رسالة 14
عدد – 11 –
15 نيسان 2010
أولاً – لا مفر من البدء من الوضع الإقليمي حول لبنان أي من لبنان في الإطار الإقليمي
1. بالنسبة إلى ما سمّته واشنطن “قلقها” على لبنان من خطر يتهدّده في ضوء “التقارير” التي تتحدث عن تسليم سوريا صواريخ “سكود” إلى “حزب الله”.. والكشف عن تدخل أميركي حصل قبل أسابيع حال دون قصف إسرائيل لمواقع داخل لبنان:
• صحيح أن التصريحات الأميركية العلنية بين أمس واليوم تتحدث عن “احتمال” دخول صواريخ “سكود” أي إنها لا تجزم.
• غير أن تبليغ القلق الأميركي لسوريا بشأن هذا “الاحتمال” يعني أن واشنطن تمتلك معلومات حول هذا الموضوع. وذُكر سابقاً أن السيناتور الأميركي جون كيري بحث هذا الموضوع رسمياً مع الرئيس السوري بشار الأسد عندما التقاه قبل بضعة أسابيع.
• هذا فيما تؤكد إسرائيل دخول “السكود”.
• وفيما كان قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي الجنرال ديفيد بترايوس يعلن في محاضرة قبل يومين أن إيران تزود “حزب الله” و”حماس” بما سمّاه “صواريخ أكبر وأكبر”، ويقول إنه تم سابقاً “اعتراض” أسلحة مرسلة من إيران إلى “حزب الله” خصوصاً (راجع رسالة واشنطن في صحيفة “الرأي” الكويتية الصادرة اليوم).
• باختصار، إن أميركا وإسرائيل تطرحان في العمق مسألة تزايد القدرة العسكرية نوعاً لدى “حزب الله” من جهة ودور سوريا في هذا التطور من جهة أخرى.
2. حيال التأكيد الإسرائيلي لدخول “السكود” وتهديدها لبنان وسوريا، وبإزاء “المعرفة” الأميركية بـ”الواقعة” وبزيادة تسلح “حزب الله”، برز ما يأتي:
• نفيٌ من الخارجية السورية لما سمّته “المزاعم” الإسرائيلية الهادفة بحسب دمشق إلى توتير الأجواء والتهيئة لعدوان محتمل”. أي رد سوري على إسرائيل وليس على أميركا.
• عدم صدور أي موقف أو تعليق رسمي من جانب “حزب الله”.. حتى الآن.
• في وقت كشفت أخبار إعلامية منسوبة إلى الحزب أن حاجته إلى “السكود” غير قائمة.
• في حين يملك صواريخ يعتبرها أدق وأقل انكشافاً من نوع “فاتح 110”.
• ويملك صواريخ أرض – جو منشورة في كل لبنان من الجنوب إلى البقاع إلى الشمال.
3. على أن لدى “حزب الله”، على ما يبدو، قراءة سياسية للاحتمالات:
• تنهضُ هذه القراءة على “فكرة” يكرّرها باستمرار وهي أن إسرائيل التي تخاف من توازن الردع الذي أرساه “حزب الله” ويرسيه، تخاف من الدخول في معركة معه.
• وتنهضُ على أن ما يردع إسرائيل عن الحرب سياسياً، عامل مهم هو الإستراتيجية المشتركة التي تمّ الاتفاق عليها في “قمة” دمشق بين الأسد وأحمدي نجاد وحسن نصر الله، وهي الإستراتيجية التي تجعل الحرب على أي طرف حرباً على الأطراف الثلاثة معاً تتم مواجهتها من الثلاثة.
• وتنهض على رهانين سياسيين إضافيين أيضاً: ما يعتبره الحزب ضعفاً لدى الإدارة الأميركية الغارقة في الأزمات أولاً وأزمة الخلاف بين إسرائيل والولايات المتحدة التي تجعل إسرائيل غير قادرة وتمنع أميركا من دعم إسرائيل بحسب وجهة نظره ثانياً.
