفيس الاحتقان السني – الشيعي في هذا الوقت المستقطع”.
تجربة الصحوات مع نوري المالكي فاشلة ولن نعيدها في لبنان و”حزب الله” سيندم على اللحظة التي خرج فيها من الأراضي اللبنانية
ورداً على سؤال، أعرب عن اعتقاده “انه لا يمكن في الحوار أخْذ اي شيء استراتيجي من “حزب الله” الذي لاستراتيجياته آليات اخرى، ولكن يمكننا في هذا الوقت المستقطع إعطاء جرعة ترييح موقت للبلد ما دام يتعذر علينا إعطاءه الدواء اللازم، اي اننا يمكن ان نكون امام إحتقان اقلّ، أما المسببات الفعليّة فتحتاج الى آليات أخرى لها ظروف أخرى”.
وعن دعوة الامين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله الآخرين في لبنان للذهاب معاً الى سورية والعراق، قال ريفي: “هو يدعونا الى مائدة مسمومة. ومَن قال إننا يمكن ان نشاركه في نصرة حاكم ظالم وتوتاليتاري كبشار الاسد او ان نصبح جزءاَ من المشروع الفارسي الذي لا يمكن ان ينتصر؟“، مضيفاً: “اذا كان لدى السيد نصرالله وهْم بأنه سينتصر، فهو لا يعرف قراءة التاريخ وعِبره. وفي اعتقادي ان “حزب الله” ذاهب لانتحاره، وغالباً ما كنت أقول ان المشروع الايراني لن يسود الا لفترات آنية فقط، وأكبر دليل انه لم ينجح في الامساك بأي ساحة. هو قادر على إحداث خرْبطات فيها لكنه أعجز من ان يحسم في اي ساحة، وكلما وسّع جبهاته سرّع في إنتحاره”. وتابع: “الايرانيون لم يحسموا الامر في اي ساحة او جبهة، سواء عبر الحرس الثوري او فيلق القدس وقاسم سليماني. وتالياً كفى افتعال اوهام او اساطير”.
وعن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الارهاب التي أضيفت بنداً الى حوار “المستقبل” – “حزب الله”، قال ريفي: “إحدى مقوّمات الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الارهاب التي نراها، وكنتُ أحضّر مشروعاً في هذا السياق وبلغتُ مرحلة متقدمة فيه، تتضمن تجريماً لاي قتال لمواطن لبناني خارج أراضي لبنان، سواء كان “حزب الله” او غيره. وأنا أصرّ على وجوب تجريم اي قتال لأيّ لبناني خارج الأراضي اللبنانية كما نجرّم مَن يقاتل على الأراضي اللبنانية”.
وسئل: هل هذا هو الموقف الذي تم إبلاغه الى “حزب الله” على طاولة الحوار؟ فأجاب: “لا. انا أتحدث هنا عن وجهة نظري. ولم يتحدث أحد بعد في التفاصيل، واليوم ما يُطرح هو عناوين. ولكن انا كوزير عدل وأمنيّ أقول إن كل بلدان العالم في استراتيجياتها للدفاع عن أوطانها استجدّ بند يتعلق بتجريم القتال خارج أراضي الدولة. وسنضمّن الاستراتيجية الوطنية تجريم اي قتال (خارج لبنان) لان هذه احدى مسببات الخرْبطة الداخلية. فكما تأتي “النصرة” و”داعش” لـ “تخربط” الوضع في لبنان، فذهاب “حزب الله” الى سورية “يخرْبط” ايضاً الجو في البلد. والاستراتيجية الوطنية هي البحث عن كيفية منْع كل الأسباب التي “تخربط” الوضع الداخلي”.
وهل هذا الموقف سيتبنّاه تيار “المستقبل”؟ أجاب: “أنا لم أطرحه بعد ولكنني مصرّ عليه. وكوزير عدل انا أحضّر الاستراتيجيات، وكأمنيّ انا معني بالاستراتيجيات. وإنطلاقاً من خبرتنا مع كل الدول، نجد ان كل الاستراتيجيات الوطنية في اي دولة تتضمن تجريماً للقتال خارج اراضي الدولة. وهذا ما بدأت اليوم اوروبا وأميركا تنحوان في اتجاهه، وهم باتوا مربكين بقضية أبنائهم الذين يذهبون للقتال في سورية ويعودون الى بلدهم”. واضاف: “من هنا على “حزب الله” ان يعرف ان هذا بند اساسي في الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الارهاب، اي اننا سنجرّم اي قتال لأيّ لبناني خارج الأراضي اللبنانية”.
لن نسمح بأن يحصل تنسيق مع نظام الأسد او جيشه فهل إجرامه أقلّ من إجرام “داعش” او “النصرة”؟
واذ شدد على “ان تجربة الصحوات مع نوري المالكي فاشلة ولن نعيدها، ونحن نضع استراتيجية وطنية لحماية لبنان وبالتأكيد الإمرة فيها للدولة اللبنانية بما يضمن حماية اراضينا”، قال رداً على سؤال “ان “حزب الله” سيندم على اللحظة التي خرج فيها من الأراضي اللبنانية”.
