كيف ستخرج فرنسا من “مأزق” صفقة “الميسترال” مع روسيا؟
“الميسترال” هي حاملات هليكوبتر تُعتبر بين السفن الحربية الأكثر تقدّماً في العالم كانت فرنسا في عهد ساركوزي قد وافقت على بيع إثنتين منها لروسيا.. ولكن ذلك كان قبل اندلاع الأزمة الأوكرانية. وباعتراف أحد الجنرالات الروس، فإن غزو جيورجيا في ٢٠٠٨ كان سيتطلب يومين بدل أسبوعين لو كانت روسيا في حينه تملك سفناً مثل “الميسترال”.
إندلاع الأزمة الأوكرانية وضع الرئيس الفرنسي “فرنسوا أولاند” في وضع مستحيل. ففرنسا تشارك في العقوبات المفروضة على روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا. والحلفاء يطالبون فرنسا بإلغاء الصفقة ، ولكن وضع الخزينة الفرنسية لا يشجع على إلغاء صفقة بقيمة ١،٣ مليار أورو، عدا أن إلغاء الصفقة سيكبّد فرنسا ٢٥٠ مليون أورو.
وحسب مصدر مطّلع على ملف صفقة “الميسترال” تحدثت معه مجلة “باري ماتش”، فإن فرنسا، إذا ألغت الصفقة، ستجد صعوبة في بيع السفينتين لدولة أخرى لأن قسماً من تجهيزات السفينتين جاء من روسيا! ولذلك السبب، تؤكد وزارة الدفاع الفرنسية أنه “لبيع السفينتين إلى كندا أو المغرب فلا مفر من الحصول على موافقة فلاديمير بوتين”!
وعدا ما سبق، فإن روسيا تلعب ورقة ”الحليف الهندي” لتشديد الضغوط على فرنسا. فقد لوّحت روسيا بأن الهند يمكن أن تلغي المفاوضات الجارية مع فرنسا لشراء مقاتلات ”رافال” إذا امتنع الفرنسيون عن تسليم ”الميسترال” لروسيا. بالمقابل، ينقل مصدر روسي أن الهند ابدت اهتماماً بشراء ٣ إلى ٥ سفن ”ميسترال”، وأن الصفقة يمكن أن تتم إذا ورد عرض مناسب من شركة ”دي سي إن إس” الفرنسية المصنّعة لـ”الميسترال” بالشراكة مع ورشات ”أو إس كا” الروسية.
البحارة الروس سأموا الإنتظار في ”سان نازير”
بانتظار قرار الرئيس أولاند، فإن ٥٠٠ بحّار روسي يتواجدون في مدينة ”سان نازير” الفرنسية لاستلام السفينتين. وينام ١٠٠ بحار في السفينة الروسية ”سمولني”، في حين ينام ٤٠٠ آخرون في حاملة الهليكوبتر ”سيباستوبول” لأن فرنسا لم تسمح لأي منهم بالصعود إلى ”فلاديفوستوك”. وتم نقل السفينة الأولى، وتدعى ”فلاديفوستوك” إلى حوض ”جوبير” المقفل، في حين تم إنزال السفينة الثانية، “سيباستوبول”، إلى المحيط مباشرة “وسط جو من الكتمان”. ولكن “الكتمان” صعب حينما تتحرّك سفينة طولها ١٩٩ متراً!
ويقول البحارة الروس أن ”رؤساءنا أبلغونا أن السفينة الأولى ينبغي أن تبحر في الأسبوع المقبل. وهذا ثالث إعلان عن قرب الرحيل، ولكننا ما زلنا هنا”! وكانت وكالة ”صوت روسيا” قد أعلنت أن ٢٠٠ من البحارة الروس سيبحرون على متن السفينة الأولى قبل ٢٧ تشرين الثاني/نوفمبر الحالي، كما كشفت عن تعيين نائب أميرال للإشراف على نقل السفينة الأولى
ويبدي البحارة الروس إعجابهم بالسفن الفرنسية “لأنها مريحة، وتعطي أجهزتها الإلكترونية المتقدمة الإنطباع بأننا في غواصة وليس في سفينة حربية”!
أما قصر الإليزيه فيبدو حائراً ومرتبكاً. ويعتقد الرئيس الفرنسي أن لديه ٣ أشهر لاتخاذ قراره قبل أن تصبح فرنسا ملزمة بدفع ”عقوبات التأخير”. ولكن مصدراً فرنسياً مقرّباً من الروس يشير إلى أن مهلة الثلاثة أشهر قبل فرض العقوبات تنطبق في حال نشوء ”صعوبات فنّية”، ولكن ”ليست هنالك أية مشكلة فنّية”!
وقد تأزّم الوضع في الأسبوع الماضي بعد خروج مظاهرتين في مدينة ”سان نازير”: مظاهرة مؤيدة لأوكرانيا تدعو لإلغاء الصفقة. ومظاهرة نظّمتها نقابات العمال تدعو لتسليم السفينتين لروسيا! وفي هذه الأثناء، فإن ”اللوبي” المؤيد لروسيا يشمل الرئيس السابق نيقولا ساركوزي، ورئيس حكومته فرنسوا فيّون، ومرشّح اليسار في الإنتخابات الرئاسية الماضية جان-لوك ميلانشان، عدا عدد كبير من رجال الأعمال.