• كما تنهضُ، انطلاقاً مما تقدم على اعتبار أن كل ذلك يجعل الولايات المتحدة والمجتمع الدولي غير القادرين على مواجهة الملف النووي الإيراني، غير قادرين ايضاً على اجتذاب إسرائيل إلى عملية سلمية متجددة.
• وفي كل ما سبق ذكرهُ، بين تهريب سوريا صواريخ إلى “حزب الله” وبين المعلومات المنسوبة صحفياً إلى “حزب الله”، ثمة تسريب سوري مفاده أن دمشق طرفٌ في أي مواجهة لإسرائيل (بالرغم من ظاهر خوفها منها)، وثمة تسريب حزب اللهي مفاده أن هناك “مثلث مواجهة” متماسك بين دمشق وطهران و”حزب الله”.
4. في ما تقدم، حديثٌ عن “التوتر الحربيّ” حول لبنان، لكن من زاوية هل تشن إسرائيل حرباً أو تمتنع عن شنّها. غير أن للأمر جوانب أخرى:
• لا شك أن العوامل التي تنهض عليها قراءة “حزب الله” وتقديراته ليست في مكانها.
• على الأقل من زاوية رهانه على ضعف الإدارة الأميركية ومن زاوية رهانه على الأزمة الإسرائيلية – الأميركية.
• على أننا نلفت إلى حقيقة أن للانفجار الإقليمي حول لبنان مصدرين أحدهما إسرائيل لكن ثانيهما إيران.
• أي أن الانفجار – الحرب – قد يحصل بمبادرة إيرانية.
• على أساس ما يأتي: اكتمال مشهد الاتفاق الدولي على فرض عقوبات قاسية على إيران، هروب إيران إلى “الخربطة” عبر إشعال مواجهة مع إسرائيل بـ”حجّة” دعم فلسطين أو بواسطة “حزب الله” بذريعة التعديات الإسرائيلية، فكّ العزلة بأخذ “راية” الصراع مع إسرائيل، أو على قاعدة “التكبير” من أجل “التصغير”.
• ولذلك، وسط هذه التطورات المتلاحقة، فإن “رسالة 14” تشدد على أولوية هذا الأمر في الأسابيع القليلة المقبلة.
ثانياً – في ما يتعلق بالاجتماع الثاني لهيئة الحوار الوطني في بعبدا اليوم
1. حول القرارات الرسمية الصادرة عن الاجتماع:
• قياساً إلى بهورات فريق 8 آذار قبل الاجتماع، لاسيّما بشأن فصل “سلاح حزب الله” عن الإستراتيجية الدفاعية، فإن القرارات المعلنة “إيجابية”.
• إذ إنها لم تتحدث عن “الفصل”.
• وأكدت المضي في عنوان الإستراتيجية الدفاعية، ولم يُسحب السلاح من التداول. وثُبتت حصريّة بند الإستراتيجية على الطاولة.
• وأكدت على الإجماعات السابقة ودعت إلى تنفيذها.
• ولم تنفجر طاولة الحوار بالتالي.
2. لكن قياساً إلى المخاطر الراهنة المباشرة التي تتهدد لبنان، يلاحظ الآتي:
• إنها لم تخطُ خطوة إلى الأمام لناحية التأكيد سياسياً أن ثمة إجماعاً لبنانياً على أن تقود الدولة بسلطتها الشرعية المواجهة السياسية لتلك المخاطر من غير أي عمل من وراء ظهر الدولة والسلطة.
• أي أن بين هيئة الحوار والأخطار مسافة كبرى.
• فهل يمكّن مجلس الوزراء تالياً من أن يكون إطاراً لمناقشة الأخطار وتحديد الخطوات؟.
• إن الخلاصة هي: انطلاقاً من إستراتيجية النقاط السبع التي أقرتها 14 آذار، لا بد من تقدير للموقف السياسي ولحجم الأخطار ولا بد من خطة عمل، لأن النقاط السبع “خلفية” وليست “خطة” عملية.