وعن مطالبة السيد نصرالله بالتنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري وحكومتيْ البلدين، قال: “مع جيش بشار الأسد؟ انا كوزير لا يمكن ان أوافق على مثل هذا الامر. ليسمح لنا. وهل إجرام بشار الاسد أقلّ من إجرام “داعش” او “النصرة”؟ وهل قتْل الاطفال بالبراميل المتفجرة جريمة ضد البشرية ام لا؟ اذاً هذا مجرم وهذا مجرم وهذان وجهان لعملة واحدة. ولن نسمح بأن يحصل تنسيق مع نظام الأسد او جيشه”.
وفي حين اعتبر “ان اي شيء يوحّد موقفنا هو عنصر قوة وكل ما يفرّقنا في الموقف هو عنصر ضعف”، لفت الى “ان “حزب الله” لم يكن مرة قيمة مضافة للقوة اللبنانية بل على العكس هو قيمة ناقصة لها لانه يضرب الإجماع حول لبنان”، مضيفاً: “في رأيي الحزب ارتكب خطأ استراتيجياً بانخراطه العسكري في سورية، وهو يدفع ثمناً غالياً جداً من دماء شباب لبنانيين يسقطون في ساحات غير لبنانية وليس في وجه العدو الاسرائيلي، علماً اننا ننحني امام مَن يسقط في مواجهة هذا العدو”.
وسئل: “فيما نتحدث عن إستراتيجية لمكافحة الارهاب، من الواضح ان “حزب الله” يبني إستراتيجيات خاصة ولا سيما لجهة ربْط الجنوب بالجولان والكلام عن قواعد إشتباك جديدة مع اسرائيل … وهناك انطباع ان “حزب الله” في النهاية يأخذ الآخرين الى حيث يريد؟”، فأجاب: “لا يمكنه أخْذنا الى حيث يريد. لدينا رؤية لبنانية وطنية صافية، كما نملك خبرة في كيفية حماية بلدنا، ولا نرى ذلك كما يفعل “حزب الله”، ونعتبر ان سلوكه على هذا الصعيد هو إغراق للبلد وفتح لنوافذ النار على لبنان وجرّ له الى جحيم كبير”.
وقيل للوزير ريفي: “لكن في الواقع “حزب الله” يأخذ لبنان إستراتيجياً الى حيث يريد؟”، فكان جوابه: “آنياً. وهو يأخذ البلد على هذا الصعيد بقوّة السلاح، وأعتبر ان هذا الامر لن يستمر، واذا أعطانا الله الحياة سنذكّر بعضنا البعض بأن “حزب الله” سيندم على الدور الذي أوكل له إيرانياً”.
واذ اكد رداً على سؤال انه “على المستوى الأمني الأمور مضبوطة وهناك قرار اقليمي ودولي بتحييد لبنان عن النار”، قال: “كل القوى اللبنانية لها مصلحة في عدم تفجير الساحة الداخلية أمنياً بما في ذلك “حزب الله” الذي لا يمكنه ان يشارك بالقتال في سورية فيما قاعدة انطلاقه ملتهبة”، ومن هنا فان من مصلحته تهدئة الساحة الداخلية، وقد استفدنا من هذا المعطى، وعلينا واجب تعزيز هذا المناخ اي ان نُبقي الامور هادئة بقدر المستطاع في هذا الوقت الميت الذي يتعين تمريره بأقل مشاكل”. واضاف: “الرئيس سعد الحريري أحسن حين ذكّر بثوابته، لان الناس لا يمكن ان تغفر الذهاب الى مشروع “حزب الله”، وعلى الحزب ان يعرف بدوره انه لن يستطيع جرّنا مهما كلّف الأمر، فنحن شركاء متساوون في الوطن، وأكيد أنه تفوّق علينا بقوة سلاحه، ولكن حامل القلم اذا كان مدركاً لثوابته ومتمسكاً بها ويقف من الندّ الى الندّ بوجه ما يعاكسها فان بإمكانه خوض حوار متكافئ”.
وفي الملف الرئاسي، اعتبر “انها جريمة وطنية عدم انتخاب رئيس للجمهورية قبل 25 ايار 2014، وهذه الجريمة يتحمل مسؤوليتها كل مَن ساهم في تعطيل الانتخاب”. وقال: “اليوم نعيش في منطقة عاصفة، ومظلة الأمان للواقع اللبناني ينقصها رأسها اي رئيس الجمهورية. وهذه الجريمة لها تداعيات بالتأكيد سواء على صعيد عمل مجلس النواب المتعثر او مجلس الوزراء الذي اضطر لإختراع آلية لاتخاذ القرارات بما يسمح بتمرير الحد الأدنى من الأمور، اضافة الى ان ثمة حاجة للدفاع عن حدودنا وساحتنا الداخلية، وهذا يحتاج الى قرار سياسي كامل يشارك في اتخاذه كل اللبنانيين. ومن هنا أرى أن عدم انتخاب رئيس للجمهورية ضمن المواعيد الدستورية جريمة كبرى”.
واذ رأى “ان القرار الاقليمي لحزب الله هو بعدم إجراء انتخابات رئاسية لترْك هذه الورقة بيد ايران في اطار المفاوضات الايرانية – الغربية”، أعرب عن اعتقاده “ان لا انتخابات رئاسية في المدى المنظور”.
وحين سئل: “لماذا لا تسيرون بالعماد عون وألا تشجّعون الدكتور سمير جعجع على تأييده؟”، أجاب: “في قناعتي انه اذا سرنا بالعماد عون، فان “حزب الله” لن يسير به وانا مسؤول عن كلامي”.